( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما ( 32))
قوله تعالى: ( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) الآية ، قال مجاهد: قالت أم سلمة: يا رسول الله إن الرجال يغزون ولا نغزو ولهم ضعف ما لنا من الميراث ، فلو كنا رجالا غزونا كما غزوا وأخذنا من الميراث مثل ما أخذوا. فنزلت هذه الآية.
للرجال نصيب مما اكتسبوا
وقالت النساء: نريد أن يكون لنا أجر مثل أجر الرجال الشهداء ، فإنا لا نستطيع أن نقاتل ، ولو كتب علينا القتال لقاتلنا فأبى الله ذلك ، ولكن قال لهم: سلوني من فضلي قال: ليس بعرض الدنيا. وقد روي عن قتادة نحو ذلك. وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس: قوله: ( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) قال ولا يتمنى الرجل فيقول: " ليت لو أن لي مال فلان وأهله! " فنهى الله عن ذلك ، ولكن يسأل الله من فضله. وكذا قال محمد بن سيرين والحسن والضحاك وعطاء نحو ذلك وهو الظاهر من الآية ولا يرد على هذا ما ثبت في الصحيح: " لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ، فيقول رجل: لو أن لي مثل ما لفلان لعملت مثله. فهما في الأجر سواء " فإن هذا شيء غير ما نهت الآية عنه ، وذلك أن الحديث حض على تمني مثل نعمة هذا ، والآية نهت عن تمني عين نعمة هذا ، فقال: ( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) أي: في الأمور الدنيوية ، وكذا الدينية أيضا لحديث أم سلمة ، وابن عباس. هل من حق المرأة أن تنفصل بذمتها المالية عن الزوج؟.. الشيخ أحمد كريمة يجيب - اليوم السابع. وهكذا قال عطاء بن أبي رباح: نزلت في النهي عن تمني ما لفلان ، وفي تمني النساء أن يكن رجالا فيغزون. رواه ابن جرير. ثم قال: ( للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) أي: كل له جزاء على عمله بحسبه ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر.
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة النساء - القول في تأويل قوله تعالى " للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن "- الجزء رقم8
لابد من ذكر هذه المقدمة حيث تُثار الآن قضية المساواة بين الجنسين. 1 ـ المساواة في مفهومها الصحيح هي إتاحة الفرصة لكل من الرجل والمرأة أن يُكمِّل نفسه ماديًّا وأدبيًّا، وبهذه الإتاحة تكون المساواة، بصرف النظر عن حجمها ونوعها، قال تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبُوا وللنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبْنَ) (سورة النساء: 32)، وقال: (لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أْوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) (سورة آل عمران: 195) وذكر حديث وافدة النساء أنَّ حسن قيام المرأة بواجبها نحو زوجها وأولادها يَعْدِل ما يَقُوم به الرجل من مهامَّ. للرجال نصيب مما اكتسبوا. 2- وقد جعل الله لكل من الرجل والمرأة خصائص واستعدادات تتناسب مع الدور الحيوي الذي يؤديه في الدنيا، في جو من التعاون على تحقيق الخلافة في الأرض، فالخصائص البيولوجية مختلفة فيهما، وليست متساوية تمامًا، ولها تأثير على الفكر والعاطفة، وبالتالي على السلوك. وعلى أساسها كان توزيع الاختصاص في هذه الشركة التعاونية. قال تعالى:(الرِّجَالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) (سورة النساء: 34) ومن هنا لا يصح أن يقول واحد منهما: لماذا لا يعطيني الله مثل ما أعطى الآخر، وإلا لما كان هناك داع إلى خلق نوعين.
هل من حق المرأة أن تنفصل بذمتها المالية عن الزوج؟.. الشيخ أحمد كريمة يجيب - اليوم السابع
ما هو النصيب
إن مفهوم النصيب يتجلى في أنه الحظ والقدر، فيقال هذا نصيب فلان من الميراث أي هذه هي حصة فلان من الميراث، ويقال عن فتاة أن نصيبها أن تتزوج بفلان أي قدرها أن تصبح زوجته في الحياة الدنيا، وإن كلمة النصيب قد تم ذكرها في القرآن الكريم حيث أنها وردت في واحد وعشرين موضعاً، وإن الآيات الكريمة التي وردت فيها هي:
أُولَٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ.
▪️لا يتعلق أخذ الزّوجة حقّ كدّها وسعايتها من ثروة زوجها بانتهاء زوجيتهما بوفاة أو انفصال، وإنما هو حقّ للمرأة حال حياة زوجها وبقاء زوجيتهما، لها أن تأخذه أو تتسامح فيه؛ إذ الأصل فيه أنه مال للزوجة جعلته على اسم زوجها لاتحاد معايشهما ومصالحهما الأسرية. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة النساء - القول في تأويل قوله تعالى " للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن "- الجزء رقم8. ▪️يُستوفَى حقّ المرأة في الكدِّ والسعاية من تركة زوجها المُتوفَّى مع قضاء ديونه، وقبل تقسيم تركته قِسمة الميراث الذي تَستحقّ منه نصيب الزوجة، أي: فرض الرّبع إن لم يكن لزوجها أولاد، أو الثّمن إن كان له أولاد منها أو من غيرها. ▪️حقّ المرأة في الكدّ والسّعاية مُتعلق بأعمال ومُعاملات الزّوجين الماليّة دون غيرها إن اشتركا فيها بالمال والعمل أو بأحدهما على النّحو المذكور آنفًا. ▪️أعمال المرأة المنزلية لا تدخل في حقّ الكدّ والسّعاية، فعمل الرّجل خارج المنزل خدمة ظاهرة لزوجته وأهل بيته حتى يُوفر لهم النّفقة، وأعمال المرأة المنزلية خدمة باطنة لزوجها وأبنائها حتى يتحقّق السّكن في الحياة الزّوجية. ▪️نفقة الزّوج على زوجته بحسب يساره وإعساره حقّ واجب عليه قرّره الإسلام لها، ولا يُغني التزام الزّوج بالنّفقة على زوجته عن حقّها في كدّها وسعايتها في عملٍ كَوَّن ثروتهما على النحو المذكور.