والمراد ب { قومه} هنا بعض القوم ، وهم الذين حضروا مجلس دعوة موسى هؤلاء هم الملأ الذين كانوا في صحبة فرعون. فاستخف قومه فأطاعوه سورة. والسين والتاء في { استخف} للمبالغة في أخَفّ مثل قوله تعالى: { إنّما استْزَلَّهُمْ الشيطان} [ آل عمران: 155] وقولهم: هذا فِعلُ يستفزّ غضَب الحليم. وجملة { إنهم كانوا قوماً فاسقين} في موضع العلة لِجملة { فأطاعوه} كما هو شأن ( إنَّ) إذا جاءت في غير مقام التأكيد فإن كونهم قد كانوا فاسقين أمر بيِّنٌ ضرورةَ أن موسى جاءهم فدعاهم إلى ترك ما كانوا عليه من عبادة الأصنام فلا يقتضي في المقام تأكيد كونهم فاسقين ، أي كافرين. والمعنى: أنهم إنما خَفُّوا لطاعة رأس الكفر لقرب عهدهم بالكفر لأنهم كانوا يؤلِّهُون فرعون فلما حصل لهم تردّد في شأنه ببعثة موسى عليه السلام لم يلبثوا أن رجعوا إلى طاعة فرعون بأدنى سبب.
- خطبة عن قوله تعالى(فَاسْتَخَفّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ - خطب الجمعة - حامد إبراهيم
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الزخرف - الآية 54
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الزخرف - الآية 53
خطبة عن قوله تعالى(فَاسْتَخَفّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ - خطب الجمعة - حامد إبراهيم
حقًّا لقدْ مارس فرعونُ أشدَّ أنواع التنكيل والتعذيب، والقمْع والإرْهاب، والسجن والاعتقالات؛ كل ذلك ليردَّ المؤمنين عن إيمانهم، ودعاةَ الحق عن حقِّهم؛ خوفًا على سُلطانه من الزوال، شأنُه شأنُ كل طاغية جاءَ من بعده؛ ليستبدَّ ويتسلَّط. لا يُريد لغَيْر كلمته أن تُسمَع، ولا لغير رأيه أن يَصِل، سَمْتُه الكبر والاستعلاء، أُسلوبُه الظلم والاستعباد، نهْجُه التنكيل والاستبداد، فلا بأسَ مِن مصادرة الحريَّات والممتلكات، ولا بأسَ أيضًا من هتْك الحُرُمات والأعراض، ما دام كلُّ ذلك سيحفظ له سلطانَه، ويضمن له استمرارَه، ويحفظ له أطيانه. ولم يكتفِ بهذا وحسْبُ، بل بدأ طُغيانُه يَزيد بعدَ أن آمَن لموسى – عليه السلام – السحرةُ مِن قوم فرعون؛ ﴿ قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلاَفٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى ﴾ [طه: 71].
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الزخرف - الآية 54
حدثنا ابن عبد الأعلى قال ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( فلما آسفونا) قال: أغضبونا. حدثنا محمد قال: ثنا أحمد قال: ثنا أسباط ، عن السدي ( فلما آسفونا) قال: أغضبونا ، وهو على قول يعقوب: ( يا أسفى على يوسف) قال: يا حزني على يوسف. حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد ، في قوله: ( فلما آسفونا انتقمنا منهم) قال: أغضبونا ، وقوله: ( انتقمنا منهم) يقول: انتقمنا منهم بعاجل العذاب الذي عجلناه لهم ، فأغرقناهم جميعا في البحر.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الزخرف - الآية 53
إنَّ امتلاكنا للوعي والعلم النّافع وتسلّحنا بالإيمان، ينتج جيلاً رساليّاً مؤمناً مجاهداً مضحّياً في سبيل الله، يواجه الباطل ويزهقه، ولا يطيع إلا الله، حيث يرى كلّ العزّة والكرامة والحريّة في طاعة الله ورضاه. *إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.
{ {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ}} فدعاهم إلى الإقرار بربهم، ونهاهم عن عبادة ما سواه. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الزخرف - الآية 54. { {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ}} أي: ردوها وأنكروها، واستهزأوا بها، ظلما وعلوا، فلم يكن لقصور بالآيات، وعدم وضوح فيها، ولهذا قال: { { وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا}} أي: الآية المتأخرة أعظم من السابقة، { {وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ}} كالجراد، والقمل، والضفادع، والدم، آيات مفصلات. { {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}} إلى الإسلام، ويذعنون له، ليزول شركهم وشرهم. { {وَقَالُوا}} عندما نزل عليهم العذاب: { { يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ}} يعنون موسى عليه السلام، وهذا، إما من باب التهكم به، وإما أن يكون هذا الخطاب عندهم مدحا، فتضرعوا إليه بأن خاطبوه بما يخاطبون به من يزعمون أنهم علماؤهم، وهم السحرة، فقالوا: { { يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ}} أي: بما خصك اللّه به، وفضلك به، من الفضائل والمناقب، أن يكشف عنا العذاب { {إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ}} إن كشف اللّه عنا ذلك. { {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ}} أي: لم يفوا بما قالوا، بل غدروا، واستمروا على كفرهم.