السعدي:
حق المؤمنين ضد بعضهم البعض هو أن {لا يستهزأ أحد بالآخر} بكل كلمة ، فالقول والفعل يدلان على ازدراء الأخ المسلم. وهذا أفضل من السخرية ، كما هو الحال في كثير من الأحيان ، فإن السخرية لا تأتي إلا من قلب مليء بالأخلاق السيئة ، يتخللها كل أنواع اللوم ، ولذلك قال النبي: من الخطأ احتقار أخيه المسلم. ثم قال: {ولا تتشاجر} أي قل: لا تتشاجر ولا تتهم: تكلم وقذف: بالأفعال كلاهما حرام ، وهو مهدد بالنار. وقال العلي: {ويل لكل آية همزة مزة} ، وجعل الأخ المؤمن أخاه روحًا. لأن المؤمنين يجب أن يكونوا جسدًا واحدًا على هذا النحو ، ولأن كل من يستفز الآخر يجب أن يفعل ذلك. إذلاله ما السبب. : يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ) تدل الايه على السخرية من. {ولا تطلق على نفسك أسماء مستعارة} ، بمعنى أنه لا ينبغي لأي منكم أن يطلق لقبًا على أخيك وأن يطلق عليه لقبًا مخزيًا ، والذي يكره تسميته باسم مستعار ، وهذه ألقاب. {الشر اسم الفسق بعد الإيمان} أي درجة انحرافك عن الإيمان والعمل وفق قوانينه وما يقتضيه خروجك عن وصاياه ونواهيته باسم الفسق والعصيان. اسم الجرس …
{والذين لم يتوبوا هم مجرمون}. [هو] يجب على العبد أن يتوب أمام الله تعالى ويخرج عن حق أخيه المسلم في الإذن والاستغفار والثناء عليه.
ايه لا يسخر قوم من قوم عسي
وعليه فمعنى قوله تعالى: ﴿لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ﴾ هو النهى عن أنْ يسخر الرجالُ بعضهم ببعض ومعنى قوله: ﴿وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء﴾ هو النهي عن أن تسخر نساءٌ بنساءٍ أخريات، والتنصيصُ في النهى على كلِّ جنس بحدةٍ نشأَ ظاهراً عن أنَّ ذلك أوقع في الردع، حيثُ يتمُّ التنُبُّه إلى أنَّ كلاً من الجنسين مَعنيٌ بهذا الردع والنهي المولوي، ولعلَّ المنشأ الآخر للتنصيص على كلا الجنسين هو الإشارة إلى سبب النزول وأنَّ رجالاً كانوا قد سخروا من رجال، وأنَّ نساءً كنَّ قد سخرنَ من نساء فيكون التنصيصُ أبلغَ في ردع هؤلاءِ وهؤلاء. سبب نزول الآية المباركة: وأما سببُ نزول الفقرة الأولى من الآية المباركة، وهي قوله تعالى: ﴿لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ﴾. ايه لا يسخر قوم من قوم عسي. فذكر ابنُ أبي حاتم في تفسيره عن مقاتل أنَّها نزلت في قوم من بني تميم استهزأوا من بلال وسلمان وعمَّار وخبَّاب وصهيب وابن فهيرة وسالم مولى أبي حُذيفة"(4)، وحكى مثل ذلك الثعلبي في تفسيره عن الضحاك قال: نزلت في وفدٍ من بنى تميم... استهزأوا بفقراء أصحاب الرسول (ص) مثل عمَّار وخبَّاب وبلال وسلمان وسالم مولى أبي حُذيفة لمَّا رأوا من رثاثة حالهم(5).
ايه لا يسخر قوم من قوم كتابه
[ ص: 246] يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن
لما اقتضت الأخوة أن تحسن المعاملة بين الأخوين كان ما تقرر من إيجاب معاملة الإخوة بين المسلمين يقتضي حسن المعاملة بين آحادهم ، فجاءت هذه الآيات منبهة على أمور من حسن المعاملة قد تقع الغفلة عن مراعاتها لكثرة تفشيها في الجاهلية لهذه المناسبة ، وهذا نداء رابع أريد بما بعده أمر المسلمين بواجب بعض المجاملة بين أفرادهم. وعن الضحاك: أن المقصود بنو تميم إذ سخروا من بلال وعمار وصهيب ، فيكون لنزول الآية سبب متعلق بالسبب الذي نزلت السورة لأجله وهذا من السخرية المنهي عنها. ايه لا يسخر قوم من قوم عسي ان يكونو خيرا منهم. وروى الواحدي عن ابن عباس أن سبب نزولها: أن ثابت بن قيس بن شماس كان في سمعه وقر وكان إذا أتى مجلس النبيء صلى الله عليه وسلم يقول: أوسعوا له ليجلس إلى جنبه فيسمع ما يقول فجاء يوما يتخطى رقاب الناس فقال رجل: قد أصبت مجلسا فاجلس. فقال ثابت: من هذا ؟ فقال الرجل: أنا فلان. فقال ثابت: ابن فلانة وذكر أما له كان يعير بها في الجاهلية ، فاستحيا الرجل. فأنزل الله هذه الآية ، فهذا من اللمز. وروي عن عكرمة: أنها نزلت لما عيرت بعض أزواج النبيء صلى الله عليه وسلم أم سلمة بالقصر ، وهذا من السخرية.
ايه لا يسخر قوم من قوم تفسير
والشريعة إما أمر وإما نهي، والنهى فى الآية صريح: (لا يسخر) (ولا تلمزوا) (ولا تنابزوا) والحكم الربانى على من يخرج عن هذا النهى واضح (بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون) وهى أى الشريعة ـ آداب وسلوكيات وحياء وأخلاق إنها جامعة كل خصال الخير آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر. ولعل من تسخر منه أفضل وأكرم عند الله وأفضل وأكرم عقيدة وباطناً، وقد ذكر المفسرون فى سبب نزول الآية الكريمة عدداً من الروايات وكلها تنهى عن السخرية، قيل نزلت فى صحابى جليل هو ثابت بن قيس رضى الله عنه عندما عَيَّرَ صحابيا آخر بأمه، وقيل نزلت فى وفد بنى تميم عندما استهزأوا بفقراء الصحابة، وقيل نزلت فى عكرمة بن أبى جهل حين قدم المدينة مسلماً وكان المسلمون إذا رأوه قالوا: ابن فرعون هذه الأمة فشكا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت. ورضى الله عن ابن مسعود إذ قال: «البلاء موكل بالقول، لو سخرت من كلب لخشيت أن أحوّل كلبا».
ايه لا يسخر قوم من قوم ولا نساء من نساء
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات:11]، في هذه الآية الكريمة يوجه الله عباده إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال ويحذرهم من الأخلاق الذميمة التي تسبب الشحناء والعداوة بين المسلمين والبغضاء والفتن، فلا يليق بالمؤمن فعله، فكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. لماذا خاطبهم الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا} على الرغم من سوء الفعل ؟
يقول سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله حينما سأل عن تفسير الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا} أن الله سبحانه وتعالى خاطبهم بالإيمان؛ لأن الإيمان يحفزهم إلى الخير، والهدى ويذكرهم بإيمانهم أن يمنعهم من المعاصي، يقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: «إذا سمعت الله يقول: يا أيها الذين أمنوا، فأعرها سمعك؛ فإنه خير تؤمر به، أو شر تنهى عنه».
ايه لا يسخر قوم من قوم عسي ان يكونو خيرا منهم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ}: تتتابع التوجيهات الربانية للمجتمع المسلم بما يكفل ترابط المجتمع وفشو روح المحبة والتعاون بين أفراده. نداء للمؤمنين بالامتناع التام والحذر من الوقوع في السخرية والاستهزاء من بعضهم فهذا مما يوغر الصدور وينمي العداوات, وعسى أن تسخر ممن هو أعلى منك شأناً عند الله وأفضل. ولا تتبادلوا النداء بقبيح الألقاب ولا يلمز أحدكم أخاه بكلمات فيها التقليل والاحتقار, فالمؤمن يحافظ على مشاعر إخوانه ويحرص على دوام مودتهم, ومن وقع في ذلك فإنما وقع في فسق يقلل من إيمانه, ومن أصر على مثل هذه المسالك فقد ظلم نفسه قبل إخوانه لما سيلاقيه من تبعات أفعاله يوم القيامة.
إعراب الآية 11 من سورة الحجرات - إعراب القرآن الكريم - سورة الحجرات: عدد الآيات 18 - - الصفحة 516 - الجزء 26.