2
Pejabat Mufti Wilayah Persekutuan
وجاء قوله لَيُزْلِقُونَكَ بلام التأكيد للإشعار بتصميم على هذه الكراهية ، وحرصهم عليها. 20
ارقي نفسي
قال القشيري: وفي هذا نظر; لأن الإصابة بالعين إنما تكون مع الاستحسان والإعجاب لا مع الكراهية والبغض; ولهذا قال:
ويقولون إنه لمجنون أي ينسبونك إلى الجنون إذا رأوك تقرأ القرآن. قلت: أقوال المفسرين واللغويين تدل على ما ذكرنا ، وأن مرادهم بالنظر إليه قتله. ولا يمنع كراهة الشيء من أن يصاب بالعين عداوة حتى يهلك. وقرأ ابن عباس وابن مسعود والأعمش وأبو وائل ومجاهد " ليزهقونك " أي ليهلكونك. وهذه قراءة على التفسير ، من زهقت نفسه وأزهقها. وقرأ أهل المدينة " ليزلقونك " بفتح الياء. وضمها الباقون; وهما لغتان بمعنى; يقال: زلقه يزلقه وأزلقه يزلقه إزلاقا إذا نحاه وأبعده. وزلق رأسه يزلقه زلقا إذا حلقه. وكذلك أزلقه وزلقه تزليقا. ورجل زلق وزملق - مثال هدبد - وزمالق وزملق - بتشديد الميم - وهو الذي ينزل قبل أن يجامع; حكاه الجوهري وغيره. فمعنى الكلمة إذا التنحية والإزالة; وذلك لا يكون في حق النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهلاكه وموته. إسلام ويب - الدر المنثور - تفسير سورة ن - تفسير قوله تعالى وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم- الجزء رقم14. قال الهروي: أراد ليعتانونك بعيونهم فيزيلونك عن مقامك الذي أقامك الله فيه عداوة لك. وقال ابن عباس: ينفذونك بأبصارهم; يقال: زلق السهم وزهق إذا نفذ; وهو قول مجاهد. أي ينفذونك من شدة نظرهم.
وان يكاد الذين كفروا ليزلقونك بابصارهم مكررة
ثانيًا: تضمَّنت الآيات - بالتأمل فيها مع اعتبار سبب النزول - بيانَ شدة عداوة المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم، ومحاولة إيذائه بأي نوع من الإيذاء، ولو أدى ذلك إلى قتله. وللمفسرين قولان في معنى الآية:
أحدهما: أنهم من شدة تحديقهم ونظرهم إليك شزرًا بعيون العداوة والبغضاء، يكادون يزلون قدمك من قولهم: نظر إلي نظرًا يكاد يصرعني، ويكاد يأكلني؛ أي: لو أمكنه بنظره الصرع أو الأكل لفعله، قال الشاعر:
يتقارضون إذا التقوا في موطن *** نظرًا يُزيل مواطئ الأقدام
وبيَّن الله تعالى أن هذا النظر كان يشتد منهم في حال قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وهو قوله: (لما سمعوا الذكر). الثاني: منهم من حمله على الإصابة بالعين بناءً على ما سبق ذكره في سبب النزول. ارقي نفسي. ثالثًا: جاء دفاع الله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم مما أراده به المشركون من محولة إيذاءه - بالعين أو غيرها - بطرق عديدة:
1- عرَّف الله رسوله صلى الله عليه وسلم بعض ما تنطوي عليه نفوس المشركين نحو النبي صلى الله عليه وسلم من الحقد والغيظ وإضمار الشر عندما يسمعون القرآن، فقال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ ﴾، ومعنى: ﴿ لَيُزْلِقُونَكَ ﴾: لينقذونك بأبصارهم؛ أي: ليعينوك بأبصارهم، بمعنى ليحسدونك لبُغضهم إياك، لولا وقاية الله لك وحمايتك منهم؛ قاله ابن كثير.
إسلام ويب - الدر المنثور - تفسير سورة ن - تفسير قوله تعالى وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم- الجزء رقم14
قوله تعالى: وإن يكاد الذين كفروا الآية. أخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس في قوله: ليزلقونك بأبصارهم قال: ينفذونك بأبصارهم. وأخرج عبد بن حميد ، عن مجاهد: ليزلقونك بأبصارهم قال: لينفذونك بأبصارهم. وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة: ليزلقونك بأبصارهم قال: لينفذونك بأبصارهم؛ معاداة لكتاب الله، ولذكر الله. وان يكاد الذين كفروا ليزلقونك بابصارهم مكررة. وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، عن عطاء قال: كان ابن عباس يقرأ: وإن يكاد الذين كفروا [ ص: 659] ليزلقونك بأبصارهم قال: يقول: ينفذونك بأبصارهم من شدة النظر إليك، قال ابن عباس: فكيف يقولون زلق السهم، أو زهق السهم. وأخرج أبو عبيد في «فضائله»، وابن جرير ، عن ابن مسعود، أنه قرأ: (ليزهقونك بأبصارهم). وأخرج البخاري ، عن ابن عباس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العين حق». وأخرج ابن عدي، وأبو نعيم في «الحلية»، عن جابر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العين تدخل الرجل القبر، والجمل القدر». وأخرج ابن عدي، والطيالسي ، والبخاري في «تاريخه»، والبزار ، عن جابر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين».
وقال القرطبي: (وأن مرادهم بالنظر إليه قتله، ولا يمنع كراهة الشيء من أن يصاب بالعين عداوة حتى يهلك، قال الهروي: أراد ليعتانونك بعيونهم، فيزيلونك عن مقامك الذي أقامك الله فيه عداوةً لك). 2- بيَّن الله تعالى السرَّ في قول المشركين لسيد العالمين صلى الله عليه وسلم: ﴿ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴾، إنما يقولون ذلك اعتلالًا لأنفسهم؛ إذ لم يجدوا في الذكر الذي يسمعونه مدخلًا للطعن فيه، فانصرفوا إلى الطعن في صاحبه صلى الله عليه وسلم بأنه مجنون؛ لينتقلوا من ذلك إلى أن الكلام الجاري على لسانه لا يوثق به؛ ليصرفوا دَهماءَهم عن سماعه)؛ قاله ابن عاشور. 3- أبطل الله قولهم: ﴿ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴾ بقوله: ﴿ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴾ [القلم: 52]؛ أي: ما القرآن إلا ذكر للناس كلهم، وليس بكلام المجانين، وينتقل من ذلك إلى أن الناطق به ليس من المجانين في شيء. رابط الموضوع: رد: ﴿ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ﴾ الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم في سورة الق اللهم صل وسلم على نبينا محمد
(*) وقال الكلبي: كان رجل من العرب يمكث لا يأكل شيئا يومين أو ثلاثة ، ثم يرفع جانب الخباء فتمر به الإبل أو الغنم فيقول: لم أر كاليوم إبلا ولا غنما أحسن من هذه فما تذهب إلا قليلا حتى تسقط منها طائفة هالكة. فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعين فأجابهم ؛ فلما مر النبي صلى الله عليه وسلم أنشد:
قد كان قومك يحسبونك سيدا... وإخال أنك سيد معيون
فعصم الله نبيه صلي الله عليه وسلم ونزلت: "وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ". ** ورد عند البغوي
قوله تعالى: "وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ"
(*) وذلك أن الكفار أرادوا أن يصيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين فنظر إليه قوم من قريش وقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حججه. وقيل: كانت العين في بني أسد حتى كانت الناقة والبقرة السمينة تمر بأحدهم فيعاينها ثم يقول: يا جارية خذي المكتل والدراهم فأتينا بشيء من لحم هذه فما تبرح حتى تَقِ بالموت فتُنحر. (*) وقال الكلبي: كان رجل من العرب يمكث لا يأكل يومين أو ثلاثا ثم يرفع جانب خبائه فتمر به الإبل فيقول: لم أر كاليوم إبلا ولا غنما أحسن من هذه ، فما تذهب إلا قليلا حتى تسقط منها طائفة وعدة ، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين ويفعل به مثل ذلك ، فعصم الله نبيه وأنزل: " وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ "
الدروس واالعبر المستفادة من الآيات
قدرة الله عز وجل لا حدود لها. أفضل ما يواجه المسلم به الشدائد والمحن ھي الصلاة والذكر. أفضل التسبيح ما كان دبر كل صلاة. البعث حقيقة ثابتة لا مرد لها. الدنيا دار عمل والآخرة دار حساب وجزاء. الإسلام دين قائم على الإقناع وليس الإجبار والإكراه. القرآن الكريم أفضل موعظة وأجل تذكرة.
تفسير قوله تعالى: فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب
ذات صلة من قال سبحان الله وبحمده معنى لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
معنى سبحان الله
يُطلق لفظ "سبحان" على ما يُراد به التنزيه، والله -سبحانه وتعالى- منزّه عن كلّ نقص، وقد اتّصف -عزّ وجلّ- بكلّ صفات الكمال والجلال، [١] أمّا مصطلح "سبحان الله"؛ فهو أمر بالتسبيح؛ أي سبّحوا الله -تعالى-، وقد قال ابن عبّاس -رضي الله عنه- أنّ كل تسبيحة في القرآن تدخل في معنى الصلاة. وقال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّ سبحان الله اسم يمتنع عن تسمية أيّ مخلوق به، [٢] ومعناها تعظيم الله -تعالى- وتقديسه، [٣] وحين سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- عن معنى -سبحان الله-، فسّرها بأنّها براءة الله -تعالى- من كلّ سوء. [٤]
إنّ الله -سبحانه وتعالى- بريء من كلّ نقص، وكامل في كلّ شيء؛ أسمائه وصفاته وأفعاله؛ فأسماؤه حسنى لا أسماء أحسن منها، وصفاته عليا ولا يوجد أعلى منها، قال -تعالى-: (وَلِلَّـهِ الأَسماءُ الحُسنى) ، [٥] وقال أيضاً: (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى) ؛ [٦] أي أنّ وصفه كامل. تفسير قوله تعالى: فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب. أمّا أفعاله فهي أيضاً كاملة حكيمة، يفعل كلّ ما يفعله بحكمة، وهو -سبحانه- المنزّه عن كل عيب ونقص ولعب وعبث وباطل، قال -تعالى-: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا) ، [٧] [٨] وبناءً عليه فالتسبيح يتضمّن تنزيه الله -تعالى- عن كلّ نقصٍ وعيب، وهو أصلٌ عظيم من أصول الدين ، وركنٌ أساسيّ من أركان الإيمان بالله -عزّ وجلّ-.
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة ق - قوله تعالى فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك - الجزء رقم14
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) قال ابن جريج: العصر، وأطراف النهار قال: المكتوبة. حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قَتادة في قوله ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) قال: هي صلاة الفجر ( وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) قال: صلاة العصر ( وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ) قال: صلاة المغرب والعشاء ( وَأَطْرَافَ النَّهَارِ) قال: صلاة الظهر. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ) قال: من آناء الليل: العتمة، وأطراف النهار: المغرب والصبح ، ونصب قوله ( وَأَطْرَافَ النَّهَارِ) عطفا على قوله ( قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) لأن معنى ذلك: فسبح بحمد ربك آخر الليل، وأطراف النهار. وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب. وبنحو الذي قلنا في معنى ( آنَاءَ اللَّيْلِ) قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس ( وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ) قال: المصلى من الليل كله. حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال: سمعت الحسن قرأ ( وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ) قال: من أوّله، وأوسطه، وآخره.
كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) لصلاة الفجر, وقبل غروبها: العصر. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة ق - قوله تعالى فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك - الجزء رقم14. حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) قبل طلوع الشمس: الصبح, وقبل الغروب: العصر. ابن عاشور: فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39( { لُّغُوبٍ * فاصبر على مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ الغروب}. تفريع على ما تقدم كله من قوله: { بل عجبوا أن جاءهم منذر} [ ق: 2] الآيات ، ومناسبة وقعه هذا الموقع ما تضمنه قوله: { وكم أهلكنا قبلهم من قرن} [ مريم: 74] الآية من التعريض بتسلية النبي صلى الله عليه وسلم أي فاصبر على ما يقول المشركون من التكذيب بما أخبرتهم من البعث وبالرسالة وقد جمع ذلك كله الموصول وهو { ما يقولون}. وضمير { يقولون} عائد إلى المشركين الذين هم المقصود من هذه المواعظ إعراب القرآن: «فَاصْبِرْ» الفاء الفصيحة وأمر فاعله مستتر «عَلى ما» متعلقان بالفعل والجملة جواب شرط مقدر لا محل لها «يَقُولُونَ» مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة صلة لا محل لها «وَسَبِّحْ» معطوف على اصبر «بِحَمْدِ» متعلقان بمحذوف حال «رَبِّكَ» مضاف إليه «قَبْلَ» ظرف زمان «طُلُوعِ» مضاف إليه «الشَّمْسِ» مضاف إليه «وَقَبْلَ الْغُرُوبِ» معطوف على ما قبله.