الخطبة الأولى:
الحمد لله..
أما بعد فيا أيها المؤمنون:
يجمع الله الخلائق يوم القيامة، الأولين منهم، والآخرين ( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) [النجم: 31] في يوم طويل قدره، عظيم هوله، شديد كربه، حذر الله منه عباده وأمرهم بالاستعداد له، قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) [الحج: 1، 2]. في ذلك اليوم العظيم تدنو الشمس من الخلق، حتى تكون منهم قدر ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العَرَق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حِقْوَيْه، ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا. أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الْأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ ".
- هل تعلم من هم السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله؟
- من اركان شهادة ان لا اله الا الله
هل تعلم من هم السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله؟
الإمام العادل وأول هؤلاء الذين يسعدون بظل الله ويفوزون بجنته بعد الفوز برحمته هو الإمام العادل، وينطبق هذا الوصف على كل إنسان نظر في أمر من أمور المسلمين وحكم فيه، وغالباً ما ينطبق ذلك على الحكام والولاة والقضاة، وقد بدأ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لدفعهم إلى العدل والحرص على الإنصاف بين الناس لما في ذلك من عموم نفع لجموع المسلمين. وثاني هؤلاء الذين بشرهم رسول الله بظل الله يوم القيامة والفوز بجنته شاب نشأ بعبادة ربه أي حرص منذ صغره على أداء العبادات كما ينبغي أن تؤدى، والثالث رجل قلبه معلق بالمساجد أي انه شديد الحب للمساجد ملازم للجماعة فيها، وليس المراد دوام القعود في المسجد والنوم فيه كما يفعل بعض الناس، فالمساجد جعلت للعبادة وتدارس القرآن ولم تكن أبداً مكاناً للنوم والاسترخاء. ورابع هؤلاء الذين ينتظرهم ظل الله ورحمته يوم القيامة رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه والمراد بهذا الوصف أن يجمع الحب في الله بينهما وأن يستمر حتى يتفرقا عليه في مجلسهما أو حتى يفرق بينهما الموت، وهما صادقان في حب كل منهما للآخر عند اجتماعهما وعند افتراقهما. عفة تقود إلى الجنة وخامس هؤلاء الناس الذين يحظون بظل الله يوم القيامة وينعمون برضوانه ويفوزون بجنته رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، وخص رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات المنصب والجمال لكثرة الميل إليها، وصعوبة الحصول عليها وهي جامعة لكل أسباب الرغبة في المنصب والجمال وهي التي تدعو فأغنت عن مشقة التوصل إليها، فكان البعد عن المعصية والامتناع خوفاً من الله مع كل هذه المرغبات دليلاً على كمال الطاعة لله والخوف منه سبحانه وتعالى، ولقد أعلن الخوف من الله بلسانه زجراً للمرأة، أو بقلبه زجراً لنفسه.
قلت: أوصلهم بعضهم إلى تسع وثمانين، وممن أوصلهم إلى هذا المقدار العلامة ابن علان المكي المدرك في كتابه شرح رياض الصالحين للنووي. انتهى.
ما هي أركان شهادة أن لا إله إلا الله النفي والاثبات هو موضوع مقالنا، فشهادة أن لا إله إلّا الله تعالى هي أعظم أصول الشّريعة الإسلاميّة وأهمّ ركائزها، فلا إسلام ولا إيمان دون الشّهادة بأنّ الله تعالى هو الخالق وهو المعبود وحده دون شريك، و موقع المرجع يهتمّ بتعريفنا على أركان الشّهادة ومعناها وشروطها. ما هي أركان الإسلام
قد ارتضى الله تعالى لعباده الإسلام دينًا حنيفًا، وجعل له أركانًا عظيمةً وفرض على المسلمين تطبيقها، وقد جاء خبرها في سنّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المباركة، وأركان الإسلام مجموعةٌ في قوله: "بُني الإسلامُ على خمسٍ، شهادةِ أن لا إله إلا اللهُ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصيامِ رمضانَ". [1] ومن الحديث يفهم المسلم أن الإسلام له خمس قواعد وركائز أساسيّةً يقوم عليها وهي:
شهادة أنّ لا إله إلّا الله وأنّ محمّدًا عبده ورسوله. إقامة الصّلوات الخمس المفروضة. ما هي أركان شهادة أن لا إله إلا الله النفي والاثبات - موقع المرجع. إيتاء الزكاة والصّدقات لمستحقّيها. حجّ بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلًا. صيام شهر رمضان المبارك. فلا يتحقّق إسلام المرء ولا يكتمل إلّا إن أقام هذه الأركان الخمسة العظيمة، إلى جانب باقي العبادات والأعمال الصّالحة الأخرى، وهذه الأركان الخمسة تكون من عمل الجوارح الّتي تنشأ من انعكاس إيمان القلب عليها، والله أعلم.
من اركان شهادة ان لا اله الا الله
وقال الله -تعالى-: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل:97]. اللهم إنا نسألك حياة طيبة بطاعتك وقلباً مطمئناً بذكرك.
شهادة ان لا اله الا ه. 5- أن يقدم العبد محبة نبيه على محبة النفس والولد والناس أجمعين، لقول النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: " لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " [5] وليعلم من ادَّعى محبة النَّبي -صلى الله عليه وسلم- العظيمة أن أعظم برهان لإثبات هذه المحبة هي:طاعته واتباعه فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر؛ لأن طاعته من طاعة الله - جل وعلا-، ومحبته دليل على محبة العبد لربه -جل وعلا-. قال الله -تعالى-: ﴿ مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء:80]. وقال الله -تعالى-: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران:31]. 6- أن يعلم العبد أن الله - تعالى- أيَّد رسوله -صلى الله عليه وسلم- وجبله على عدة أمور:
أولا: فأيده - جل وعلا - بالمعجزات التي تدل على رسالته -صلى الله عليه وسلم-، ومعجزاته كثيرة كانت أعظم برهان له في أداء الرسالة، وأعظم هذه المعجزات هي هذا القرآن العظيم الذي بين أيدينا، فقد تحدى به العرب أن يأتوا بمثله أو بعضه فلم يقدروا؛ لاشتماله على الحق المبين بما فيه من المغيبات، والأخبار، والأوامر، والنواهي.
فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله" رواه البخاري ومسلم. قال في فتح المجيد: (وقد أجمع العلماء على أن من قال: "لا إله إلا الله" ولم يعتقد معناها، ولم يعمل بمقتضاها: أنه يقاتل حتى يعمل بما دلت عليه من النفي والإثبات). والكلام حول حقوق هذه الكلمة يطول، ويمكن الرجوع في ذلك إلى فتح الباري شرح صحيح البخاري، وإلى شرح النووي على صحيح مسلم وغيرهما. والله أعلم.