الخطبة الأولى:
إنَّ الحمد لله؛ نحمدُه ونستعينُه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا؛ من يهده اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمَّة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فما ترك خيرًا إلا دلَّ الأمة عليه، ولا شرًا إلا حذَّرها منه؛ فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أمَّا بعد أيها المؤمنون: اتقوا الله تعالى ربكم، وراقبوه سبحانه في جميع أعمالكم مراقبة عبدٍ يعلمُ أن ربَّه يسمعُه ويراه. حكم تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال. أيها المؤمنون: تبارك الله أحسن الخالقين؛ خلَق الخلْق بإتقان، وأوجده بإحكام، خلَق الزوجين الذكر والأنثى، وخَلْقهما من آياته العظام الدالَّة على كمال خلْقه وعظيم تدبيره وجميل حكمته جلَّ في علاه. أيها المؤمنون: لقد جعل الله عز وجل لكلٍّ من الزوجين الذكر والأنثى من المزايا والخصائص والصفات ما يناسب كلًّا منهما؛ ولهذا وجب على كل منهما أن يعيَ خلْقه وتكوينه، وصفاتِه وهيئاته، وما يليق به وما يتناسب مع خلقه وجبلَّته وفطرته، ولا يتطلَّع كلٌّ من الزوجين إلى صفات الآخر وخصائصه ومزاياه، ( وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ)[النساء:32]؛ يجب على الرجل أن يعي رجولته وذكوريته وما يتناسب معها من خصائص وصفات وميِّزات، ويجب على المرأة أن تعي ذلك تمامًا في خصائصها وصفاتها وميِّزاتها.
تشبه الرجال بالنساء .. حقيقته وحكمه - فقه
ونظرة الإسلام إلى العَلاقة بين الرجل والمرأة هي نظرة موافقة لطبيعتهما وما بينهما من اختلاف وفروق. فإذا أحلَّ للمرأة أن تتزيّن في حَلْيِها بالذَّهب، وأن تلبس الحرير وما يشبهه في رِقّتِه، وأن تصبغ شعر رأسِها، وأن لا تُبديَ من جسمها إلا ما يظهر عادة في سيرها أو ما يُعينُها على كشف الطريق وتفادِي أخطاره.. إذا أحلَّ الإسلام ذلك للمرأة ـ دون الرجل ـ فإنه يهدف إلى جعل المرأة مقبولة لدى الرجل وإلى حرصه على اللقاء بها، بما تبدو فيه من رقة وزينة. تشبه الرجال بالنساء .. حقيقته وحكمه - فقه. فالإسلام ـ إذن ـ يحرص على بقاء الفرق بين الأنوثة والذكورة جليًّا وواضحًا. إذ كلَّما كان هذا الفرق واضحًا بينهما كلَّما كانت الألفة والمودة والرغبة في المعاشرة أمرًا مترقّبًا. فإذا جاء عُرف في عهدٍ ما وحاول أن يُضعف الفرق بين الرجل والمرأة فنصح الرجل أن يكون على غِرار المرأة في التثنِّي في مشيته وحركته، وفي تقليدها في الحديث والعواطف، وفي لبسها وزينتها وحليها، وفي التخنُّث والتشبّه بها على العموم.. إذ جاء عُرف في عهد ما وحاول أن يصنع بالرجل ما تصنعه المرأة في نفسها ولإغراء الرجل بها، فإنَّ هذا العُرف يكون محاولة لمسخ رجولة الرجل وتحويله إلى أنثى ذات شارب، يخلو صدرها مما يجعلها ذات عطف وحنان وانفعال.
حكم تشبه الرجال بالنساء - سطور
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. [1] رواه البخاري. [2] رواه أبو داود. [3] رواه مسلم.
ولاشك أن هذا من كيد أعداء الدين والفطرة خاصة اليهود، وقد نصوا عليه في البروتوكول الرابع، والبروتوكول الثالث عشر من بروتوكولات حكماء بني صهيون، وسعيهم الحثيث لذلك، ودعوا إلى أهميته ونشره بين شباب المسلمين، ونجحوا مع الأسف الشديد في اصطياد كثير من شباب المسلمين، ولذا فإن من واجبنا أن نقوم بالاتجاه المضاد، وأن نوجد إعلاماً إسلامياً صادقاً يخاطب الشباب بغريزتهم، وأريحيتهم، وتوجهاتهم، وميولهم، وطبائعهم، خطاباً شبابياً نقياً صافياً، لأن هؤلاء الشباب غصنٌ طريٌّ يقبل التوجيه والنصح والإرشاد، ولكنه بحاجة إلى مخلص غيور، وبحاجة إلى رفيق حكيم يستطيع أن يعتني بهم عناية تامة. وهذا هو الطريق الأمثل أن يسلك بالشباب صراط الله المستقيم، وأن يسلك بهم سبيل الدعوة إلى الله، وأن يشجعوا، وأن تتضافر جهود رجال المال لإيجاد إعلام عالمي قوي رصين يعزّز القيم الفاضلة في النفوس، ويسهم في الارتقاء باهتمامات الناس، ويمكّن للخير بينهم، لأن الإعلام هو لغة التخاطب في العصر الحديث. وسط القارب وتشير الأستاذة رحمة بنت علي بن أحمد الغامدي المحاضرة في قسم علم نفس بجامعة نجران، إلى أنه مع تقلبات الموضة وتمدّن القرى والتواصل العنكبوتي بين الأبناء وثقافات الدول المتعددة وحضارات المجتمعات المختلفة، تقف الأسرة والمؤسسات التربوية حائرة تجاه ما دخل عليها من غثاء حضاري وتنوع ثقافي يتنافى -غالباً- مع عادات مجتمعنا وثقافته، وحال الأم المربية كحال شجرة تواجه ريحاً عاتية، فما تغرسه هي في أبنائها، يزعزعه صديق لهم أو وسيلة تواصل اجتماعي حببته وزينته أمامهم.