أما في البرزخ فربما يرى الميت الكافر طيبا لبعض الوقت (آلاف السنين). فما بين النفخة الأولى (الساعة) والنفخة الثانية (البعث) لربما كانت ملايين السنين. فلعل الحديث "
إذا مات ابن آدم.... " يعني أنه حتى الكافرين يظل لحسناتهم امتداد في القبر، وليس يوم القيامة، لبعض الوقت. #5
ما كنت لأطلب لهؤلاء الرحمة، ولكن الله أرحم بهم مني ومنك ومن كل الخلق أجمعين. وهو المحسن سبحانه وتعالى، وربما تصدق الواحد منهم مليارات الدولارات التي لم يتصدق بعُشرها المؤمنون الأثرياء، فهل تكفي الدنيا لجزائهم.
اذا مات ابن ادم انقطع عمله من الدنيا
فالإنسان عمره قصير محدود، والأعمال قليلة، والكسل غالب، لكنه حينما يدل الآخرين على ألوان الأعمال الصالحة، فيعملون بها، فإنه يأتيه من الأجور ما لا يطيقه بعمله الذي يزاوله بجسده، ومن هنا يكثر الإنسان أعماله، ويطول بذلك أيضًا عمره، فيموت والأعمال جارية، كما سيأتي فيما يبقى بعد موته. ثم ذكر حديثًا آخر عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له [4] ، رواه مسلم. وقد مضى الكلام على هذا الحديث في مناسبة سابقة، في غير هذا الباب.
إذا مات ابن ام اس
فالشاهد: أن من أهل العلم من قصر ذلك عليها، فقالوا: عندنا عموم، وهو وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم:39] وجاءت استثناءات في بعض الأدلة، فيوقف عندها فقط، والذي أظنه أقرب -والله أعلم- أن الأعمال تصل البدنية والمالية، ولكنه لا يشرع أن يصرف الإنسان الأعمال البدنية لغيره، فهو بحاجة إلى العمل، والعمر قصير، وأولئك أخذوا فرصتهم من العمر، وأفضوا بما قدموا، والإنسان بحاجة إلى أن يستزيد، ولا يزهد في الأعمال الصالحة، لكن لو أنه أهدى عملاً من الأعمال لغيره، فإن ذلك -والله أعلم- يصل. وأما قوله: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم:39] فذلك يدل على أنه لا يستحوذ على عمله غيره، ليس له إلا عمله، ولكن لو أن غيره أعطاه عمله، وتبرع به، فإن ذلك يصل إليه، والله تعالى أعلم، لكنه لا يشرع؛ لأن الشارع لم يرشد إلى هذا.
اذا مات ابن ادم انقطع عمله
بناء بيوت الله. توزيع كتاب الله؛ القرآن الكريم. بذل المال في سبيل نَشر العلم. حفر الآبار، وسقي الماء في أماكن مرور الناس ليشربوا منها. إنشاء الطُّرق. تشييد المكتبات التي ينتفع بها الناس. تشييد السجون التي يُعاقب فيها الظالمون والمجرمون. تشييد المدارس والمستشفيات. وَقف البيوت في مكة المكرمة لنزول الحجاج. إنشاء الفنادق التي تُخصَّص لنزول من انقطعت بهم السُّبل أثناء سفرهم، أو من لا يجدون مالاً لاستئجار المَسكن، مثل: اليتامى، والأرامل. إنشاء المطاعم الشعبية التي تُوزّع الطعام على الفقراء، والمُحتاجين. وقف الأرض لتكون مقبرة يُدفَن فيها موتى المسلمين، وتجهيز وسائل التكفين، وأماكن غسل الموتى. إنشاء المُؤسسات التي تهتمّ بتزويج الشباب المسلم الذي لا يجد مؤونة النكاح. رعاية الأمهات المُرضِعات، وتزويدهنّ بما يحتاجه أطفالهنّ من موادّ، كالحليب، والسكّر. رعاية الحيوانات المريضة، والضعيفة. اقرأ أيضا: الصدقة الجارية
العلم النافع
العلم النافع هو العلم الذي ينفع صاحبه في الدنيا والأخرة، فيدخل فيه علم الشريعة والعلوم التي يحتاجها الناس في أمور حياتهم ومعاشهم، فإن الإنسان الذي يُبقي من العلوم الحياتية المعاشية ما ينتفعون به في الطب والتجارة والصناعة والعمارة وغيرها، فإنه إذا علَّمها محتسبًا الإحسان إلى الناس، فإنه يكتب له من الأجر في ذلك بأمر الله وفضله وإحسانه، أما العلم الذي يكون نتاجه مجرد شهادة مُعلّقة على الحائط، ولا يعمل بها صاحبها أو يستفاد من ما تعلم فهو علم غير نافع.
إذا مات ابن آدم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعدُ:
فمما جاء في فضل العلم: حديث أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة [1] ، وقد مضى الكلام على هذا الحديث في الليلة الماضية. ثم ذكر حديثًا آخر عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا [2] ، رواه مسلم. هذا أيضًا يدل على فضل العلم، فالذي قبله: من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة وفي بعض ألفاظه: سلك الله به طريقًا إلى الجنة [3] ، فيهديه ويوفقه ويسدده، ويلزمه طاعته، فيصل إلى السعادة التي ليس بعدها سعادة، وإلى النعيم الذي ليس بعده نعيم. وهذا الحديث: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه وذلك أنه يكون قد دل الآخرين وعلمهم، فيكون له كأجرهم؛ وذلك من عمله؛ لأن هذه الدلالة والإرشاد والتعليم هذا كله من عمله؛ ولهذا يأتي في الذين تجري لهم أعمالهم العلم الذي ينتفع به، حينما يورث الإنسان علمًا، فهذا دل الآخرين على هدى، فعملوا به بسبب دلالته، وعرفوه من طريقه، فله كأجرهم، دون أن ينقص من أجورهم شيء.
أجاب عليه العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى
المصدر / موقع يالة من دين