الحلقة الأولى
حبل الوريد
كتبها ناجح سلهب
" وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ " سورة ق الآية 16
إن الوسواس هو حديث النفس, فهو التفكير الذي يتم في دماغ الإنسان, والذي هو حادث في الجهاز العصبي المركزي من القشرة المخية(Cerebral cortex) وتحديدا في الفص الأمامي منها(frontal lobe) والتي تعبر عن الذات المدركة والمفكرة. حبل (المقاييس)
الحاء والباء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على امتداد الشيء. ثمّ يحمل عليه، ومَرْجِع الفروع مرجعٌ واحد. فالحبل الرَّسَن، معروف، والجمع حِبال. والحبل حبل العاتق. والحَبل القطعة من الرّمل يستطيل. والمحمول عليه الحَبْل، وهو العهد. قال الأعشى:
وإذا تُجَوِّزها حبالُ قبيلةٍ *أخذت من الأخرى إليك حبالَها
ويريد الأمانَ وعُهودَ الخََُِفارة. يريد أنّه يُخفَر من قبيلةٍ حتّى يصل إلى قبيلةٍ أخرى، فتخفر هذه حتّى تبلغ. " و جاء في الصحاح
والحَبْلُ: الوِصالُ. ونحن اقرب اليه من حبل الوريد in english. ويقال للرمل يستطيل حَبْلٌ. وحَبْلُ العاتِقِ: عصبٌ. وحَبْلُ الوريد، عِرْقٌ في العنق. وحَبْلُ الذراعِ في اليد. وفي المثل: هو على حَبْلِ ذراعِكَ، أي في القرْب منك.
- التفريغ النصي - شرح الفتوى الحموية [18] - للشيخ خالد بن عبد الله المصلح
- جمال القرآن.. "ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" بلاغة قرب الله من عبده - اليوم السابع
التفريغ النصي - شرح الفتوى الحموية [18] - للشيخ خالد بن عبد الله المصلح
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) يخبر تعالى عن قدرته على الإنسان بأنه خالقه ، وعمله محيط بجميع أموره حتى إنه تعالى يعلم ما توسوس به نفوس بني آدم من الخير والشر. وقد ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تقل أو تعمل ". وقوله: ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) يعني: ملائكته تعالى أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه. ومن تأوله على العلم فإنما فر لئلا يلزم حلول أو اتحاد ، وهما منفيان بالإجماع ، تعالى الله وتقدس ، ولكن اللفظ لا يقتضيه فإنه لم يقل: وأنا أقرب إليه من حبل الوريد ، وإنما قال: ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) كما قال في المحتضر: ( ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون) [ الواقعة: 85] ، يعني ملائكته. وكما قال [ تعالى]: ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [ الحجر: 9] ، فالملائكة نزلت بالذكر - وهو القرآن - بإذن الله عز وجل. جمال القرآن.. "ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" بلاغة قرب الله من عبده - اليوم السابع. وكذلك الملائكة أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه بإقدار الله لهم على ذلك ، فللملك لمة في الإنسان كما أن للشيطان لمة وكذلك: " الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " ، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق; ولهذا قال هاهنا:
جمال القرآن.. &Quot;ونحن أقرب إليه من حبل الوريد&Quot; بلاغة قرب الله من عبده - اليوم السابع
وحبل الوريد هو العِرْق الذي يجري به الدم في الرقبه فهو اقرب إلينا من الدم فى اجسادنا...
وهذا منتهى القُرْب ويقول المتصوِّفه إنه يبعد عنَّا لِفَرط قُربه...
فمثلاً لا نَرَى سَوَاد أعيُنِنا لِفَرط قُرْبه..
ويخفىَ علينا لِفَرط ظُهُرُه..
فمثلاً إننا عرفنا الظِل بالنور..
والله سبحانه وتعالىَ ليس له ضدّ ليُعرَف به..
ولِذلك نقول أن الله احتجب عنا لِفَرطُ إشراقُه ودوامُهْ..
~~
كتاب / القرآن محاوله لفهم عصرى
بل قد جمع الله سبحانه بين ذكر
علوّه على عرشه ومعيّته
لعباده في آية واحدة وذلك في قوله تعالى: ( هو الذي خلق السموات والأرض
في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج
منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم). وليس
معنى كونه معنا أنه مختلط بالخلق بل هو مع عباده بعلمه ، وهو فوق عرشه
لا يخفى عليه شيء من أعمالهم وأما قوله سبحانه:
( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) ، فقد قال أكثر المفسرين
أن المراد هو قربه سبحانه بملائكته الموكّلين بحفظ
أعمال العباد. ومن قال المراد بقربه تعالى فسّره بقربه بعلمه ،
كما قيل في المعيّة.