وعن أنس رضي الله عنه، أن معاذ بن جبل رضي الله حدَّثه، قال: بينا أنا رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل، قال: ( يا معاذ! ) قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: ثم سار ساعة، ثم قال: ( يا معاذ بن جبل! ) قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك. ثم سار ساعة، ثم قال: ( يا معاذ بن جبل! ) قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: ( هل تدري ما حق الله على العباد ؟) قلت: الله ورسوله أعلم. قال: ( فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ، ولا يشركوا به شيئاً) قال: ثم سار ساعة. ثم قال: ( يا معاذ بن جبل ؟) قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: ( فهل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك ؟) قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: (فإن حق العباد على الله أن لا يعذبهم) متفق عليه من حديث قتادة. وأخرج الحاكم و الطبراني بسند رجاله ثقات عن أُبي بن كعب رضي الله عنه، قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة وآوتهم الأنصار، رمتهم العرب عن قوس واحدة، كانوا لا يبيتون إلا بالسلاح، ولا يصبحون إلا فيه، فقالوا: ترون أنا نعيش حتى نكون آمنين مطمئنين، لا نخاف إلا الله، فنزلت: { وعد الله الذين آمنوا منكم} الآية.
&Quot;وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم..&Quot; - جريدة الغد
وحين يذكر الله تعالى الطاعة المطلقة له ولرسوله عليه الصلاة والسلام فهي المفتاح لكل أمل وغاية نريدها في الدنيا والآخرة، الطاعة لله فيما أمر ونهى، وحين يقترب العبد من ربه أكثر فيبالغ في الطاعة والعمل الخالص لله، فهي مجلبة لحب الله لعبده، فكيف لا ينصره ويؤيده ويتولاه! ؟ هي دعوة لكل إنسان في هذا الزمان خاصة أن يثق بربه وبوعده، فالبشارة جاءت في سياق الطاعة وفي ثنايا العبادة الخالصة لله، وحين تكون الهزيمة فلا بد أسبابها معروفة، وقلب المعادلة بحاجة إلى قرار حاسم في التغيير، فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
تفسير الآية ابن كثير:
هذا وعد من الله تعالى لرسوله صلوات الله وسلامه عليه بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض، أي أئمة الناس والولاة عليهم، وبهم تصلح البلاد، وتخضع لهم العباد، وليبدلنهم من بعد خوفهم من الناس أمناً وحكماً فيهم، وقد فعله تبارك وتعالى وله الحمد والمنة، ولهذا ثبت في الصحيح أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: «إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها» فها نحن نتقلب فيما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، فنسأل الله الإيمان به وبرسوله، والقيام بشكره على الوجه الذي يرضيه عنا. روى الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: «لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً» ثم تكلم النبي صل الله عليه وسلم بكلمة خفيت عني، فسألت أبي ماذا قال رسول الله صل الله عليه وسلم ؟ فقال، قال: «كلهم من قريش»، وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا بد من وجود اثني عشر خليفة عادلاً، وليسوا هم بأئمة الشيعة الاثني عشر، فإن كثيراً من أولئك لم يكن لهم من الأمر شيء؛ فأما هؤلاء فإنهم يكونون من قريش يلون فيعدلون، وقد وقعت البشارة بهم في الكتب المتقدمة، ثم لا يشترط أن يكونوا متتابعين، بل يكون وجودهم في الأمة متتابعاً ومتفرقاً.