تاريخ النشر: السبت 27 جمادى الأولى 1424 هـ - 26-7-2003 م
التقييم:
رقم الفتوى: 35300
33036
0
436
السؤال
أحد المصاحف كتب فيه (فلا يخاف عقباها) بدلا من: (ولا يخاف) في سورة الشمس وقد علمت أن هذه إحدى القراءات المتواترة ولكن كيف يجوز كتابتها في المصحف بهذا الشكل وهي تخالف الرسم العثماني؟. وجزاكم الله خيراً. الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كلمة فَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا بسورة الشمس كتبها الصحابة رضوان الله عليهم في المصاحف التي وزعت على الأمصار بأمر من الخليفة الثالث أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه بالفاء في مصحف المدينة، ومصحف الشام، ولهذا قرأها نافع المدني، وابن عامر الشامي بالفاء. كذبت ثمود بطغواها - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. أما باقي المصاحف فإنها كتبت فيها بالواو وَلا يَخَافُ ولهذا قرأها الباقون بالواو اتباعًا لخط المصحف. قال الداني في المقنع في رسم القرآن: في مصاحف أهل المدينة والشام (فلا يخاف) بالفاء، وفي سائر المصاحف (ولا يخاف) بالواو. وهي آخر ما تحدث عنه الخراز في نظمه لرسم المصاحف فقال:
(ولا يخاف) عوض الواو بفا ==== للمدني والشامي والآن وَفى
وبهذا تعلم أن القراءة تابعة لما رُسم في المصحف، وربما كان الرسم يحتمل جميع أوجه القراءات وهو الأكثر في اختلاف القراءات.
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الشمس - الآية 15
- الشمس الآية ١٥Ash-Shams:15 | 91:15 - Quran O
- تفسير قوله تعالى: ولا يخاف عقباها
- كذبت ثمود بطغواها - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
- عمير بن سعد - ويكيبيديا
- عمير - ويكيبيديا
- عمير بن سعد رضي الله عنه
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الشمس - الآية 15
الرسم العثماني وَلَا يَخَافُ عُقْبٰهَا الـرسـم الإمـلائـي وَلَا يَخَافُ عُقۡبٰهَا تفسير ميسر: كذَّبت ثمود نبيها ببلوغها الغاية في العصيان، إذ نهض أكثر القبيلة شقاوة لعقر الناقة، فقال لهم رسول الله صالح عليه السلام; احذروا أن تمسوا الناقة بسوء؛ فإنها آية أرسلها الله إليكم، تدل على صدق نبيكم، واحذروا أن تعتدوا على سقيها، فإن لها شِرْب يوم ولكم شِرْب يوم معلوم. فشق عليهم ذلك، فكذبوه فيما توعَّدهم به فنحروها، فأطبق عليهم ربهم العقوبة بجرمهم، فجعلها عليهم على السواء فلم يُفْلِت منهم أحد. ولا يخاف- جلت قدرته- تبعة ما أنزله بهم من شديد العقاب. الشمس الآية ١٥Ash-Shams:15 | 91:15 - Quran O. القرآن الكريم - الشمس 91: 15 Asy-Syams 91: 15
الشمس الآية ١٥Ash-Shams:15 | 91:15 - Quran O
وقال الحارث في حديثه: الله لا يخاف عقباها. حدثني محمد بن سنان ، قال: ثنا يعقوب ، قال: ثنا رزين بن إبراهم ، عن أبي سليمان ، قال: سمعت بكر بن عبد الله المزني يقول في قوله " ولا يخاف عقباها " قال: لا يخاف الله التبعة. وقال آخرون: بل معنى ذ لك: ولم يخف الذي قعرها عقباها: أي عقبى فعلته التي فعل. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الشمس - الآية 15. حدثنا أبو كريب ، قال: ثنا جابر بن نوح ، قال ثنا أبو روق ، قال: ثنا الضحاك " ولا يخاف عقباها " قال: لم يخف الذي عقرها عقباها. حدثنا ابن حميد ، قال:ثنا مهران ، عن سفيان ، عن السدي " ولا يخاف عقباها " قال: الذي لا يخاف الذي صنع عقبى ما صنع. واختلف القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الحجاز والشام ( فلا يخاف عقباها) بالفاء ، وكذلك ذلك في مصاحفهم. وقرأته عامة قراء العراق في المصرين بالواو " ولا يخاف عقباها " وكذلك هو في مصاحفهم. والصواب من القول في ذلك: انهما قراءتان معرفتان ، غير مختلفتي المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. واختلف القراء في إمالة ما كان من ذوات الواو في هذه السورة وغيرها ، كقوله والقمر إذا تلاها * والنهار إذا جلاها ونحو ذلك ، فكان بفتح ذلك كله عامة قراء الكوفة وسميلون ما كان من ذوات الياء غير عاصم و الكسائي ، فإن عاصماً يفتح جميع ذلك ، ما كان منه من ذوات الوو وذوات الياء ، لا يضجع منه شيئاً وكان الكسائي يكسر ذلك كله.
تفسير قوله تعالى: ولا يخاف عقباها
آخر تفسير سورة والشمس وضحاها, ولله الحمد والمنة. 15- "ولا يخاف عقباها" أي فعل الله ذلك بهم غير خائف من عاقبة ولا تبعة، والضمير في عقباها يرجع إلى الفعلة، أو إلى الدمدمة المدلول عليها بدمدم. وقال السدي والضحاك والكلبي: إن الكلام يرجع إلى العاقر لا إلى الله سبحانه: أي لم يخف الذي عقرها عقبى ما صنع. وقيل لا يخاف رسول الله صلى الله عليه وسلم عاقبة إهلاك قومه ولا يخشى ضرراً يعود عليه من عذابهم، لأنه قد أنذرهم، والأول أولى. قرأ الجمهور "ولا يخاف" بالواو، وقرأ نافع وابن عامر بالفاء. وقد أخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس "وضحاها" قال: ضوئها "والقمر إذا تلاها" قال: تبعها "والنهار إذا جلاها" قال: أضاءها "والسماء وما بناها" قال: الله بنى السماء "والأرض وما طحاها" قال: دحاها "فألهمها فجورها وتقواها" قال: علمها الطاعة والمعصية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه: "والأرض وما طحاها" يقول: قسمها "فألهمها فجورها وتقواها" قال: من الخير والشر. وأخرج الحاكم وصححه عنه أيضاً "فألهمها" قال: ألزمها فجورها وتقواها. وأخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عمران بن حصين "أن رجلاً قال: يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه، شيء قد قضي عليهم، ومضى في قدر قد سبق، أو فيما يستقبلون مما أتاهم نبيهم واتخذت عليهم به الحجة، قال: بل شيء قد قضي عليهم؟ قال: فلم يعملون إذن؟ قال: من كان الله خلقه لواحدة من المنزلتين يهيئه لعملها وتصديق ذلك في كتاب الله " ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها "" وسيأتي في السورة التي بعد هذه نحو هذا الحديث.
كذبت ثمود بطغواها - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
فكم من سؤالٍ أوقعَ الناسَ في حَيصِ بَيص وهو لا يستحقُّ من العقلِ السليم أيَّ تدبُّرٍ ولا تفكُّر! ومن جملةِ هذه الأسئلة السؤالُ الذي هو عنوانُ هذا المنشور! فإبليسُ أبى أن يسجدَ لآدمَ ظناً منه بأنَّه "أمرٌ منطقي"؛ إذ "كيف يُعقَلُ أن يسجدَ لمن خُلِقَ من طين وهو الذي خلقَه اللهُ من نار؟"! وإبليسُ لم يكن ليخطرَ له على بال أنَّ ما قام به من عصيانٍ لأمرِ اللهِ له بالسجود لآدم سيجلبُ عليه ما يوجِبُ أن يُخرَجَه اللهُ من الجنة، وأن يلعنَه اللهُ إلى يومِ الوقتِ المعلوم، وأن يخلِّدَه اللهُ بعدها في نارِ جهنم. فلما تبيَّنَ للشيطانِ أنَّه بعِصيانِه لأمرِ اللهِ تعالى بالسجودِ لآدم قد تعيَّنَ عليه أن يُعانِيَ كلَّ هذا العذاب، أدركَ، بعد فواتِ الأوان، الحقيقةَ التي لم يكن يُدركها من قبل، وهي أنَّ اللهَ شديدُ العقاب، وأنَّ اللهَ سيضطرُّه إلى مزيدٍ من العذاب، فوقَ العذابِ الذي تسبَّبَ به لنفسِه بعصيانِه وتمرُّدِه، إن هو تعدَّى الحدودَ التي اشترطَها اللهُ تعالى عليه إذ أجازَه بما سألَه من "حريةٍ" بأن يُضِلَّ الغاوين من عبادِه. يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ ما تقدَّم، أنَّ الشيطانَ أصبحَ يخافُ اللهَ بعد أن عصاه وأدركَ يقيناً بأنَّ اللهَ شديدُ العقاب، وليس قبل ذلك.
وكيف يخاف من هو قاهر، لا يخرج عن قهره وتصرفه مخلوق، الحكيم في كل ما قضاه وشرعه؟ #أبو_الهيثم #مع_القرآن
4
0
9, 248
وربما كتب في المصحف ما لا يحتمل إلا قراءة واحدة، فيقرؤه من كتب في مصحفهم بما كتب. ومن أمثلته ما أشار إليه السائل الكريم، ومنها كلمة تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ[التوبة:100] ، ومنها: هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ[الحديد:24]. والصحابة هم الذين كتبوا ذلك في المصاحف بناء على ما استقر في العرضة الأخيرة، وعلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: نزل هذا القرآن على سبعة أحرف. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. وبناء على حفظ الصحابة وأخذهم لهذه الحروف من فم النبي صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.
واستعمله عمر على حمص ، وكان من الزهاد. وقد وهم ابن سعد ، فقال: هو عمير بن سعد بن عبيد. وقال ابن أبي حاتم: عمير بن سعد بن شهيد الأنصاري له صحبة ، روى عنه أبو طلحة الخولاني. مرسل ، قاله أبي. [ ص: 559]
وقال عبد الصمد بن سعيد: كانت ولايته حمص بعد سعيد بن عامر بن حذيم. ابن لهيعة ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، قال: توفي سعيد بن عامر ، وقام مكانه عمير بن سعد. وقال الزهري: فكان على الشام معاوية ، وعمير بن سعد ، ثم استخلف عثمان ، فجمع الشام لمعاوية. ولما توفي أبو عبيدة ، استخلف ابن عمه عياض بن غنم ، فأقره عمر ، فمات عياض فولي سعيد المذكور. قال صفوان بن عمرو: خطب معاوية على منبر حمص ، وهو أمير على الشام كله ، فقال: والله ما علمت يا أهل حمص إن الله ليسعدكم بالأمراء الصالحين: أول من ولي عليكم عياض بن غنم ، وكان خيرا مني; ثم ولي عليكم سعيد بن عامر ، وكان خيرا مني ، ثم ولي عليكم عمير ، ولنعم العمير كان; ثم هأنذا قد وليتكم ، فستعلمون. ابن إسحاق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبد الرحمن بن عمير بن سعد ، قال لي ابن عمر: ما كان من المسلمين رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- أفضل من أبيك. وروى هشام ، عن ابن سيرين: كان عمير بن سعد يعجب عمر; فكان [ ص: 560] من عجبه به يسميه: نسيج وحده.
عمير بن سعد - ويكيبيديا
اليوم بمشيئة الله نكمل معكم قصص الأبطال ومسلسل الأساطير مع الجزء الثانى من قصة عمير بن سعد ولكن هذه المرة فى كبره ، قال فيه عمر بن الخطاب ( وَدِدْتُ أنَّ لي رجالاً مِثْلَ عُمَيْرِ بنِ سَعْدٍ أسْتَعينُ بهم في أعمالِ المسلمين) مع الصحابى الجليل عمير بن سعد رضى الله عنه. قصة عمير بن سعد فى كبره
وَقَفْنَا آنِفاً على صورة فذَّةِ وَضيئَةٍ من حياةِ الصحابيّ الجليلِ عُمَيْرِ بنِ سَعْدٍ في صِغَرِه ، فَتَعالَوا نَقِف الآن على صورة رائعة مشرقةٍ من حَيَاتِه في كِبَرِه ، وسَتَجِدون أن الصورةَ الثانيةَ لن تقل عن الأولى جلالا وبهاءً. كان أهلُ حِمْصَ شديدي التذَمّرِ مِنْ وُلاتهم كثيري الشَّكْوى منهم فما جاءهم من وال إلا وجدوا فيه عيوباً وأحْصَوْا له ذُنُوباَ و رَفَعوا أمْرَه إلى خليفةِ المسلمين وتَمَنَّوا عليه أن يُبْدِلَهُمْ به من هو خيرٌ منه ، فَعزَمَ الفاروقُ رِضْوانُ اللّهِ عليه أن يَبْعَثَ إليهم بوالٍ لا يجدون فيه مَطْعناً ولا يَرَوْنَ في سيرَتِه مَغْمَزاً (عيبا) فَنَثَرَ كِنَانَةَرجاله بَيْنَ يَدَيْه وعَجَمَ (اختبرها) عِيدانها عوداً عوداً. فلم يجد خيراً من عُمَيْرِ بن سعدِ على الرَّغمِ مِنْ أنَّ عُمَيْراً كان إذ ذاك يَضْرِبُ (يغزو) في أرضِ الجزيرَة من بلاد الشَّـامِ على رَأسِ جَيْشِه الغازي في سبيل اللّهِ فَيُحرِّرُ المُدُنَ وَيَدُكُّ المعاقلَ ويُخْضِعُ القبائِلَ ويقيم المساجِدَ في كلِّ أرْض وَطِئَتْها قَدَمَاه ، على الرَّغْمِ مِن ذلك فقد دعاه أميرُ المؤمنين وعَهِدَ إليه بولايةِ حمص وأمَرَه بالتَّوَجُّهِ إليها فاذْعَنَ للأمْرِ على كُرْهٍ مِنْه لأنه كانَ لا يًؤثِرُ شيئاً على الجهاد في سبيلِ اللّهِ.
عمير - ويكيبيديا
استشهاد عمير بن أبي وقاص:
واستشهد في بدر في قول الجميع وقتله عمرو بن عبد وُدّ العامري، الذي قتله علي يوم الخندق. فقتل وهو ابن ست عشرة سنة.
عمير بن سعد رضي الله عنه
فأنزل الله قرآنًا يؤكد صدق الغلام، ويفضح الجلاس ويحفظ للغلام مكانته عند الرسول (، فقال تعالى: {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرًا لهم وإن يتولوا يعذبهم عذابًا أليمًا في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير} [التوبة: 74]. فاعترف الجلاس بما قاله الغلام، واعتذر عن خطيئته، وتاب إلى الله، وحسن إسلامه، وما سمع الغلام من الجلاس شيئًا يكرهه بعدها، ثم أخذ النبي ( أذن الغلام، وقال: (وفَتْ أُذُنُك يا غلام، وصدَّقَك ربك) [عبد الرزاق]. ويواصل عمير حياته على هذه الحال حتى تأتي خلافة الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ويبدأ في اختيار ولاته وأمرائه، وفق دستوره الذي أعلنه في عبارته الشهيرة: أريد رجلاً إذا كان في القوم، وليس أميرًا عليهم بدا (ظهر) وكأنه أميرهم، وإذا كان فيهم وهو عليهم أمير، بدا وكأنه واحد منهم، أريد واليًا لا يميز نفسه على الناس في ملبس، ولا في مطعم، ولا في مسكن.. يقيم فيهم الصلاة، ويقسم بينهم بالحق، ويحكم فيهم بالعدل، ولا يغلق بابه دون حوائجهم. وعلى هذا الأساس اختار عمر بن الخطاب عميرًا ليكون واليًا على حمص، وحاول عمير أن يعتذر عن هذه الولاية، لكن عمر بن الخطاب ألزمه بها.
بَلَغ عُمَيْرٌ حِمْصَ فدعا النَّاسَ إلى صلاةٍ جامِعَةٍ ولما قُضِيَتِ الصَّلاةُ خَطَبَ النَّاسَ فَحِمَدَ اللّهَ وأثنَى عليه وصلى على نَبِيِّه محمد ثم قال: (أيها الناسُ إنَّ الإسْلامَ حِصنٌ مَنِيعٌ وباث وَثِيقٌ وحِصْنُ الإسلامِ العَدْلُ وبابُه الحَقُّ فإذا دُكَّ الحِصْنُ وحُطِّمَ البابُ اسْتُبيحَ حِمَى هذا الدِّينِ وإنَّ الإسْلامَ ما يزالُ مَنيعاً ما اشْتَدَّ السُّلْطان ولَيْسَتْ شِدَّةُ السُّلطانِ ضرباً بالسَّوْط ولا خَملاً بالسَّيفِ ولكِنْ قَضَاءً بالعَدْلَ وأخْذاً بالحَقِّ) ثم انْصرَفَ إلى عَمَلِه لِيُنَفِّذَ ما اختطه لهم من دستور في خطبته القصيرَةِ. قَضَى عُمَيْرُ بن سَعْدٍ حَوْلاً كامِلاً في حِمْصَ لم يَكْتُبْ خِلاله لأمير المؤمنين كِتاباً ولمْ يَبْعَثْ إلى بيتِ مالِ المُسْلمينَ من الفَيءِ (الخراج) دِرْهماً ولا ديناراً ، فأخَذَتِ الشُّكُوكُ تساور عُمَرَ إذْ كانَ شديدَ الخَشْيَةِ على وُلاتِه من فِتْنَةِ الإمارَة ، فلا مَعْصومَ عِنْدَهُ غَيْرُ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فقال لِكَـاتِبِه: اكْتُبْ إلى عُمَيْرِ بنِ سَعْدٍ وقُلْ له: إذا جاءَكَ كِتابُ أمِيرِ المؤمنين فَدَع حِمْصَ وأقْبِلْ عليه واحْمِلْ مَعَكَ ما جَبَيْتَ مِنْ فَيءِ المسلمين ، تلقَّى عُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ كتاب عُمَرَ رضى اللّه عنـه وعن عمير ، فأخَذَ جِرَابَ زاده وَحَمَلَ على عاتِقِه قَصعَتَه ووعاءَ وضوئه وأمْسَك بيده حَرْبَتَه وخَلَّف حِمْصَ وإمارتها وراءه وانْطَلَقَ يَحُثُّ الخطا مشياً على قَدَمَيه إلى المدينة فما كادَ يَبْلُغ عمَيرٌ المدينةَ حتى كان قد شحَبَ لونُه وهزُل جِسْمُه وطال شَعْرُه وظَهَرَتْ عليه وعَثْاءُ(أثار مشقة) السَّفَرِ.
دَخَلَ عُمَيْرٌ على أميرِ المؤمنين عُمَرَ بنِ الخَطابِ ، فَدُهِشَ الفاروق من حالَتِه وقال: ما بكَ يا عُمَيْر؟ فقال: ما بي من شيءٍ يا أمير المؤمنين فأنا صَحيحٌ مُعافًى بحمد اللّه أحْمِلُ معي الدنيا كُلَّها وأجُرُّها من قَرْنَيْها ، فقال: وما معك من الدنيا؟ (وهو يَظُنُّ أنَه يحْمِلُ مالاً لِبـيْتِ مالِ المُسْلِمين). فقال: معي جِرابي وقد وضعت فيه زادي ومعي قصعتي آكلُ فيها وأغْسِلُ عليها رَأسي وثيابي ومعي قِربَة لِوُضوئي وشرابي ، ثم إنَّ الدنيا كُلَّها يا أميرَ المؤمنين تَبَعٌ لمتاعي هذا وفُضلةٌ لا حاجَةَ لي ولا لأحد غيري فيها ، فقال عمر: وهل جئت ماشياً؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين ، فقال: أما اُعطيتَ من الإمارة دابَّةً تركَبُها؟ فقال: هم لم يعطوني وأنا لم أطلب منهم. فقال: وأينَ ما أتُيْتَ بهِ لِبَيْتِ المالِ؟ فقال: لم آتِ بِشيءٍ ، فقال: ولم؟ فقال: لما وَصَلْتُ إلى حِمْصَ؟ جَمعْتُ صلحاء أهلها ووليتم جمْعَ فَيْئهم ، فكانوا كُلما جمعوا شيئاً منه؟ استشَرْتُهم في أمره ووضعته في مواضعه وأنفقتُه على المُستَحِقِّين منهم. فقال عمر لكاتبه: جَدِّد عهداً لِعُمَير على وِلايةِ حِمْص فقال عمير: هيهات فإن ذلك شَيء لا أريده ولَن أعْمَلَ لَكَ ولا لأحدٍ بَعْدَكَ يا أميرَ المؤمنين ، ثم استأذَنَهُ بالذَّهاب إلى قَرْيَةٍ في ضواحي المدينَةِ يُقيم بِها أهْلُه فأذنَ له ، لم يَمْضِ على ذهاب عُمَيْرٍ إلى قَرْيَته وقتٌ طويل حتى أراد عُمَرُ أنْ يَختَبِرَ صاحبه وأن يَسْتَوثقَ من أمْرِه ، فقال لواحدٍ من ثِقَاتِه يدعى الحارثَ: انطلق يا حارثُ إلى عُمَيْرِ بنِ سعد وانْزِل به كأنّكَ ضَيْف فإن رَأيتَ عليه آثارَ نِعْمَةٍ ؟ فَعدْ كما أتيت وإن وَجدْتَ حالاً شديدَةً فأعطِه هذه الدنانير وناوَله صُرِّة فيها مائة دينارٍ.