قال ابن كثير وغيره: " قال ابن إسحاق: عن سعيد بن جبير قال: قلت لعبد الله بن عباس: أكان المشركون يبلغون من أصحاب رسول الله من العذاب ما يُعْذرون به في ترك دينهم؟، قال: نعم والله! ، إن كانوا ليضربون أحدهم، ويجيعونه، ويعطشونه حتى ما يقدر أن يستوي جالسا من شدة الضر الذي نزل به، حتى يعطيهم ما سألوه من الفتنة، حتى يقولوا له: اللات والعزى إلهآن من دون الله، فيقول: نعم، افتداء منهم بما يبلغون من جهدهم.. قلت: وفي مثل هذا أنزل الله تعالى { مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}( النحل الآية: 106)، فهؤلاء كانوا معذورين بما حصل لهم من الإهانة والعذاب البليغ، أجارنا الله من ذلك بحوله وقوته ". لقد عذب المشركون مَنْ أسلم وأظهر إسلامه شديد العذاب ليرتدوا عن دينهم ويكفروا بالله وبما جاء به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وكانوا يطلبون منهم النطق بكلمة الشرك ليكفوا عن تعذيبهم، وإلا استمر تعذيبهم ما داموا على الإسلام، فمن أولئك المعذبين مَنْ أبَى أن يعطيهم شيئا مما طلبوه كبلال ـ رضي الله عنه ـ، ومنهم من أعطاهم ذلك - ظاهرا - ليخففوا عنه العذاب، وثبت على عقيدة التوحيد والإيمان بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في باطنه، كعمار بن ياسر ، وفي ذلك فقه يتراوح بين العزيمة والرخصة, يحتاج من الدعاة أن يستوعبوه, ويضعوه في إطاره الصحيح, وفق معاييره الدقيقة دون إفراط أو تفريط.
عمار بن ياسر ويكبيديا
إن كلمة (ابن السوداء) كانت لفظة شائعة تُطْلَق في هذا المجتمع على كل صاحب بشرة سوداء، أي أنها كانت تعبيراً يَسْهُل النطق به عند ضيق النفس، وفقدان الالتزام بالقيم الدينية من قلوبٍ عاشت جلّ حياتها في الجاهلية، فيقولها السيد لعبده، ويقولها أحياناً الحر للحر، فأبو ذر يضيق ذرعاً ببلال بن رباح فيقول له: يا ابن السوداء، فلا يعني أنه لو حدث فعلاً أن عماراً وبلالاً كانا يُلَقَّبان بهذا اللقب أن يكونا شخصاً واحداً. يمر تاريخ عمار بن ياسر بثلاث مراحل أساسية: فأول مرحلة في حياته هي لحظة إسلامه، وما حدث معه من اضطهاد وتعذيب يذعن فيها عمار تحت وطأة التعذيب بالرجوع إلى الكفر، وقلبه مطمئن بالإيمان كمجرى طبيعي لتحوُّل المجتمعات من عقيدةٍ إلى عقيدةٍ أخرى، بمعنى أنه من الطبيعي تحت نيران الجحيم التي أعلنها خصوم العقيدة الجديدة أن يمتثل شخص مثل عمار لأوامر خصوم عقيدته مع ما يحمله من إيمان واطمئنان لعقيدته، وأن يظل شخص آخر مثل سيدنا بلال على عقيدته حتى وإن خرجت روحه في سبيل إيمانه.
" المعركة الأخيرة لعمار بن ياسر في حياته وسيرته الدينية كانت أكثر المواقف تعقيداً لعمار، لقد مُثِّلَت فيها كلُّ عوامل الإيمان واضحةً للعيان يرى من خلالها المرءُ مدى ما وصل إليه عمار من إيمانٍ بما حمله من تضحيات "
تأتي المرحلة الثانية من مراحل تاريخ عمار والمتمثلة في حروبه ضد المرتدين؛ فينادي على الفارّين من زحف جيوش المرتدين: أَمِنْ الجنة تفرون!
شارع عمار بن ياسر خلف الكليه الحربية
وعند أحمد عن مجاهد قال أول شهيد كان في أول الإسلام استشهد أم عمّار سميَّة (رضي الله عنها) طعنها أبو جهل (لعنه الله) بحربة في قبلها – كذا في البداية. l وأخرج ابن سعد عن عمرو بن ميمون قال أحرق المشركون عمار بن ياسر بالنار فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر به ويمر يده على رأسه فيقول: يا نار كوني برداً وسلاماً على عمار كما كنت على إبراهيم عليه السلام، تقتلك الفئة الباغية. l وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار قال: أخذ المشركون عماراً رضي الله عنه (فعذَّبوه) فلم يتركوه حتى سب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ما وراءك؟ قال شر يا رسول الله، ما تُركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير فقال رسول الله: كيف تجد قلبك قال أجد قلبي مطمئناً بالإيمان قال: فإن عادوا فعد ».
مقتل عمار بن ياسر
جميلٌ هو الحديث عن عمار بن ياسر، جميلٌ الحديث عنه في صباه، وجميلٌ الحديث عنه في شيخوخته، جميلٌ الحديث عنه في كل سطر من سطور حياته، إلا أن الحديث عنه في كُتُب التاريخ محمولٌ في أكثره على وَضْع الرُّوَاة، فلا يشك شاكّ في أن حديثاً مثل: (ثلاثة تشتاق إليهم الجنة: عليّ، وسلمان، وعمار) قد وُضِع بأيدي الرُّوَاة، وهي على الأخص أيدٍ شيعية أرادت أن ترفع من قيمة رجالٍ بعينهم وتعلو بهم عن القيمة الكلية للصحابة أجمعين، كل على حسب بلائه وجهاده. لقد دأب رُوَاة التاريخ على نسج الأساطير حول سيدنا عمار بن ياسر، واصطناع الأحاديث حوله، شأنه شأن سلمان الفارسي (وإن كان موقف سلمان أكثر تعقيداً من عمار) لدرجة أن أكاديمياً كبيراً مثل الدكتور علي الوردي يذهب مذهباً غريباً عند حديثه عن عمار بن ياسر؛ حيث حاول أن يثبت أن شخصية عمار هي نفسها شخصية عبد الله بن سبأ؛ تلك الشخصية التي دفعت الثورة على عثمان بن عفان -رضي الله عنه- إلى طريق أدى في النهاية إلى قتل عثمان (رضي الله عنه) على حسب رأي جمهرة كبيرة من المؤرخين. لقد اعتمد الدكتور علي الوردي في هذا الربط بين الشخصين على عدة عوامل واهية لا تعتمد على أُسُس متينة للبحث، فمثلاً هو يقول: إن كلا الشخصين كانا يلقبان بـ(ابن السوداء)، وهو اجتهاد في غاية الضعف.
حفّزت مدرسة عمار بن ياسر الابتدائية بمدينة سكاكا الطلاب المستجدين في الصف الأول بتعليق صورهم على السور الخارجي لمبنى المدرسة، مذيلة بعبارة "وروداً أعوادها ريانة". وقال قائد المدرسة خلف بن نايف المنصور إن هذه المبادرة جاءت ضمن مجموعة من الأعمال والبرامج المميزة التي قدمها المرشد الطلابي خلال الأسبوع التمهيدي تحت شعار "نورتوا" وتفاعل معها أولياء الأمور بشكل رائع وغير مسبوق. وأكد المنصور أن هذه المبادرة أسهمت بشكل إيجابي بسهولة تعارف الطلاب على بعضهم بشكل أسهل وأسرع واندماجهم السريع مع بقية زملائهم في المدرسة. من جانبه، قال صاحب المبادرة المرشد الطلابي في المدرسة الأستاذ محمد بن عبدالقادر السويلم أن تعليق صور الطلاب المستجدين كان بغرض توليد الإحساس والشعور لدى الطلاب بالانتماء للمدرسة من أول يوم، وتعزيز حب المدرسة لديهم، وابرازهم للمجتمع المحلي، وتكريمهم لدخولهم مقاعد الدراسة، وكسر حاجز الخوف من المدرسة لديهم، والاحتفاء بهم داخل المدرسة وخارجها في الحي المحيط. وقال معلم الصف الأول في المدرسة الأستاذ خالد بن عايد الخالدي إن مبادرة المرشد الطلابي أسهمت بشكل ملحوظ بتشويق الطلاب للحضور للمدرسة وانتمائهم لها من لحظاتهم الأولى، وأضاف "لاحظنا سعادة غامرة على وجوههم بهذا العمل، وأن تعرفوا على بعضهم بصورة سريعة ومختلفة".
قال ابن حجر: " قال ابن بطال ـ تبعاً لابن المنذر ـ: أجمع العلماء على أن من أُكْرِه على الكفر حتى خشي على نفسه القتل، أنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان، ولا تبين منه زوجته، ولا يحكم عليه بحكم الكفر ". وقال الطبري: " عن ابن عباس قال: فأخبر الله سبحانه أنه من كفر من بعد إيمانه فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم، فأما من أكره فتكلم به لسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوّه فلا حرج عليه، لأن الله سبحانه إنما يأخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم ". وقال ابن كثير: " ولهذا اتفق العلماء على أنه يجوز أن يوالي المكره على الكفر، إبقاء لمهجته، ويجوز له أن يستقتل، كما كان بلال - رضي الله عنه - يأبى عليهم ذلك وهم يفعلون به الأفاعيل، حتى أنهم ليضعون الصخرة العظيمة على صدره في شدة الحر، ويأمرونه أن يشرك بالله فيأبى عليهم وهو يقول: أَحَدٌ، أَحَد، ويقول: والله لو أعلم كلمة هي أغيظ لكم منها لقلتها - رضي الله عنه وأرضاه ـ ". أيهما أفضل: الرخصة أم العزيمة؟:
الأفضل العزيمة والصبر والتحمل، وخاصة لمن كان من أهل العلم، أو الفضل، أو القدوة للناس، وهو قول الجمهور. قال ابن بطال: " أجمع العلماء أن من أُكْرِهَ على الكفر فاختار القتل أنه أعظم أجرا عند الله ممن اختار الرخصة ".