تاريخ النشر: الأحد 18 محرم 1423 هـ - 31-3-2002 م
التقييم:
رقم الفتوى: 14866
51819
0
277
السؤال
الرجاء شرح مقولة سيدنا علي: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالراجح في معنى هذا القول -والله أعلم- أن الإنسان يخطط لأمور الدنيا تخطيطاً بعيد النظر، فلا يقدم الحلول لمشاكله في الدنيا لمجرد التخلص منها في هذا اليوم، وإنما يفعل ذلك لسنين عديدة، وآماد بعيدة، لأن التخطيط الوقتي سرعان ما يحتاج إلى التغيير مرة أخرى، وهكذا. وأمور الآخرة تكون في قلب العبد حاضرة، فيداوم عليها ويسارع في أدائها في أوقاتها، لأنه يخشى أن يموت قريباً فيلقى الله بالتقصير والتفريط، وقد عبر عن قرب الموت بكلمة (غدا) كما عبر الله عن يوم القيامة كذلك، فقال: (ولتنظر نفس ما قدمت لغد). وكأنه يريد أن يقول: السعي للدنيا لا ينافي السعي للآخرة، بشرط أن يعرف المرء حد كل واحدة منهما ولا يُطغي واحدة على واحدة، وأن العبد مطلوب منه الاجتهاد وعدم التواني، فهو إما في أمر الآخرة، وإما في أمر الدنيا، ولا يكن كالبطالين الذين هم ليسوا من هؤلاء ولا من هؤلاء، ولا يكن من أهل الدنيا فقط لأن أهل الدنيا فقط ليس لهم في الآخرة من نصيب، وهذه هي نظرة الإسلام الوسطية للدنيا والآخرة.
- شرح مقولة: اعمل لدنيال كأنك تعيش أبداً - موضوع
شرح مقولة: اعمل لدنيال كأنك تعيش أبداً - موضوع
اقرأ أيضاً أنواع الأموال الربوية أنواع الربا
صاحب مقولة: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً
لقد اشتهر عل ألسنة كثير من الناس أنّ هذه المقولة حديث نبوي شريف، وفي الحقيقة أنّ هذه المقولة ليست بحديث نبوي، وهي ممّا لا أصل له، يقول الألباني رحمه الله: "لا أصل له مرفوعاً وإن اشتهر على الألسنة في الأزمنة المتأخرة". [١]
وقد نسب الشيخ الألباني رحمه الله هذه المقولة للصحابي الجليل: عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه-، [٢] وقد رويت عنه بهذه الصيغة: (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا). [٣]
شرح مقولة: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غد ا
لقد فهمت هذه العبارة بعدة أفهام؛ منها الفهم السليم المحمود، ومنها الفهم المغلوط المذموم، وللتفصيل أكثر فإنّ هذه العبارة تكون من شطرين اثنين، شطر يتحدث عن عمل الدنيا وبيان حاله، وشطر يتحدّث عن عمل الآخرة وبيان حاله. معنى الشطر الأول: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا
يُفهم من هذه العبارة أنّ العمل في الدنيا ينبغي أن يكون في غاية الإتقان والمهارة، والأخذ بالأسباب والسعي الجاد، حتى يستفيد منه الإنسان أكبر قدر من الزمن، بل ولتستفيد منه الأجيال القادمة؛ فإذا قمت بعمل ما فعليك أن تتقنه غاية الإتقان، ليمكث في الأرض أكبر مدة زمنية ولتعم فائدته.
وعليه فإن الترويح الحلال عن النفس هو ليس عملًا في الدنيا. الخلاصة: لا تعمل لدنياك، ولكن "اعمل في (دنياك) (لآخرتك) كأنما تعيش أبدًا. واتخذ النية في كل عملٍ تعمله في دنياك أنه زادٌ لآخرتك، حتى اللهو الحلال؛ حاول أن تتخذ فيه نية ترويحك عن نفسك به لمواصلة العمل للآخرة. والله أعلم.