قال الليث بن سعد لخادم هارون الرشيد "يخلي أمير المؤمنين مجلسه إن أراد أن يسمع كلامي في ذلك، فانصرف من كان بمجلس أمير المؤمنين من الفقهاء والناس، ثم قال: تكلم، فقال: يدنيني أمير المؤمنين ؟ فقال: ليس بالحضرة إلا هذا الغلام، وليس عليك منه عين، فقال: يا أمير المؤمنين أتكلم على الأمان، وعلى طرح التعمل والهيبة والطاعة لي من أمير المؤمنين في جميع ما آمر به ؟ قال: لك ذلك، قال: يدعو أمير المؤمنين بمصحف جامع، فأمر به فأحضر".
- مدرسة الليث بن سعد المتوسطة
- الليث بن سعد
- مدرسة الليث بن سعد
مدرسة الليث بن سعد المتوسطة
روايته للحديث: كانَ الإمامُ اللَّيثُ بنُ سَعْدٍ منْ كبارِِ أتباعِ التَّابعينَ في رِوايَةِ الحديثِ، وقدْ رَوَى الحديثَ عنْ جُمْلَةٍ من المحدِّثينَ التَّابعينَ منْ أمْثالِ: عطَاءِ بنِ أبي رَباحٍ و نافع مولى ابنِ عُمَرَ والزُّهريِّ وأبي الزُّبيرِ المَكِّيِّ و يحيَى بنِ سعيدٍ الأنْصارِيِّ وابنِ أبي مُلَيْكَةَ و سعيدٍ المقْبُرِيُّ وغيرِهِمْ يرْحَمُهُمُ اللهُ. أمَّا منْ رَوى الحديثَ منْ طَريقِ الإمامِ اللَّيثِ بنِ سَعْدٍ فَمِنْهُمْ: عبدِ اللهُ بنُ لَهِيعَة ويحيَى بنُ يَحْيَى الليثِيُّ وقُتَيْبَةُ بنُ سَعيدٍ وعبدِ اللهُ بنُ المُبارَكِ واحْمدُ بنُ يونُسَ وعبدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ ومُحَمَّدُ بنُ رُمْحٍ ويَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّميمِيُّ وغيرُهمْ وكانَ منْ أصْحابِ العلمِ في الحديثِ النَّبويِّ وروَى لَهُ جماعَةُ الحديثِ. من رواية الليث بن سعد للحديث: مِمَّا ورَدَ في كُتبِ الحديثِ منْ روايَةِ ا للَّيثِ بنِ سعدٍ ما أورَدَهُ الإمامٌ أَبو داوودَ منَ الحديثِ الصَّحيحِ في السُنَنِ منْ كِتابِ الطَّهارةِ: ((حدَّثَنا يَزيدُ بنُ خالِدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ، حدَّثَنا اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ ، عنِ ابنِ شِهابٍ، عنْ حبيبٍ مولَى عُرْوَةَ، عنْ نَدَبَةَ موْلاةَ مَيْمونَةَ، عنْ مَيْمونَةَ، أنَّ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كانَ يُباشِرُ المَرْأَةَ منْ نِسائِهِ وهيَ حائِضٌ إِذا كانَ عَلَيْهَا إزارٌ إلَى أنْصافِ الفّخِذَيْنِ ـ أوِ الرٌّكْبَتَيْنِ ـ تَحْتَجِزُ بِهِ)).
الليث بن سعد
محمد حماد
الإمام الفقيه الحافظ الحجة، شيخ الإسلام، عالم الديار المصرية، وإمام أهل مصر في الفقه والحديث، من أشهر الفقهاء في زمانه، غير أن تلامذته لم يقوموا بتدوين علمه وفقهه ونشره في الآفاق. هو الليث بن سعد بن عبد الرحمن بن عقبة الفهمي، وكنيته أبو الحارث، ولد سنة 94 هجرية في قرية «قلقشندة» من أعمال محافظة القليوبية بدلتا مصر، وكان مولى لآل مسافر بن خالد بن ثابت بن ظاعن الفهمي من قبيلة فهم القيسية المضرية فانتسب لهم، وكان أبوه من موالي قبيلة قريش قبل أن يصير مولى لقبيلة فهم. نشأ الليث بن سعد طالباً للعلم، حريصاً على أن يتلقاه من الشيوخ والعلماء؛ فطاف البلاد ليتلقى العلم على عدد من كبار علماء عصره، فسمع من عطاء بن أبي رباح، وابن أبي مليكة، ونافع العمري، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، وابن شهاب الزهري، وأبي الزبير المكي وغيرهم كثير، يقول: «سمعت بمكة سنة ثلاث عشرة ومئة من الزهري وأنا ابن عشرين سنة»، وقال: «كتبت من علم ابن شهاب علماً كثيراً وطلبت ركوب البريد إليه إلى الرصافة فخفت ألا يكون ذلك لله فتركته، ودخلت على نافع فسألني فقلت: أنا مصري، فقال: ممن؟ قلت: من قيس، قال: ابن كم؟ قلت: ابن عشرين سنة، قال أما لحيتك فلحية ابن أربعين».
مدرسة الليث بن سعد
يُروى أن امرأة جاءته فقالت: (يا أبا الحارث، إن ابنا لي عليل واشتهى عسلًا)، فقال: (يا غلام أعطها مرطًا -20 رطل- من عسل)، واشترى قوم منه بستانًا فلم يثمر، فاشتراه منهم بذات الثمن وأعطاهم 50 دينارًا من الذهب تعويضًا لهم. مكانة الليث بن سعد عند الحكام كان الخلفاء يرجعون بالفتوى إلى الليث، جاءه هارون الرشيد بمسألة أشكلت عليه، فقد حلف بالله تعالى أنّ له جنّتين ، فقال الليث: يا أمير المؤمنين، هل تخاف الله عزّ وجل؟ قال: نعم، قال: احلف، فاستغرب الرشيد وحلف، ثم طلب منه أن يكررها ثلاثًا، ثم قال الليث: خرجت الآن من قَسَمِك، فقال الرشيد: ما علاقة هذا بقسمي؟ قال الليث: يقول الله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}. ويروى عن الليث قال: قال لي أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي: أريد أن أولّيك مصر، قلت: يا أمير المؤمنين إني أضعف عن ذلك فأنا من الموالي، قال أبو جعفر: ما بك من ضعف، ولكن ضعفت نيّتك في العمل لي، فسكتُ. قال يعقوب بن داود وزير الخليفة العباسي أبو عبد الله المهدي، أنَّ المهدي أوصاه حين قدم الليث العراق بأن يلزمه، قائلاً: (فقد ثبت عندي أنه لم يبق أحد أعلم بما حمل منه). قال الليث: قال لي المنصور حين أردت أن أودعه: قد سرني ما رأيت من سداد عقلك، فأبقى الله في الرعية أمثالك.
فضلًا شارك في تحريرها. ع ن ت