السؤال:
المستمع فيصل الوهيبي يقول: أرجو أن تشرحوا لي قول الحق -تبارك وتعالى- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [النساء:79]. الجواب:
معناها: أن ما أصابك من حسنة؛ فمن الله، هو الذي تفضل بها عليك، وهداك لها، وأعانك عليها، وهو المتفضل سبحانه، وهو الجواد الكريم، وقد سبق بها القدر، ومع هذا تفضل عليك، فأعانك عليها، وهداك لها، حتى فعلتها من صلاة وغيرها. وما أصابك من سيئة فمن نفسك، من معصية أو غيرها، فمن أسباب نفسك، من معاصيك، أو تساهلك، وعدم قيامك بالواجب، وقد سبق في علم الله أنها تقع، لكن أنت بأفعالك السبب في وقوعها، من معاصيك، أو تفريطك، وعدم أخذك بالأسباب الشرعية، فإذا أخذ مالك، سرق مالك؛ لأنك ما قفلت الباب، أو ما فعلت ما ينبغي من حراسته؛ فأنت السبب. وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم - مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. وكذلك إذا وقعت في المعصية فأنت السبب؛ لأنك أنت الذي فعلتها، وأنت الذي تساهلت فيها، وأنت الذي سعيت إليها، وإن كانت بقدر سابق، لكن من أسبابك، أنت لك أسباب، لك فعل، لك قدرة، لك عقل، فمن نفسك، وإن كانت بقدر الله، ولهذا بعدها: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [النساء:78] يعني: بقدر الله، لكن الطاعة من فضله، والمعصية من أسباب تفريطك، وأسبابك الأخرى التي تساهلت بها، حتى وقعت المعصية، أو وقع المرض، أو وقعت السرقة، أو وقع الهدم، أو الانقلاب، أو ما أشبه ذلك، نعم.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة النساء - الآية 79
الخطبة الأولى:
الحمد لله يخوِّف عباده بما يشاء؛ أحمده سبحانه، وأشكره؛ حمدًا وشكرًا نُرضِي به ربنا كما شاء، وأستعينه –تعالى- وأستهديه وأستغفره، هو المعين على دفع كل بلاء، والهادي من موجبات العذاب والشقاء، وغافر الزلات والمعاصي والأخطاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة مَن يعيش بين الخوف من عذاب ربه وبين طلب رحمته والرجاء. وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله، بشَّر أمته، بكرم ربهم، إنهم أطاعوه فيما أمرهم به وجاء، وحذَّرهم وأنذرهم من عصيان ربهم ومجاهرتهم بذلك، فيحل عليهم غضبه، فيسلط عليهم النوازل وكل داء، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن سار على نهجه ما دامت الأرض والسماء.
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم - مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
(40) 9973 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية مثله. 9974 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: " وما أصابك من سيئة فمن نفسك " ، قال: عقوبةً بذنبك. 9975 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك " ، بذنبك، كما قال لأهل أُحد: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [سورة آل عمران: 165] ، بذنوبكم. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الشورى - الآية 30. 9976 - حدثني يونس قال، حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح في قوله: " وما أصابك من سيئة فمن نفسك " ، قال: بذنبك، وأنا قدّرتها عليك. 9977 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح في قوله: " ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك " ، وأنا الذي قدّرتها عليك. 9978 - حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا محمد بن بشر قال، حدثنيه إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح بمثله. * * * قال أبو جعفر: فإن قال قائل: وما وجه دخول " مِن " في قوله: " ما أصابك من حسنة " و " من سيئة " ؟ * * * قيل: اختلف في ذلك أهل العربية.
ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم - ملتقى الخطباء
السؤال:
قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11]؟
الجواب:
يهدي قلبه يعني: يَشْرَح صدره للخير. مثل ما قال علقمة بن قيس: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويُسَلِّم. يعني: يشرح صدره للخير، ويوفقه إلى الخير؛ حتى يطمئن قلبه، وحتى يرضى بالمصيبة، وحتى يأنس بها وينشرح صدره لها؛ يرجو ثوابها.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الشورى - الآية 30
اللهم إنك أنت الله لا إله إلا أنت، أنت ربنا ونحن عبيدك ونحن على عهدك ووعدك ما استطعنا نعوذ بك من شر ما صنعنا، نبوء لك بنعمتك علينا، ونبوء لك بذنوبنا، فاغفر لنا فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. إلهي لا تعذبني فإني مقر بالذي قد كان مني، ومالي حيلة إلا رجائي وعفوك إن عفوت وحسن ظني، وكم من زلتي لي في الخطايا وأنت عليَّ ذو فضل ومني، يظن الناس بي خيرًا وإني، لشر الناس إن لم تعف عني، إلهي فاعف عني، ثم صلاة وسلامًا مني، ومن جميع من يسمع قولاً عني، على النبي الهاشمي المجتبى، ما خالج الأنفس من تمنٍّ؛ اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد...
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع ، حدثنا مروان بن معاوية الفزاري ، حدثنا الأزهر بن راشد الكاهلي ، عن الخضر بن القواس البجلي ، عن أبي سخيلة عن علي ، رضي الله عنه قال: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله عز وجل ، وحدثنا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير). وسأفسرها لك يا علي: " ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا ، فبما كسبت أيديكم والله تعالى أحلم من أن يثني عليه العقوبة في الآخرة ، وما عفا الله عنه في الدنيا فالله تعالى أكرم من أن يعود بعد عفوه " وكذا رواه الإمام أحمد ، عن مروان بن معاوية وعبدة ، عن أبي سخيلة قال: قال علي... فذكر نحوه مرفوعا. ثم روى ابن أبي حاتم [ نحوه] من وجه آخر موقوفا فقال: حدثنا أبي ، حدثنا منصور بن أبي مزاحم ، حدثنا أبو سعيد بن أبي الوضاح ، عن أبي الحسن ، عن أبي جحيفة قال: دخلت على علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، فقال: ألا أحدثكم بحديث ينبغي لكل مؤمن أن يعيه ؟ قال: فسألناه فتلا هذه الآية: ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) قال: ما عاقب الله به في الدنيا فالله أحلم من أن يثني عليه العقوبة يوم القيامة ، وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أكرم من أن يعود في عفوه يوم القيامة.