والآخرة خير وأبقى
شابٌّ عشريني - على الأكثر - فقير بلا مال، ومشردٌ بلا مأوى، وتائه بلا أهل، يقابل رئيس الدولة، فيطلب منه رئيسُ الدولة أن يطلبَ ما يشاء من احتياجات، فيذهب ويفكر، ثم يرجع فيخبر رئيس الدولة أنه لا يريد شيئًا مِن هذه الدنيا، فقط يريد مرافقته في الجنة في الآخرة، كان هذا الشابُّ هو الصحابيَّ ربيعةَ بن كعب الأسلمي، وطلبُه مقدَّم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم عليه أن يُعِينَه على نفسِه بكثرةِ السجود. لعل أغلبَنا يذكر هذه القصة على سبيل التذكير بفضل السجود والصلاة - وهذا نقرُّ به ولا شك - ولكن فحوى القصة يَشِي بمعنًى عميق، يفسِّر لنا ألغازًا كثيرة في محاولة فهم سير الجيل الأول الرباني، الذي قاد الدنيا إلى الإسلام، إنه معنى استحضار الآخرة، وتذكرها الدائم..
إن ربيعةَ لم يتقيَّد بحدود عَوَزِه وفقره وتشرده الدنيوي، ولكنه اغتنم الفرصةَ المقدَّمة له، وادَّخَرها لوقت هو أحوجُ ما يكون فيه للفرص، إنه وقت الآخرة، حين يجيء كل امرئٍ بما قدمت يداه؛ ليُحاسب عليه أمام الله، ثم يلقى حسابَه مِن النعيم المخلد في الجنة، أو العذاب المُقِيم في الآخرة.
- الطريق إلى الثبات على الدين - طريق الإسلام
- حديث الجمعة : " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون " - OujdaCity
- الآخرة خير وأبقى في القرآن الكريم
الطريق إلى الثبات على الدين - طريق الإسلام
01/03/2022 - 13:10
إلى كل الذين تواصلوا معنا خلال الأيام الثلاثة الماضية. وإلى كل الذين سعوا لذلك ولم يحالفهم الحظ أوقعدت بهم الظروف دون القيام بواجب التعزية. حديث الجمعة : " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون " - OujdaCity. وإلى كل الذين زاورا وتضامنوا، وكانوا إلى جانبنا خلال مرض الوالد أو بعد رحيله. إلى كل النخب السياسية فى البلد بمختلف مشاربها، والنخب الإدارية بمجمل مستوياتها والعائلة الإعلامية بكل تشكيلاتها وأفرادها ، وإلى النخب النقابية والأوساط الدبلوماسية، والأطباء الذين عالجوه، والأشقاء فى الجوار الإقليمي الذين عزوا وتواصلوا معنا بسرعة بعد إعلان رحيله. لكل واحد من هؤلاء ألف شكر، على ما أحاطونا به من رعاية وتقدير واهتمام ومواساة كان لها الأثر البالغ فى نفوس الأسرة، والمجتمع بشكل كامل. لقد كانت حياة الوالد محمدو ولد باب مدرسة بالغة التأثير، وكان رحيله مدرسة كذلك، أكتشفنا من خلالها طيبة المجتمع وتماسكه ووقوفه إلى جانب من يضحون من أجله أو يبذلون المعروف لتعزيز تماسكه، ويضمدون جراحه، فشكرا لكم جميعا، ولا أراكم الله ماتكرهون. أما نحن فبحمد الله صابرون ومحتسبون ومطنئنون أنه إلى رب رحيم قد رحل، وأن الآخرة خير وأبقى، وأنه سعى لها سعيها وهو مؤمن، دون بدعة مضلة، أو غفلة مزلة ، أو اتكال على مكانة زائلة، أو الركون إلى ما حباه الله من مكانة ، ورزق كان فيه طيلة مساره من الزاهدين.
ﵟ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ﰐ ﵞ
سورة الأعلى
ولَلآْخرة خير وأفضل من الدنيا وما فيها من متع ولذات وأدوم؛ لأن ما فيها من نعيم لا ينقطع أبدًا. ﵟ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَىٰ ﰃ ﵞ
سورة الضحى
ولَلدار الآخرة خير لك من الدنيا؛ لما فيها من النعيم الدائم الذي لا ينقطع. المزيد
حديث الجمعة : &Quot; إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون &Quot; - Oujdacity
تفسير و معنى الآية 17 من سورة الأعلى عدة تفاسير - سورة الأعلى: عدد الآيات 19 - - الصفحة 592 - الجزء 30. ﴿ التفسير الميسر ﴾
والدار الآخرة بما فيها من النعيم المقيم، خير من الدنيا وأبقى. ﴿ تفسير الجلالين ﴾
«والآخرة» المشتملة على الجنة «خير وأبقى». الآخرة خير وأبقى في القرآن الكريم. ﴿ تفسير السعدي ﴾
وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى وللآخرة خير من الدنيا في كل وصف مطلوب، وأبقى لكونها دار خلد وبقاء وصفاء، والدنيا دار فناء، فالمؤمن العاقل لا يختار الأردأ على الأجود، ولا يبيع لذة ساعة، بترحة الأبد، فحب الدنيا وإيثارها على الآخرة رأس كل خطيئة. ﴿ تفسير البغوي ﴾
( والآخرة خير وأبقى) قال عرفجة الأشجعي: كنا عند ابن مسعود فقرأ هذه الآية ، فقال لنا: أتدرون لم آثرنا الحياة الدنيا على الآخرة ؟ قلنا: لا قال: لأن الدنيا أحضرت ، وعجل لنا طعامها وشرابها ونساؤها ولذاتها وبهجتها ، وأن الآخرة نعتت لنا ، وزويت عنا فأحببنا العاجل وتركنا الآجل. ﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- تعالى-: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى الإضراب فيه عن كلام مقدر يفهم من السياق. والمعنى: لقد بينت لكم ما يؤدى إلى فلاحكم وفوزكم.. ولكنكم- يا بنى آدم- كثير منكم لم يستجب لما بينته له، بل أنتم تؤثرون الحياة الدنيا، بأن تقدموا زينتها وشهواتها ومتعها.. على ما ينفعكم في آخرتكم، والحال أن ما في الدار الآخرة من نعيم، خير وأبقى من حطام الدنيا، لأن الدنيا ومتعها زائلة، أما الآخرة فخيرها باق لا يزول.
هناك مساحة تشابه في تشبيه الحياة الدنيا بنبات ازدهر بنزول المطر عليه وازدهرت معه الدنيا بنعيمها وفي الآية الأولى ـ انتهت فجأة وهي في قمة ازدهارها. اما في الآية الثانية اكتملت دورة الحياة فيها ثم انتهت أيضا للزوال والفناء. وهذا حالنا فبعضنا يشيخ ويكبر ثم يموت والبعض يموت فجأة وفي كلا الحالين ، نهايتنا إلى زوال. تنتهي هذه الحياة لننتقل من دار الدنيا إلى القبر تمهيدا لقيام الساعة والحساب. ثم المحسن إلى الجنة والمسيء إلى النار. ♦ ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 24]. ويقول تعالى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20].
الآخرة خير وأبقى في القرآن الكريم
يقول الأستاذ عبد السلام ياسين أسكنه الله فسيح جناته: "إن فقدنا ونحن نقتحم العالم المهووس اهتمامنا الأخروي الإيماني فلن نكون إلا ناسا من الناس، يطوينا التاريخ طيا، وتبلعنا الأيام ابتلاعا، وتستحيل إرادتنا نبضة من نبضات هذا العالم المضطرب في مخاضه" [1]. فالآخرة امتداد للأولى، وهذا الامتداد هو الذي يكسب حياة المؤمن وأعماله معناها، وبقدر إيمان الشخص بهذا الامتداد وبقدر حضور الآخرة في كيانه وشعوره وحركاته وسكناته، يتحدد سلوكه في الدنيا، ويستقيم عمله، وتستقر الأمور في نفسه، ويتحصل له التماسك النفسي. وبقدر الغفلة عن الموت يختل نظام الحياة، فالموت الفاصل بين الحياتين يأتي بغتة ليلتقط ما تساقط من مائدة الحياة، وهو الذي يعطي معنى لحياتنا، وبدون التهمم بما بعده يدخل العبث من الأطراف ليشل حركة الذوق والعقل ويقتل كل رغبة في التحسن والترقي، نحتاج إلى فكرة الموت، لأنها ضرورية للحياة المتزنة، حتى لا تغلب على الكائن الإنساني حيوانيته المفرطة ولا عقلانيته البئيسة [2]، فتلازم الدنيا والأخرى يؤكد أن الحياة مقامة على فلسفة الجزاء؛ الثواب والعقاب، فمن يعمل مثقال ذرة من خير في الدنيا يره في الآخرة، ومن يعمل مثقال ذرة من شر في الدنيا يره في الآخرة.
وقد حاول المشركون بشتى الطرق والوسائل صرف النبي صلى الله عليه وسلم عن القرآن إلى غيره؛ لنزع سبب ثبات قلبه وقلوب أصحابه رضي الله عنهم، فكانت قلوبهم بالقرآن أثبت في الإيمان من الجبال { وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا * وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء: 73- 74]. ومن أسباب الثبات على الدين: مطالعة سير الثابتين من الرسل وأتباعهم، ومن الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم، فلا يخلو زمن منهم، وبثباتهم وتوفيق الله تعالى لهم حفظ الإسلام من التبديل والتغيير، وفي ذلك يخاطب الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم فيقول { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} [الأنعام: 34] وفي آية أخرى { وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} [هود: 120]. ومن أسباب الثبات على الدين: كثرة ذكر الله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} [الأحزاب: 41]؛ والذكر في المعارك الحربية والفكرية من أقوى المثبتات { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45] وقرن الثبات بالذكر يدل على أن ذكر الله تعالى من أهم أسباب الثبات.