ولقد صار الجو ملائمًا ومناسبًا قبيل البعثة حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم أثّر في محيط هؤلاء تأثير الضغط العالي؛ فكأن هذه الأرواح العالية شعرت بمشاعرها وحواسها وبلطائفها وحدْسِها بقرب هطول الرحمة الإلهية؛ فراحوا يبشرون من حولهم بهذه البشارة، ونظن أنّ رسولنا الذي أوتي الشفاعة العظمى يوم القيامة لن ينسى هؤلاء الأشخاص الذين استقبلوه بإخلاص ليأخذ بأيديهم في ذلك اليوم ويرقى بهم إلى عالمه النوراني السعيد، فيكون سببًا لأمنهم وسعادتهم؛ ومثلهم في النجاة فيما نظن من عاشوا في نور الحنيفية السمحة ومن لم يعبدوا الأصنام رغم ما في عهد الفترة من ظلام. هذا الجانب من المسألة يتعلق بالماضي، وهناك جانب آخر يتعلق بيومنا الحالي، ويبدو أنه هو المقصود من السؤال. يتعذّر إطلاق صفة "عهد الفترة" على زماننا وصفة "أهل الفترة" على إنسان اليوم حسب ما تقوله كتب علم الكلام؛ لكن العجلة في القطع بإطلاق مثل هذه الأحكام بلا رويّة كافية مخالفٌ لنظرة أهل السنة والجماعة وعدمُ احترام للرحمة الإلهية الشاملة الواسعة. ص826 - كتاب موسوعة الألباني في العقيدة - باب بيان من هم أهل الفترة - المكتبة الشاملة. لقد أدركنا عهدًا -خاصة في البلدان الأجنبية- غُيِّبت عنه شمس الإسلام مطلقًا، ومُحي من القلوب اسم الله ورسولِه، واستُعمل العِلم أداة كاذبةً لإنكار الخالق، وبُعث الكفر بوجهه القبيح في دُورِ العلم والعرفان بدلًا من أن تعلو كلمة الله والمعرفة الإلهية؛ واستُعمل العلم والحكمة منصة لسلاح يدكّ قلعة الإيمان ويجعلها أنقاضًا متراكمة بدلًا من أن يكونا طريقًا للوصول إلى الإيمان.
ص826 - كتاب موسوعة الألباني في العقيدة - باب بيان من هم أهل الفترة - المكتبة الشاملة
وهكذا نسي الشباب في ضلال الكفر ودُوامة الضلال طريقَهم إلى الجامع والمسجد كليًّا؛ أما الشرذمة التي تحكمت واستولت على المحافل العلمية فأخذت تتغنى بالغرب وأعرضت عن تاريخها ومفاخرها؛ فبعضهم عكَّر بنظرية "التطور" أفكارَ إنسان عصرنا حول الخلق، وبعضهم لوّث أفكار الأمة بالشهوة الجنسية وفقًا لنظريات فرويد وأرجعوا حل المشكلات كلها من منظور الشهوة؛ ومنهم من أفسد الشعب بالمذاهب الفوضوية، وكانت كل هذه المذاهب تستهدف إفساد أمتنا أفرادًا أحيانًا وجماعات أحيانًا أخرى، بل أفسدت الأمم القريبة منا فكريًّا وسمّتها وأبعدتها عن أصولها وهويتها وانحطت بها. وقامت الجرائد والمجلات والكتب برفع شعارات هذه المذاهب في طول البلاد وعرضها سنوات عدّة؛ لذا لا يمكن عدّ إنسان يومنا هذا خارج عهد "الفترة" تمامًا، وإلا أغمضنا عيوننا عن الحقائق من حولنا. أريد هنا نقل حادثة جرت في ذلك العهد تبين مدى الفقر الروحي الذي مُنِي به جيلنا:
في درس ومسامرة مع الشباب كان أحد إخواننا يشرح حقائق الدين العلوية، وما لبث الحديث أن انتقل إلى الحوادث والأخبار اليومية، فتناول ما يحدث في العالم الشيوعي والمظالمِ التي يقترفونها والخططِ الجهنمية التي يريدون تطبيقها في المستقبل، فأخذت الحماسة مأخذها من أحد الشباب فجعل يقول: "يجب قتل كل الشيوعيين وتمزيقهم إرْبًا إرْبًا"، وسرعان ما أجابه شاب آخر كان في ركن من الغرفة يستمع إليهم بشوق ووجد عميق، ويتنسم عبير هذا الجو المبارك أول مرة في حياته، قال له بنفس الحماس والوجد: "يا صديقي!
امتحان أهل الفترة في الآخرة ؟ - الإسلام سؤال وجواب
تاريخ النشر: الأحد 21 شوال 1435 هـ - 17-8-2014 م
التقييم:
رقم الفتوى: 264472
33189
0
294
السؤال
بخصوص أهل الفترة من الكفار والوثنيين هل يعذبون في قبورهم؟ وما حكم من كان من أهل الفترة وسمع بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم وبالدين الإسلامي عن طريق التلفاز مثلا، ولم يعرف ما هو الإسلام وماذا يدعو إليه؟ ولم يعرف أركان الإسلام وشروطه وواجباته، ولم يعرف ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إليه، ومات على ذلك دون أن يعتنق الإسلام؟ وهل يعتبر من أهل الكتاب أم كفار؟. الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 199757 ، المراد بأهل الفترة ومدتها وحكمهم، وأن هذا اللفظ يشمل كل من لم تبلغه الدعوة، أو بلغته على حال لا تقوم عليه الحجة بها كالمجنون ونحوه، وأن الراجح فيهم أنهم يمتحنون يوم القيامة. وأما هل يعذبون في قبورهم: فقد ذكر أهل العلم إلى أن أهل الفترة يسألون في قبورهم، ويكون جوابهم على حسب ما علم الله من مآلهم يوم القيامة، كما بيناه في الفتوى رقم: 134107 ، بعنوان: هل يقع السؤال في القبر والفتنة على من لم يسمع بالنبي؟.
367 - من هم أهل الفترة وكيف تقام عليهم الحجة يوم القيامة؟ - الشيخ صالح الفوزان - Youtube
س: سؤال من السودان أيضا: يقول السائل: قال الله تعالى في كتابه الكريم وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء:15] وقد ورد في بعض الأحاديث أن الرسول ﷺ أخبر بأن والديه في النار. السؤال: ألم يكونا من أهل الفترة وأن القرآن صريح بأنهم ناجون؟ أفيدونا أفادكم الله. ج: أهل الفترة ليس في القرآن ما يدل على أنهم ناجون أو هالكون، إنما قال الله جل وعلا: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء:15] فالله جل وعلا من كمال عدله لا يعذب أحدا إلا بعد أن يبعث إليه رسولا، فمن لم تبلغه الدعوة فليس بمعذب حتى تقام عليه الحجة، وقد أخبر سبحانه أنه لا يعذبهم إلا بعد إقامة الحجة، والحجة قد تقوم عليهم يوم القيامة، كما جاءت السنة بأن أهل الفترات يمتحنون ذلك اليوم، فمن أجاب وامتثل نجا، ومن عصى دخل النار، والنبي ﷺ قال: إن أبي وأباك في النار لما سأله رجل عن أبيه قال: إن أباك في النار فلما رأى ما في وجهه من التغير قال: إن أباك في النار خرجه مسلم في صحيحه.
من هم أهل الفترة؟ وهل في زماننا أهل فترة ؟ - صالح بن فوزان الفوزان - طريق الإسلام
وإنما قال له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ليتسلى به ويعلم أن الحكم ليس خاصا بأبيه، ولعل هذين بلغتهما الحجة؛ أعني أبا الرجل وأبا النبي صلى الله عليه وسلم، فلهذا قال النبي عليه السلام: « إن أبي وأباك في النار »، قالهما عن علم عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، قال الله سبحانه وتعالى: { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى. مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى. وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى.
وترجع العلة في نجاة أهل الفترة ومن في حكمهم إلى كونهم غير مخاطبين بالشريعة أصلًا، ومن ثمَّ فَهُم غير مكلفين بها، ولا تقوم الحجة عليهم، ولا عذاب بدون حجة؛ قال الإمام القضاعي في "تحرير المقال" (1/ 413، 424، ط. دار الإمام مالك): [لا يلزمهم التكليف؛ إذ لا خطاب، وإذا لَمْ يُخاطَبوا بالشريعة، ولا لَزمَهم التكليف فَهُم غير معاقبين ولا مُعذَّبين.. إذ دلَّت قواطع الشرع على أن العذاب لا يكون لمن لم تقم عليه الحجة، وأهل الفترة لم تقم عليهم الحجة أصلًا] اهـ. واستدرك علام قائلاً: ومن ثمَّ نفهم أنَّ بعْثَ الرسول لا بد أن يشتمل على الآيات البينات التي تدل على صدق دعواه عند من أرسل إليهم بصورة لافتةٍ للنظر لا غموضَ فيها ولا لبس حتى يرسخ في وعيه ثبوت الرسالة؛ قال العلامة محيي الدين ابن عربي في "الفتوحات المكية" (3/ 469، ط. دار الكتب العربية الكبرى): [فلا بد من إقامة الدلالة البينة الظاهرة عند كل شخص ممن بعث إليهم، فإنه رُبَّ آيةٍ يكون فيها من الغموض أو الاحتمال، بحيث أن لا يدرك بعض الناس دلالتها، فلا بد أن يكون للدليل من الوضوح عند كل من أُقيم عليه؛ حتى يثبت عنده أنه رسول، وحينئذٍ إن جحد بعدما تيقن تعينت المؤاخذة] اهـ.