النجاح الكافي صيحة أطلقها لوراناش و هوارد ستيفنسون.. يحذران فيها من النجاح الزائف المراوغ الذي يفترس عمر الإنسان فيظل متعطشا للمزيد دون أن يشعر بالارتواء.. من يستطيع أن يقول لا في الوقت المناسب و يقاوم الشهرة و الأضواء و الثروة و الجاه و السلطان؟ لا سقف للطموحات في هذه الدنيا.. فعليك أن تختار ما يكفيك منها ثم تقول نكتفي بهذا القدر.. و نواصل الإرسال بعد الفاصل.. بعد فاصل من التأمل يتم فيه إعادة ترتيب أولويات المخطط.. الطموح مصيدة.. تتصور إنك تصطاده.. فإذا بك أنت الصيد الثمين.. لا تصدق؟!.. إليك هذه القصة.. ذهب صديقان يصطادان الأسماك فاصطاد أحدهما سمكة كبيرة فوضعها في حقيبته و نهض لينصرف.. الباحث القرآني. فسأله الآخر: إلي أين تذهب؟!.. فأجابه الصديق: إلي البيت لقد اصطدت سمكة كبيرة جدا تكفيني.. فرد الرجل: انتظر لتصطاد المزيد من الأسماك الكبيرة مثلي.. فسأله صديقه: و لماذا أفعل ذلك؟!.. فرد الرجل.. عندما تصطاد أكثر من سمكة يمكنك أن تبيعها.. فسأله صديقه: و لماذا أفعل هذا؟.. قال له كي تحصل علي المزيد من المال.. فسأله صديقه: و لماذا أفعل ذلك؟ فرد الرجل: يمكنك أن تدخره وتزيد من رصيدك في البنك.. فسأله: ولماذا أفعل ذلك؟ فرد الرجل: لكي تصبح ثريا.. فسأله الصديق: و ماذا سأفعل بالثراء؟!
الباحث القرآني
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ﴿وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا﴾ يعني بكبرك ومرحك. ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ﴿وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا﴾ قال: لا تمش في الأرض فخرا وكبرا، فإن ذلك لا يبلغ بك الجبال، ولا تخرق الأرض بكبرك وفخرك. ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج ﴿وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ﴾ قال: لا تفخر. وقيل: لا تمش مرَحا، ولم يقل مرِحا، لأنه لم يرد بالكلام: لا تكن مرِحا، فيجعله من نعت الماشي، وإنما أريد لا تمرح في الأرض مرَحا، ففسر المعنى المراد من قوله: ولا تمش، كما قال الراجز:
يُعْجَبُهُ السَّخُونُ والعَصِيدُ... والتَّمْرُ حبًّا مَا لَهُ مَزِيدُ [[البيتان في الملحق بشعر رؤبة بن العجاج، بآخر ديوانه (طبع ليبسج سنة ١٩٠٣ ص ١٧٢) وروايتهما فيه: يُعْجِبُهُ السِّخُونُ والبَرُودُ... والقَزُّ حُبًّا مالَهُ مَزِيدُ
ورواية البيت في (اللسان: سخن) كرواية المؤلف. قال: ويروى: " حتى ماله مزيد ".
فإن قيل: إنما ذكر وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ باعتبار أن تلك يتخللها أوامر، أو جاءت في سياق أوامر، فجاءت تبعاً لها، فيمكن أن يقال: حتى هذه وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى [سورة الإسراء:32] جاء بعدها أيضاً، وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ [سورة الإسراء:35]، ولهذا فإن بعضهم يقول: هذه تبدأ من قوله: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [سورة الإسراء:36]؛ لأن هذه الأشياء كلها التي جاءت بعدها نواهٍ، ما جاء بعدها أمر، فيكون كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئَةً ، حينما يمشي الإنسان في الأرض مرحاً. ومن أهل العلم من يقول: ترجع إلى كل ما سبق، باعتبار أن هذه المنهيات سيئة، وأن الأمر بالشيء يتضمن أو يقتضي النهي عن ضده، فهي بهذا الاعتبار كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئَةً أي: أن أضداد هذه المأمورات وهذه المنهيات أيضاً في نفسها سيئة، وهذا لا يخلو من تكلف، وأما القراءة الأخرى بالإضافة كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا فهذه الوصايا التي تضمنت مأمورات ومنهيات كَانَ سَيِّئُهُ يعني: كالزنا والعقوق والإسراف والتكبر والتبختر وما أشبه ذلك كل هذا مكروه عند الله .