آية (٨٤) في سورة التوبة: "... وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ... " هي نفس آية (١٠٧) و(١٠٨) في سورة التوبة: " وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسۡجِدًا ضِرَارًا وَڪُفۡرًا..... لَا تَقُمۡ فِيهِ أَبَدًا... ". آية (١٠٧): " وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِين... " مسجد الضرار والكفر الذي اتَّخذوه هؤلاء الكفار في نشر دياناتهم الباطلة هو قبرهم في آية (٨٤). آية (١٠٨): "... لمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ يَوۡمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِينَ... " من خلال هذه الآية الكريمة يريد الله عزَّ وجلّ أن يُعلمّ وينصح رسوله الأمين أن يُصلِّ فقط على المُطَّهرين المؤمنين، أي يتلوا عليهم آياته ويُزكيهم ويُعلِّمهم الكتاب والحكمة (حكمة ومعاني الآيات السامية) لذلك قال له تعالى: "... فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ... ". -(٢)- لقد طلب الله تعالى من رسوله الأمين أن يكون حريصًا من أن يضلوه الكفار ويجذبوه من خلال أديانهم الباطلة إلى قبورهم، أي إلى حجراتهم أو مساجدهم الفاسقة وظلمات دينهم الباطل، والتأثير عليه بالحرب النفسيّة القذرة التي لا يملّون ممارستها عليه وعلى المؤمنين بالتحريف والهروب في المواقف التي تتطلّب الصدق في الرّسالة والثبات في الموقف واليقين أمام رياح الشكّ والفتن، هذا ما بيَّنه الله عزَّ وجلّ في السُوَر التالية.
القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة التوبة
{الدُّنْيا} صفة مجرورة وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. {مِنَ الْآخِرَةِ} متعلقان بمحذوف حال أي بديلا من الآخرة، والجملة مستأنفة. {فَما} الفاء استئنافية. ما نافية. {مَتاعُ} مبتدأ. {الْحَياةِ} مضاف إليه. {الدُّنْيا} صفة. {فِي الْآخِرَةِ} متعلقان بمحذوف حال من متاع أي محسوبا في الآخرة. {إِلَّا} أداة حصر. {قَلِيلٌ} خبر المبتدأ والجملة الاسمية مستأنفة.. [سورة التوبة: آية 39] {إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)} {إِلَّا} إن شرطية. {لا} نافية. {تَنْفِرُوا} مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعل. والجملة ابتدائية. {يُعَذِّبْكُمْ} مضارع مجزوم والكاف مفعوله، والميم لجمع الذكور، والجملة لا محل لها جواب الشرط لم يقترن بالفاء أو إذا. {عَذابًا} مفعول مطلق. {أَلِيمًا} صفة. {وَيَسْتَبْدِلْ} مضارع مجزوم معطوف على يعذب. {قَوْمًا} مفعوله. {غَيْرَكُمْ} صفة والجملة معطوفة. {وَلا تَضُرُّوهُ} مضارع مجزوم معطوف على يستبدل وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعل والهاء مفعول به.
ص183 - كتاب التفسير الوسيط لطنطاوي - تمهيد بين يدي تفسير سورة التوبة - المكتبة الشاملة
ذات صلة شرح الآية 70 من سورة الإسراء شرح الآية 53 من سورة فصلت
شرح الآية (40) من سورة التوبة
قال الله -سبحانه تعالى- في محكم تنزليه: (إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّـهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّـهَ مَعَنا فَأَنزَلَ اللَّـهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّـهِ هِيَ العُليا وَاللَّـهُ عَزيزٌ حَكيم). [١] وهي الآية الأربعون من سورة التوبة. وقد صف الله -عزّ وجلّ- في الآيات السابقة حال سيدنا محمدٍ -صلى الله عليه وسلّم- بعد أن مَكَر به كفّار قريشٍ ودفعوه للخروج من مكة المكرّمة، موضّحاً نصرته -جلّ وعلا- ومعيّته الملازمة لسيّدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، [٢] حيث خرج رسولنا الكريم برفقة أبي بكر الصدّيق -رضي الله عنه- حتى وصلا إلى غار ثورٍ ، وهو مكانٌ في أعلى جبلِ ثورٍ جنوبَ مكةَ المكرّمة. [٣]
وقد طمأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- صديقه أبا بكرٍ الصدّيق -رضي الله عنه-، وأخبره بأن لا يحزن لأن الله -عزّ وجلّ- معهم؛ أي بنصره ولطفه وتوفيقه، فأنزل الله السّكينة والطمأنينة على قلوبهم، وأمدّهم بالملائكةِ مثلَ يوم بدرٍ، وجعل دينه وكلمة "لا إله إلّا الله" هي العليا، ودَحَض وأذلّ كلمة الأعداء وجعلها السفلى، [٤] وبهذا فإن الله -عزّ وجلّ- حفظ نبيّه الكريم، وأيّده بالنّصر من عنده بوسائل خفيّةٍ وغيبيّةٍ لا يعلمها أحد، وأخرى ظاهرة أمام أعين أعدائه لم يستطيعوا دفعها.
شرح الآية 40 من سورة التوبة - موضوع
ولا نافية لا عمل لها. {شَيْئًا} نائب مفعول مطلق، والجملة معطوفة. {وَاللَّهُ} لفظ الجلالة مبتدأ. {عَلى كُلِّ} متعلقان بالخبر {شيء} مضاف إليه {قَدِيرٌ} خبر.. [سورة التوبة: آية 40] {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ} جر بالإضافة. {لا تَحْزَنْ} لا ناهية ومضارع مجزوم والجملة مقول القول. {إِنَّ اللَّهَ} إن ولفظ الجلالة اسمها والظرف {مَعَنا} متعلق بمحذوف خبرها والجملة تعليلية. {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ} فعل ماض ولفظ الجلالة فاعل وسكينته مفعول به. {عَلَيْهِ} متعلقان بالفعل. والجملة مستأنفة. {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ} الجملة معطوفة. {لَمْ} جازمة {تَرَوْها} مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعل والهاء مفعول به والجملة في محل جر صفة. {وَجَعَلَ كَلِمَةَ} فعل ماض ومفعول به أول. {الَّذِينَ كَفَرُوا} اسم الموصول مضاف إليه والجملة صلة {السُّفْلى} مفعول به ثان.
"... ولا تقم على قبره... ": أي آترك يا مُحَمَّدٍ هذا المنافق في مسجده الكافر وفي ظلمات جهل دينه غارقًا فيها، لا شفيع له ولا ناصر بعد أن أصرّ على الإستكبار والنّفاق واللّهو في آيات الله والإستهزاء بالرّسل والمؤمنين، وبعد أن أصرَّ على الأذى والتحريف وآلتماس الأعذار الواهنة في خذلانه للرّسالة ونشرها، وأنت من حرصت سابقًا على الصلاة عليه من خلال تعليمه جلّ ما يريده الله منه من خلال إرشاده إلى آيات القرءان الكريم، نجد الدليل القاطع والرابط الذي يُفسرّ معنى آية (٨٤) من سورة التوبة في آية (١٠٧) و(١٠٨) من نفس السورة. * سُوۡرَةُ التّوبَة وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسۡجِدًا ضِرَارًا وَڪُفۡرًا وَتَفۡرِيقَۢا بَيۡنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَإِرۡصَادًا لِّمَنۡ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبۡلُ وَلَيَحۡلِفُنَّ إِنۡ أَرَدۡنَآ إِلَّا ٱلۡحُسۡنَىٰ وَٱللَّهُ يَشۡہَدُ إِنَّہُمۡ لَكَـٰذِبُونَ (١٠٧) لَا تَقُمۡ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ يَوۡمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِينَ (١٠٨). * سورة التوبة وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ۖ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (٨٤).