كان عبدالرحمن الناصر شاباً صغيراً عندما توفي جده، كان جده عبدالله يحب أباه ويحبه كثيراً، وبعد مقتل أبيه أصبح ربيباً لدى جده وهو الذي أنشأه كما يحبّ، وبعد وفاته بايعه أعمامه عام 300 هـ وهو ابن 22 عاماً فقط، ووفقاً لما يذكره بعض المؤرخين لم يبايعه أعمامه حباً وإنما خوفاً من أن يديروا دولةً مفككة مزقتها التمردات والثورات، فنهض عبدالرحمن بالدولة واستطاع أن يمكن نفسه فيها، وحكم لمدة 50 عاماً. الثغرة التي بدأ من خلالها محمد بن أبي عامر صعوده
مع وفاة الناصر، أصبح ابنه الحكم المستنصر بالله خليفة للمسلمين في الأندلس، كان الحكم محباً للعلم والمعرفة جامعاً للكتب، حتى يقال إن مكتبته تجاوزت ربع مليون كتاب، في عهد الحكم المستنصر بالله، كان محمّد بن أبي عامر كاتباً مغموراً، لكنه يجيد الحديث وحلو الكلام. بدأ حياته بدكانٍ افتتحه أمام قصر الزهراء، مقرّ الحكم في قرطبة، وما لبث أن بدأت شهرته تتسع في دوائر السلطة بكتابات رشيقة الكلمات بديعة العبارات، فلفت الأنظار، فرشحه أحد كبار القضاة لحاجب الخليفة جعفر بن عثمان المصحفيّ، الذي رشحه لاحقاً للخليفة نفسه ليصبح وكيلاً لابنه عبدالرحمن بن الحكم، وولي العهد القادم.
محمد بن ابي عامر العامري
كانت نقطة التحول الحقيقية في حياة ابن أبي عامر عندما رشحه الحاجب المصحفي ليتولى إدارة أملاك الأمير الصغير عبد الرحمن ابن الخليفة الحكم المستنصر بالله، ورغم أن عبد الرحمن قد توفي سريعًا، إلا أن الأقدار حافظت على حظوظ ابن أبي عامر عندما قام الخليفة بتعيينه وكيلًا على أملاك ابنه الآخر هشام. ومع مرور الوقت استطاع محمد بن أبي عامر أن يثبت مهارة وكفاءة في كل الأعمال التي تم إسنادها إليه، فنجح في مهمة ولاية الشرطة الوسطى والعليا كما أجاد كوزير للخزانة وناظر على الحسبة والسوق. وفي عام 366ه مرض الخليفة المستنصر مرضًا شديدًا وأحس بقرب وفاته، فعهد بولاية عهده لابنه الصغير هشام المؤيد بالله، وبالفعل مات الحكم وتقلد هشام الخلافة وكان ما يزال طفلًا لم يبلغ الثانية عشر من عمره. محمد بن ابي عامر العامري. هنا تشكل مجلس وصاية للإشراف على الخليفة الصبي، تشكل ذلك المجلس من السيدة صبح أم الخليفة والحاجب جعفر بن عثمان المصحفي ومحمد بن أبي عامر، واستطاع ذلك المجلس أن يحبط محاولة انقلاب تم التخطيط لها من جانب الصقالبة وأحد أعمام الخليفة الصغير، وتولى محمد قتل ذلك العم الغادر واستطاع إفشال مساعيه كما أنه في الوقت نفسه عمل على تحجيم نفوذ الصقالبة والحد من خطورتهم فقبض على عدد من قادتهم وصادر أموالهم واصطنع بعضًا من القيادات الجديدة التي لا تدين بالولاء إلا له.
الحبّ أم السلطة؟
لم يعد لمحمد بن أبي عامر منافس في كامل الخلافة، فهو الآن قائد الجيش وحاكم قرطبة والحاجب، وحليفته هي أمّ الخليفة والوصيّة عليه، وربما حبيبته وفقاً للعديد من الروايات التاريخية، فمن سيختار محمّد؟ هل سيختار حبه ويظل في هذه المرتبة من السلطة أم يكمل ولن يوقفه أحدٌ سوى قلبه؟
يبدو أنّ محمد بن أبي عامر اختار السلطة على الحب، فقد عزل الخليفة الشاب نفسه، ووضع على قصره حرسه الخاص، وأشاع بين العامّة أنّ الخليفة قرر التفرغ للعبادة تاركاً أمور الدولة والناس لمربيه وحاجبه وقائد جيشه وصاحب السلطات الكاملة في دولة الخلافة في الأندلس: محمد بن أبي عامر. بالطبع لم يرُق هذا لصبح، فهي أيضاً تريد ما لها من السلطة والتصرّف في الأمور، فراسلت أحد أمراء المغرب وحاولت تهريب الأموال له ليستطيع العبور إلى الأندلس وحمايتها وابنها من سلطان حبيبها ابن أبي عامر، لكنّ ابن أبي عامر لم يكن ليفوّت مثل هذه الفرصة، فقد علم بها من خلال عيونه في القصر واستطاع إفشال المخطط واستغلاله. عزل أم الخليفة ورفع يدها عن التصرُّف في أموال القصر، ويئست هي من محاولة استرداد ملك ابنها الذي أضاعته بتحالفها مع الرجل الذي أحبته، بعدها بفترة تسمّى ابن أبي عامر بلقبٍ لم يسبقه أحدٌ إليه من رجال الدولة: "الملك المنصور".
محمد بن ابي عامر المنصور
كانت في الأصل هكذا: الأندلسي.
آثــاره تنبيـك عـن أخـباره … حـتى كأنـك بالعـيـان تــراه
تالله لا يأتي الزمان بمثله … أبدًا ولا يحمي الثغور سواه
على قبره في مدينة سالم بالثغر الأعلى بالأندلس كُتب البيتان السابقان ليخلدا ذكر ذلك الرجل الذي لم تعرف الأندلس مثله على امتداد تاريخها.
محمد بن ابي عامر
هذا الرجل عندما مات فرحت أوروبا كلها بموته! جلسوا على قبره يرقصون ويتناولون الخمور فقال احدهم. :-
( والله لو تنفس صاحب هذا القبر لما ترك فينا واحد على قيد الحياة ولا استقر بنا قرار)!!.. إنه ليس صلاح الدين الأيوبي ولكنه شخصية عظيمة يجهلها الكثيرون!!. انه الحاجب المنصور هل سمعتم عنه!! إن التاريخ يتحدث عنه وليس أنا..
حين مات القائد الحاجب المنصور فرح بخبر موته كل أوربا وبلاد الفرنج حتى جاء القائد الفونسو الى قبره ونصب على قبره خيمة كبيره وفيها سرير من الذهب فوق قبر الحاجب المنصور..
ونام عليه ومعه زوجته متكئه يملاهم نشوة موت.!! المنصور، محمد بن أبي عامر. قائد الجيوش الإسلامية في الأندلس وهو تحت التراب..
وقال الفونسو
( أما تروني اليوم قد ملكت بلاد المسلمين والعرب!! ) وجلست على قبر اكبر قادتهم
فقال احد الموجودين
( والله لو تنفس صاحب هذا القبر لما ترك فينا واحد على قيد الحياة ولا استقر بنا قرار)
فغضب الفونسو وقام يسحب سيفه على المتحدث حتى مسكت زوجته ذراعه وقالت
( صدق المتحدث أيفخر مثلنا بالنوم فوق قبره!! والله إن هذا ليزيده شرف حتى بموته لا نستطيع هزيمته..
والتاريخ يسجل انتصار له وهو ميت قبحا بما صنعنا وهنيئا له النوم تحت عرش الملوك).
هذا والله اعلم
قال فيه الشاعر:
اثاره تنبيك عن اخباره…حتى كانك بالعيون تراه
تالله ما ملك الجزيرة مثله…حقا ولا قاد الجيوش سواه
منقول للفائدة
صورة من الاعلى لميناء الجزيرة الخضراء