وذلك كله من كمال رحمته بعباده فإن رحمته جل شأنه تمنع إهمال عباده وعدم تعريفهم ما ينالون به غاية كمالهم، واسمه الرحمن متضمن لإرسال الرسل، وإنزال الكتب. أعظم من تضمنه، إنزال الغيث، وإنبات الكلأ، وإخراج الحب. تحميل كتاب وفي انفسكم افلا تبصرون pdf. فاقتضاء الرحمة لمـا تحصل به حياة القلوب والأرواح، أعظم من اقتضائها لمـا تحصل به حياة الأبدان والأشباح[6]. أما من الناحية الجسمية:
فقد خلق له مـا في الأرض جميعاً، وسخر له ما في السماوات والأرض، وكان من عنايته أن أوجده في المكـان الموافق لحياته[7]، فالأرض التي وجد عليها، وهي المكان الذي اختاره الله ليكون مقرا لهذا الإنسان، قد زودها بكل مستلزمات الحياة، من ماء وهواء، وتربة صالحة للزرع والبناء وغير ذلك.
الحلقة الثالثة: «وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُون» - تأملات علمية في إبداع الذات الإلهية - أحمد السعيد - طريق الإسلام
قيل له فما السبب في ذلك الانخفاض والارتفاع؟ ولو قال إن السبب في ذلك هو بعد المسافة بين مشارقها ومغاربها. لتوجه السؤال أيضا عن السبب في بعد المسافة؟. ولا تزال الأسئلة متوجهة. كلما عين سبباً حتى تفضي به إلى أحد أمرين:
- إما مكابرة ظاهرة ودعوى أن ذلك حاصل بالاتفاق من غير مدبر ولا صانع. وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ - منتديات سكون الشوق. - وإما الاعتراف برب العالمين، والإقرار بقيوم السماوات والأرضين، وأنه الفاعل المختار المقدر لذلك: إذ ليس بين الأمرين واسطة، إلا هوس الشياطين وخيالات المبطلين، التي إذا طلع الفجر عليها فجر الهدى كانت في أول المنهزمين والله متم نوره ولو كره الكافرون[8]. معرفة الحساب:
ولما كانت حاجة الناس إلى معرفة الحساب من الأمور الضرورية التي لا غناء لهم عن معرفتها، فبالحساب يعرفون مواقيت الديون المؤجلة، والإِجارات، وعقود المعاملات على اختلاف أنواعها، كما أن به تعرف العدد، وتحدد مواعيد المعاهدات، والعبادات، وغير ذلك لأن معرفة هذه الأمور ضرورية لحياة الناس ومعاملاتهم، وهي قائمة على معرفة الحساب. الذي ربطه السميع العليم بهذين القمرين النيرين:
الشمس والقمر، قال تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} البقرة آية 189.
وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ - منتديات سكون الشوق
وكانت العينان في وسط الوجه والأذنان في جانبيه؛ لأن العينين محل الملاحة والزينة
والجمال، وهما بمنزلة النور الذي يمشي بين يدي الإنسان، وأما الأذنان فكان جعلهما
في الجانبين لكون إدراكهما لما خلف الإنسان وأمامه وعن يمينه وعن شماله سواء، فتأتي
المسموعات إليهما على نسبة واحدة، وخلق العينان بغطاء والأذنان بغير غطاء، وهذا في
غاية الحكمة؛ إذ لو كان للأذنين غطاء لمنع الغطاء إدراك الصوت، فلا يحصل إلا بعد
ارتفاع الغطاء، والصوت عرض لا ثبات له، فكان يزول قبل كشف الغطاء، بخلاف ما تراه
العين، فإنه أجسام وأعراض لا تزول فيما بين كشف الغطاء وفتح العين. الحلقة الثالثة: «وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُون» - تأملات علمية في إبداع الذات الإلهية - أحمد السعيد - طريق الإسلام. وجعل سبحانه
الأذن عضواً غضروفياً ليس بلحم مسترخ ولا عظم صلب، بل هي بين الصلابة واللين، فتقبل
بلينها وتحفظ بصلابتها، ولا تنصدع انصداع العظام، ولا تتأثر بالحر والبرد والشمس
والسموم تأثر اللحم؛ إذ المصلحة في بروزها لتتلقى ما يرد عليها من الأصوات
والأخبار.. " 1. ولو فصلنا ما تحويه كل حاسة وكل عضو في بدن الإنسان لاستغرق ذلك وقتاً واتسع
الموضوع جداً، ولكن حسبنا ما ذكره ابن القيم عن هاتين الحاستين وما فيهما من الحكم
والأسرار الإلهية التي تنبئ عن علم الله وحكمته وعظمته سبحانه وتعالى.
تفسير وفي أنفسكم أفلا تبصرون [ الذاريات: 21]
الأنف: والذي ينتج المادة المخاطية من خلال النسيج المخاطي الذي يتميز بكميائية قلوية تعمل على: -قتل الميكروبات – تجميع المواد الضارة و الأتربة التي تدخل للجسم – يعمل على ترطيب و تبريد الهواء الساخن قبل دخوله للرئتين – كذلك به الأوعية الدموية التي تعمل على تدفئة الهواء البارد قبل دخوله الرئتين حتى لا يصاب الإنسان بالأذى – كذلك توجد شعيرات عادية لحجز الغبار والأتربة. صورة لمعدة بشرية فتبارك الله أحسن الخالقين
الفم: وبه اللعاب الذي له من الفوائد العظيمة أقلها أنه قلوي لقتل الميكروبات الداخلة مع الطعام، كذلك يعمل على حفظ الأسنان من التآكل لو تعرضت للهواء، كذلك به مادة مخاطية تسهل مرور الطعام وانزلاقه للمعدة خلال المريء حفاظا على الإنسان من الاختناق إذا توقف الطعام بالمريء فينشأ عنه عدم مرور الهواء بالقصبة الهوائية. المعدة: ويوجد بها حامض الهيدروكلوريك HCL ذو التركيز العالي PH:1. 5 -2. تفسير وفي أنفسكم أفلا تبصرون [ الذاريات: 21]. 5 و هذا يكفي لقتل معظم الميكروبات التي تصل للمعدة و بهذا يحفظ الجسم من الأضرار و الأهم من ذلك وجود بطانة مخاطية من مواد سكرية لجدار المعدة لتحميها من أثر الحمض و ذلك لأن هذه المادة لأتتأثر بالحمض المعدي. بكتريا الأمعاء الغليظة: والتي تحلل المواد التي يتناولها الإنسان و لايملك انزيمات لهضمها و منها السليلوز ( الألياف النباتية) – أتدري ما وسيلة حفظها ؟- إنها تحفظه من الإمساك والإسهال فسبحان الله.
ثم في تدرجكم من حال إلى حال، ثم في اختلاف ألسنتكم وألوانكم، ثم في التركيب العجيب الدقيق لأجسادكم وأعضائكم. ثم في تفاوت عقولكم وأفهامكم واتجاهاتكم. في كل ذلك وغيره، عبرة للمعتبرين وعظة للمتعظين. ورحم الله صاحب الكشاف، فقد قال عند تفسيره لهاتين الآيتين وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ تدل على الصانع وقدرته وحكمته وتدبيره، حيث هي مدحوّة كالبساط... وفيها المسالك والفجاج للمتقلبين فيها، والماشين في مناكبها. وهي مجزأة: فمن سهل وجبل، وبر وبحر، وقطع متجاورات: من صلبة ورخوة، وطيبة وسبخة، وهي كالطروقة تلقح بألوان النبات... وتسقى بماء واحد، ونفضل بعضها على بعض في الأكل، وكلها موافقة لحوائج ساكنيها. في كل ذلك آيات لِلْمُوقِنِينَ أى: للموحدين الذين سلكوا الطريق السوى.. فازدادوا إيمانا على إيمانهم. وَفِي أَنْفُسِكُمْ في حال ابتدائها وتنقلها من حال إلى حال، وفي بواطنها وظواهرها، من عجائب الفطر. وفي أنفسكم أفلا تبصرون الإعجاز العلمي. وبدائع الخلق، ما تتحير فيه الأذهان، وحسبك بالقلوب، وما ركز فيها من العقول، وخصت به من أصناف المعاني، وبالألسن والنطق ومخارج الحروف، وما في تركيبها وترتيبها ولطائفها: من الآيات الدالة على حكمة المدبر.. فتبارك الله أحسن الخالقين.
وجعل فيه تسعة أبواب: فبابان للسمع، وبابان للبصر، وبابان للشم، وبابان للكلام
والطعام والشراب والتنفس، وبابان لخروج الفضلات التي يؤذيه احتباسها..
وجعل داخل بابي السمع مُراً قاتلاً لئلا تلج فيها ما تخلص إلى الدماغ فتؤذيه، وجعل
داخل بابي البصر مالحاً لئلا تذيب الحرارة الدائمة ما هناك من الشحم، وجعل داخل باب
الطعام والشراب حلواً ليسيغ به ما يأكله ويشربه فلا يتنغص به لو كان مراً أو
مالحاً.