لما وصلني خبر صعود روحك للرفيق الأعلى عادت بي الذاكرة بعيدا، إلى أكثر من عقدين من الزمن، حين كنتُ على مفترق طرقٍ، ﻛﺎﻧﺖ الخيارات منحصرةً في اثنين لا ثالث لهما، أولهما التوجه غرباً للانخراط في عمل يدوي، وكانت الحاجةُ تغري هذا الخيار، أما الخيار الآخر فكان مواصلةَ الدراسة، الذي كان يعززه الحلم الشخصي وطموح العائلة، خصوصا والدتي، ولكن ضيقَ ذات اليد كان يجعل الإصرار على هذا الخيار مجازفة وطلباً لما لا طمع فيه. جريدة الرياض | نم قرير العين يا والدي. جاء الفرج لتحقيق الحلم من والدك صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي، أطال الله عمره، حيث منَحني أنا وأربعة من الزملاء منحا دراسية في جامعة الشارقة، وتحمل سموه جميع نفقاتنا الدراسية.. كان المُخَلّص.. تابعتُ على حسابه تعليمي الجامعي حتى حصلت على الشهادة، ونجوْتُ من غربة في ديار الغرب، كان أدنى سلبياتها، لو قُدّرَتْ، أن يتوقف تعليمي عند المستوى الثانوي.
كُنا طلبة من جنسيات شتى وأصقاع مترامية، أيقظ نبلُ والدك صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي وعمقُه الفكري فينا رابطة الأخوة الإسلامية، ومُثل وقيّم هذا الدين السمح، فكما كنا نرى أنفسنا إخوة لم نكن نرى في الشيخ مُحسناً، بل والداً، وأنا مُتيقن أنه، حفظه الله، رامَ ذلك وسعى له سعيَ مُدركٍ، لأن ما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون.
نم قرير العين الحمرا
ستبعث فيها أنت ورفاقك الذين سبقوك لتقاتلوا معنا من جديد بهندسة هذه المرة من نسج رب الكون. الله وياك الله وياك الله وياك. بعدنا طيبين قولوا الله…
رثاؤك يا أنيس ليس بالأمر السهل وأنت كنت عنوان التحوّل والإبداع والهندسة الديناميكيّة في ثلاث محطات أساسية:
1 ـ أنيس لبنان العربي
يوم اجتمع الكون كله ليخطفه من عروبته وفلسطينه فكنت سيد المرحلة في الدفاع عن عروبة لبنان الرديفة لفلسطين بكلّ تقاسيم العروبة والإسلام مانعاً المرجفين من سلخ لبنان عن بحره ومحيطه والمتحجّرين الظلاميين عن التفريط بإسلام محمد الأصيل. نم قرير العين حسين الجسمي. 2 ـ أنيس إسلام الخميني
يوم اجتمع الكون كله ليمنع ولادة إيران الإسلام معلنين الحرب عليها لأنها نادت بإيران اليوم وغداً فلسطين. فكانت نخوتك العربية وصفاء روحك ومن عشقت من السهرودي وملا صدرا وعرفان إمام العصر لتتجلى وحدة العقيدة لديك في نظريتك التي أحببت وآمنت بأنّ مهندس هذا الكون واحد ونوره واحد، ما عنى لك أن تترجمه بانتقالك الى المرحلة الأرقى وهي الجمع بين جناحي الأمة الإسلامية عنيت به مرحلة الإسلام المحمدي الأصيل على سنة محمد وفي تشيّع علي والتي تمثلت لديك وتبلورت بالانتماء.. نعم الانتماء لمدرسة ونهج محقق حلم الأنبياء ووارث آدم والحسين عليهما السلام، عنيت به الإمام روح الله الموسوي الخميني.