فمن كانتْ هذهِ صفتُه فجديرٌ بنَا أَنْ نحبَّه وأَنْ نجلَّه ونعظِّمه، وأَنْ نحسنَ الظنَّ به، ونُفوِّضَ جميعَ أمورِنا إليه، وأَنْ نطيعَه فيما أَمَرَ وأَنْ نَنْتَهي عما نَهى عنه وَزَجَرَ، وأَنْ نتمسَّك بدينِه، وأَنْ نتَّبعَ سنةَ نبيِّه حتَّى نَنَالَ بفضلِه رحمتَه وجنَّتَه ورضوانَه. أسألُ اللهَ تعالى الذي وسعتْ رحمتُه كلَّ شيءٍ أَنْ يتغمدَّنا ووالدينَا وذرياتِنا بواسعِ فضلِه ورحمتِه، وأَنْ يمنَّ علينَا بمغفرتِه وسُكنى جنَّتهِ. هذا وصلُّوا وسلِّموا على الحبيبِ المصطفَى والقدوةِ المجتبى فَقَد أمَرَكُم اللهُ بذلكَ فقالَ جلَّ وعلا:[إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب: 56]. رحمتي وسعت كل شيء رحمه وعلما. الجمعة: 30 / 3 / 1443هـ
الرحمة التي وسعت كل شئ - شبكــة أنصــار آل محمــد
الحمد لله. الرحمة التي وسعت كل شئ - شبكــة أنصــار آل محمــد. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَمَّا قَضَى اللَّهُ الخَلْقَ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي رواه البخاري (7453)، ومسلم (2751). قوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ؛ يشمل معنيين:
المعنى الأول:
أن رحمة الله تعالى سبقت غضبه؛ لأن رحمته تعالى تدرك عباده من غير حق سابق لهم، بل تفضلا منه سبحانه وتعالى. وأما الغضب فهي صفة له سبحانه وتعالى، لا يلحق أثرها بالعباد إلا إذا صدر منهم سبب استحقاق الغضب والعقوبة، من كفر وعصيان؛ فلذا رحمته تعالى في هذا الوجود سابقة على غضبه سبحانه وتعالى.
معنى ورحمتي وسعت كل شيء - إسلام ويب - مركز الفتوى
الخطبة الأولى:
إنّ الحمدَ للهِ، نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ منْ شُرورِ أنفسِنَا ومِنْ سَيّئَاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِهِ اللهُ فلَا مُضِلّ لَهُ، ومنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ ألّا إِلَهَ إِلّا اللهُ وحدهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنّ محمدًا عبدهُ ورسولُه، صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وصحبِهِ وسلّم تسليمًا كثيرًا، أمّا بعدُ: فاتّقُوا اللهَ أَيُّهَا المؤمنونَ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون}[آل عمران:102].
ومن أرجى الآياتِ الدَّالةِ على سعةِ رحمةِ اللهِ بعبادِه المؤمنين قولُه تعالى:{قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر: 53]. رحمتي وسعت كل شيء. وروى مسلمٌ في صحيحِه أنَّ النبيَّ ﷺ قال:(إنَّ اللَّهَ خَلَقَ يَومَ خَلَقَ السَّمَواتِ والأرْضَ مِئَةَ رَحْمَةٍ كُلُّ رَحْمَةٍ طِباقَ ما بيْنَ السَّماءِ والأرْضِ، فَجَعَلَ منها في الأرْضِ رَحْمَةً، فَبِها تَعْطِفُ الوالِدَةُ على وَلَدِها، والْوَحْشُ والطَّيْرُ بَعْضُها على بَعْضٍ، فَإِذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ أَكْمَلَها بِهذِه الرَّحْمَةِ)(رَوَاهُ مُسْلِمٌ (2753). قالَ النووِيُّ: (هَذَا مِنْ أَحَادِيثِ الرَّجَاءِ وَالْبِشَارَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا كَانَ حَصَلَ لِلْإِنْسَانِ مِنْ رَحْمَةٍ وَاحِدَةٍ الْإِسْلَامُ وَالْقُرْآنُ، وَالصَّلَاةُ، وَالرَّحْمَةُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا أَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى بِهِ؛ فَكَيْفَ الظَّنُّ بِمِائَةِ رَحْمَةٍ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَهِيَ دَارُ الْقَرَارِ وَدَارُ الجَزَاءِ، وَاللهُ أَعْلَمُ؟! )