وأخرجه أبو داود (3661) مختصراً بلفظ:" وَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِهُدَاكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ ". معاني الكلمات الواردة في الحديث:
قوله:"يهدي الله": الهدى هنا: هو البيان والدلالة والإرشاد، وهو الذي يقدر عليه الرسل وأتباعهم [2]. قوله: "خَيْرٌ لَكَ": أي: خير لك من كل ما يستحسن في الدنيا. قيل المراد: خير لك من أن تكون لك فتتصدق بها، وقيل: تقتنيها وتملكها [3]. قوله:"حُمْرُ النَّعَمِ": بسكون الميم من حُمْرِ، وبفتح النون والعين المهملة: وهو من ألوان الإبل المحمودة. لأن يهدي الله بي بي. وهي أنفس أموال العرب ويضربون بها المثل في نفاسة الشيء وأنه ليس هناك أعظم منه [4]. المستفاد من الحديث:
1- بوب له أبو داود:"باب فضل نشر العلم" [5]. 2- والحديث يدل على فضل العلم والتعليم وشرف منزلة أهله بحيث إذا اهتدى رجل واحد بالعالم كان ذلك خيراً له من حمر النعم، وهي خيارها وأشرفها عند أهلها، فما الظن بمن يهتدي به كل يوم طوائف من الناس [6]. 3- وفي هذا الحديث حث على الدعوة إلى الله عز وجل [7]. 4- وفيه الترغيب في التسبب لهداية من كان على ضلالةٍ، وأن ذلك خيرٌ للإنسان من أجل النعم الواصلة إليه في الدنيا [8].
لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم
الفوائد المنتقاة من أقوال العلماء على بعض الأحاديث (1)
حديث: "لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا"
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. لأن يهدي الله بی سی. أما بعد...
فهذا الحديث باكورة [1] كتاب جمعت فيه بعض الأحاديث النبوية الصحيحة، من البخاري، ومسلم، أو عند أحدهما، وقد اكتفيت بالعزو إليهما، إلا إذا كان الحديث عند غيرهما، وفي سياقه زيادة بيان، يحتاج إليها، فأذكره معهما، وقد انتقيت أهم الفوائد التي ذكرها أهل العلم في شروحهم على هذه الأحاديث، فليس لي فيه إلا الجمع والترتيب. والله تعالى أسأل، أن يتقبل مني عملي هذا، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن يكشف عني ما أهمني، ويرفع عن المسلمين جميعاً ما هم فيه من البلاء وتسلط الأعداء، إنه سميع مجيب. الحديث الأول:
عن سهل بن سعد -رضي الله عنهما-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال لعلي -رضي الله عنه-: "فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ". أخرجه البخاري (3701)، ومسلم (2406) وهو جزء من حديث مطول، قاله النبي لعلي -رضي الله عنه- يوم خيبر.
لأن يهدي الله بك رجلا
[3] مستفاد من "القول المفيد على كتاب التوحيد" (1/145)، و"فتح الباري" للحافظ ابن حجر (7/478). [4] مستفاد من "فتح الباري" للحافظ ابن حجر (7/478)، و"شرح النووي على صحيح مسلم" (15/178). [5] سنن أبي داود (3/321). [6] أفاده الإمام ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" (1/62). [7] قاله العلامة ابن عثيمين في "شرح رياض الصالحين" (5/430). [8] أفاده الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" (7/275). [9] قاله الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (15/179). [10] أفاده الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (15/178). [11] كما في "عمدة القاري" (14/214)، (16/215). مسابقة (فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم) - منتديات شبكة المهندس. [12] مستفاد من "فتح الباري" (7/478). [13] أفاده الإمام ابن باز في "الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري" (3/287). [14] "الملخص في شرح كتاب التوحيد" لابن فوزان (ص/60).
لأن يهدي الله بي بي
ولا شك أن من دعا تارك صيام أو زكاة إلى فعلهما، فهداه الله تعالى إلى ذلك فصام وزكى وقُبل ذلك منه وكان لمن دعاه مثل أجر عمله ذلك، فإن ذلك خير للداعي من أن يكون له حمر النعم. والله تعالى أعلم.
لأن يهدي الله بی سی
6- لا يملك هداية التوفيق إلا الله تعالى وما على الرسل وأتباعهم إلا البلاغ وهي هداية الدلالة والإرشاد قال تعالى في نفي هداية التوفيق عمن سواه (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك هداية أقرب الناس إليه كان غيره من الناس أولى ألا يقدر على ذلك. حديث «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا..» إلى «من سلك طريقا يلتمس فيه علما..» - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت. وقال سبحانه مثبتاً هداية الدلالة والإرشاد لنبيه صلى الله عليه وسلم _ وغيره في ذلك من سسلك سبيله مثله_ (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم). 7- الفضل الموعود به في الحديث ليس بخاص في هداية الرجال وإنما يشمل النساء أيضاً. 8- من دعا إلى هدى كان له أجر الدعوة فإن استجاب المدعو كان له من الأجر مثل أجره وإن لم يستجب فلا يضر ذلك الداعي إلى الله شيئاً، وقد كان في الأنبياء من استجاب لهم أمم عظيمة كموسى عليه السلام وكنبينا صلى الله عليه وسلم وهو أكثر الأنبياء أتباعاً والحمد لله. ومن الأنبياء من لم يستجب لهم إلا الرهط والاثنان والواحد ومنهم من لم يستجب له أحد كما ثبت في الحديث.
وفي الحَديثِ: مُعجِزةٌ ظاهِرةٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وفيه: مَنقَبةٌ عَظيمةٌ لعَليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه. وفيه: اتِّخاذُ العَلَمِ، والرَّايةِ، واللِّواءِ في الحَربِ. وفيه: فَضلُ السَّعيِ في هِدايةِ النَّاسِ، وأنَّ مِن أسْبابِ ذلك الجِهادَ والغَزوَ في سَبيلِ اللهِ.
ثانياً: أن يكون صابراً على أمر الحسبة مثابراً عليها لا يكل ولا يمل ولا ينقطع، بل يجب عليه الاستمرار في الحسبة بقدر المستطاع، وهذه وصية الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم في قوله: { تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود:49]، ولن يكون المحتسب أكثر صبراً منه عليه الصلاة والسلام. ثالثاً: الحكمة في جميع أموره، سواء في الحسبة، والدعوة إلى الله أو في التعامل مع الناس؛ لأنها مطلب ندب الشارع الحكيم إليها: { ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل:125]. "فإن كان الاحتساب بقسوة وعنف وخرق، فإنها تضر أكثر مما تنفع، فلا ينبغي أن يسند الأمر بالمعروف إسناداً مطلقاً، إلا لمن جمع بين العلم والحكمة والصبر على أذى الناس؛ لأن الأمر بالمعروف وظيفة الرسل وأتباعهم، وهو مستلزم للأذى من الناس؛ لأنهم مجبولون بالطبع على معاداة من يتعرض لهم في أهوائهم الفاسدة، وأغراضهم الباطلة، ولذا قال العبد الصالح لقمان الحكيم لولده، فيما قص الله عنه: { وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} [لقمان من الآية:17]، ولمّا قال النبي صلى الله عليه وسلم لورقة بن نوفل: « أو مخرجي هم؟