قال مجاهد: ( ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) قال: إقامة الحدود إذا رفعت إلى السلطان ، فتقام ولا تعطل. وكذا روي عن سعيد بن جبير ، وعطاء بن أبي رباح. وقد جاء في الحديث: " تعافوا الحدود فيما بينكم ، فما بلغني من حد فقد وجب ". يجلد الزاني البكر ......... جلدة - موقع المتقدم. وفي الحديث الآخر: " لحد يقام في الأرض ، خير لأهلها من أن يمطروا أربعين صباحا ". وقيل: المراد: ( ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) فلا تقيموا الحد كما ينبغي ، من شدة الضرب الزاجر عن المأثم ، وليس المراد الضرب المبرح. قال عامر الشعبي: ( ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) قال: رحمة في شدة الضرب. وقال عطاء: ضرب ليس بالمبرح. وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن حماد بن أبي سليمان: يجلد القاذف وعليه ثيابه ، والزاني تخلع ثيابه ، ثم تلا ( ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) فقلت: هذا في الحكم؟ قال: هذا في الحكم والجلد - يعني في إقامة الحد ، وفي شدة الضرب. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي حدثنا وكيع ، عن نافع ، [ عن] ابن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر: أن جارية لابن عمر زنت ، فضرب رجليها - قال نافع: أراه قال: وظهرها - قال: قلت: ( ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) قال: يا بني ، ورأيتني أخذتني بها رأفة؟ إن الله لم يأمرني أن أقتلها ، ولا أن أجعل جلدها في رأسها ، وقد أوجعت حيث ضربت.
يجلد الزاني البكر ......... جلدة - موقع المتقدم
[4]
حكم زواج الزاني
التوبة من الذنب لا يشترط لها إقامة الحد، بل الأولى لمن وقع في مثل ذلك أن يستر على نفسه، وأن يتوب بينه وبين الله تعالى، فإذا كان المرء يؤجر في الستر على غيره، فستره على نفسه كذلك أفضل، والذي يلزمه في ذلك، التوبة والإنابة والندم على ما صنع؛ فإن ذلك محوٌ للذنب إن شاء الله، وأما حكم زواج الزاني التائب من مسلمة عفيفة، فلا إشكال في جوازه؛ وإنما المحرم هو زواج الزاني غير التائب بالعفيفة، وقال الإمام الطحاوي: أن الزاني غير التائب يحرم عليه أن يتزوج العفيفة. [5]
حكم استلحاق ابن الزنا
اتفق الفقهاء على أن النسب يثبت بالزوجية بين الرجل والمرأة، ولكن اختلفوا في نسب ابن الزنا على قولين: [6]
القول الأول: أن ابن الزنا لا يُنسب إلى الزاني ولو ادعاه واستلحقه به، وهو قول عامة العلماء من المذاهب الأربعة والظاهرية وغيرهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) [7] ، فقوله الولد للفراش، يقتضي حصر ثبوت النسب بالفراش، فلا ينسب الولد لأبيه، ولايرثه، ولكن يلحق بنسبه إلى أمه فيرثها كبيقية أبنائها. القول الثاني: أن الزاني إذا استلحق ولده من الزنا فإنه يلحق به، وهو قول عروة بن الزبير ، وسليمان بن يسار، والحسن البصري، ومجموعة من العلماء، ونقله ابن قدامة واختار هذا القول هو وشيخه ابن تيمية، لأن هذا الطفل متولد من هذا الزاني، فهو ابنه، ولا يوجد دليل شرعي صحيح صريح يمنع من إلحاق نسبه به، والاستلحاق فيه تحقيق مصلحة حفظ الطفل، وهي مصلحة شرعية، ولما سأل النبي صلى الله عليه وسلم الطفل الرضيع، الذي أمه قد زنت بالراعي، من أبوك قال أبي الراعي، وكان كلام الرضيع على وجه الكرامة وخرق العادة من الله، فمع أنه زنى، ولكن قال أبي، فنسب الأبوة للراعي.
جريمة الزنا الزنا كبيرة من كبائر الذنوب ، وجريمة من أقبح الجرائم ، قال الله تعالى: ( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) وقال تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلها ءاخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا) أما عقوبة الزنا في الدنيا فقد أوجب الله فيه الحد ، قال الله تعالى في بيان حد الزاني البكر – أي: الغير محصن –: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين).