هذه آية عظيمة القدر في كتاب الله – عز وجل -حيث إنها تسهم إسهاماً كبيراً في تشكيل رؤية المسلم إلى أشياء كثيرة في عالم الأحياء وترتب على عدم الاهتداء بهدي هذه الآية كثير من الخلل في حياتنا المعاصرة. وما اخترناه ليكون عنوانا لهذه المقالة جزء من آية هي قول شعيب عليه السلام لقومه { يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُوا الكَيْلَ والْمِيزَانَ ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [ الأعراف: 85].
- ولا تبخسوا الناس أشياءهم.. اعطوا كل ذى حق حقه - اليوم السابع
- وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ
- تفسير قوله تعالى: ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في
- طريق الملك فهد تبوك القبض على مواطن
ولا تبخسوا الناس أشياءهم.. اعطوا كل ذى حق حقه - اليوم السابع
ابن كثير: وقوله "ولا تبخسوا الناس أشياءهم" أي لا تنقصوهم أموالهم "ولا تعثوا في الأرض مفسدين" يعني قطع الطريق كما قال في الآية الأخرى "ولا تقعدوا بكل صراط توعدون". القرطبى: لا يوجد تفسير لهذه الأية الطبرى: ( وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ) يقول: ولا تنقصوا الناس حقوقهم في الكيل والوزن. ( وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ) يقول: ولا تكثروا في الأرض الفساد. تفسير قوله تعالى: ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في. قد بيَّنا ذلك كله بشواهده, واختلاف أهل التأويل فيه فيما مضى, فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. ابن عاشور: وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) ، والبخس: النقص والذم. وتقدم في قوله: { ولا يبخس منه شيئاً} في سورة البقرة ( 282) ونظيره في سورة الأعراف. وقد تقدم نظير بقية الآية في سورة هود. ومن بخس الأشياء أن يقولوا للذي يعرض سلعة سليمة للبيع: إن سلعتك رديئة ، ليصرف عنها الراغبين فيشتريها برُخص.
وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ
أما الحقوق الحسية فكثيرة، منها ـ ما سبقت الإشارة إليه ـ كالحق الثابت للإنسان كالبيت والأرض والكتاب والشهادة الدراسية، ونحو ذلك. وأما الحقوق المعنوية، فأكثر من أن تحصر، ولو أردنا أن نستعرض ما يمكن أن تشمله هذه القاعدة لطال المقام، ولكن يمكن القول: إن هذه القاعدة القرآنية: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} كما هي قاعدة في أبواب المعاملات، فهي بعمومها قاعدة من قواعد الإنصاف مع الغير. والقرآن مليء بتقرير هذا المعنى ـ أعني الإنصاف ـ وعدم بخس الناس حقوقهم، تأمل ـ مثلاً ـ قول الله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] فتصور! ربك يأمرك أن تنصف عدوك، وألا يحملك بغضه على غمط حقه، أفتظن أن ديناً يأمرك بالإنصاف مع عدوك، لا يأمرك بالإنصاف مع أخيك المسلم؟! اللهم لا! ولا تبخسوا الناس أشياءهم.. اعطوا كل ذى حق حقه - اليوم السابع. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ معلقاً على هذه الآية ـ:
«فنهى أن يحمل المؤمنين بغضهم للكفّار على ألّا يعدلوا، فكيف إذا كان البغض لفاسق أو مبتدع أو متأوّل من أهل الإيمان؟ فهو أولى أن يجب عليه ألّا يحمله ذلك على ألّا يعدل على مؤمن وإن كان ظالما له» (3).
تفسير قوله تعالى: ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في
يا معشر الإخوة: يقول مولانا -عز وجل- في محكم تنزيله: ( وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا) [الأعراف: 85]. يا معشر الإخوة: بخس الناس أشياءهم، أي نقصهم حقوقهم ظلما، وهي مشكلة قديمة، وآفة عريقة، بدأت حينما بدأ الخلق خلق البشر، فإن الله -تعالى- حينما أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم سجدوا كلهم أجمعون إلا إبليس أراد أن يبخس آدم حقه، فقال: ( أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا) [الإسراء: 61]، وقال: ( أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) [ص: 76]. وهكذا حصل لأحد ابن آدم حينما بخس أخاه حقه، وهكذا حصل لأقوام الأنبياء حينما ازدروا أنبياءهم ورسلهم، وازدروا أولئك الذين آمنوا بأولئك الرسل وقالوا: ( وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ) [هود: 27].
[المطففين: 4 - 6] ألا يخشون أن يُسَلّطَ عليهم بسبب ظلمهم لمن تحت أيديهم وبخسهم حقوق خدمهم وعمالهم؟! ألا يخشون من عقوبات دنيوية قبل الأخروية تصيبهم بما صنعوا؟! وختاماً:
قد يقع البخس ـ أحياناً ـ في تقييم الكتب أو المقالات على النحو الذي أشرنا إليه آنفاً، ولعل من أسباب غلبة البخس على بعض النقاد في هذه المقامات، أن الناقد يقرأ بنية تصيد الأخطاء والعيوب، لا بقصد التقييم المنصف، وإبراز الصواب من الخطأ، عندها يتضخم الخطأ، ويغيب الصواب، والله المستعان. نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإنصاف من أنفسنا.. والإنصاف لغيرنا،وأن يجعلنا من المتأدبين بأدب القرآن العاملين به، وإلى لقاء جديد بإذن الله، والحمد لله رب العالمين. ________________
(1) التحرير والتنوير (5 / 451). (2) تفسير الكشاف (3 / 337). (3) الفتاوى. (4) البيان والتحصيل 18/306.
وفي واقع المسلمين ما يندى له الجبين من بخس للحقوق، وإجحاف وقلة الإنصاف، حتى أدى ذلك إلى قطيعة وتدابر، وصدق المتنبي يوم قال:
ولم تزل قلة الإنصاف قاطعة *** بين الرجال وإن كانوا ذوي رحم
وهذا إمام دار الهجرة مالك بن أنس: يعلن شكواه قديماً من هذه الآفة، فيقول: "ليس في الناس شيء أقل من الإنصاف". علّق ابن رشد على هذه الكلمة فقال: قال مالك هذا لما اختبره من أخلاق الناس. وفائدة الأخبار به التنبيه على الذم له لينتهي الناس عنه فيعرف لكل ذي حق حقه (4). ولنعد إلى واقعنا ـ أيها المستمعون الأكارم ـ:
يختلف أحدنا مع شخص آخر من أصدقائه، أو مع أحد من أهل الفضل والخير، فإذا غضب عليه أطاح به, ونسي جميع حسناته، وجميع فضائله، وإذا تكلم عنه تكلم عليه بما لا يتكلم به أشد الناس عداوة ـ والعياذ بالله ـ! وقُلْ مثل ذلك في تعاملنا مع زلة العالم، أو خطأ الداعية، الذين عرف عنهم جميعاً تلمس الخير، والرغبة في الوصول إلى الحق، ولكن لم يوفق في هذه المرة أو تلك، فتجد بعض الناس ينسى أو ينسف تاريخه وبلاءه وجهاده ونفعه للإسلام وأهله، بسبب خطأ لم يحتمله ذلك المتكلم أو الناقد، مع أنه قد يكون معذوراً! ولنفترض أنه غير معذور، فما هكذا تورد الإبل، وما هكذا يربينا القرآن!
تبوك | مركز جنى
اسم الفرع: تبوك
المدينة:
المنطقة:
العنوان: طريق الملك فهد
طريق الملك فهد تبوك القبض على مواطن
Powered by Dimofinf CMS v5. 0. 0 Copyright © Dimensions Of Information. جميع مايكتب في هذة الصحيفة يمثل رأي الكاتب ولايمثل رأي او توجة صحيفة صدى بوك 2011م.
جميع الحقوق محفوظة تم بواسطة Quintype