أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) أما الكلام على الحروف المقطعة فقد تقدم في أول سورة " البقرة ". وقوله: ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) استفهام إنكار ، ومعناه: أن الله سبحانه وتعالى لا بد أن يبتلي عباده المؤمنين بحسب ما عندهم من الإيمان ، كما جاء في الحديث الصحيح: " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلابة زيد في البلاء ". وهذه الآية كقوله: ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين) [ آل عمران: 142] ، ومثلها في سورة " براءة " وقال في البقرة: ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) [ البقرة: 214]; ولهذا قال هاهنا:
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة العنكبوت - الآية 2
وأما على قول غيره فهي في موضع خفض بإضمار الخافض، ولا تكاد العرب تقول تركت فلانا أن يذهب، فتدخل أن في الكلام، وإنما تقول تركته يذهب، وإنما أدخلت أن هاهنا لاكتفاء الكلام بقوله: (أنْ يُتْرَكُوا) إذ كان معناه: أحسب الناس أن يتركوا وهم لا يفتنون من أجل أن يقولوا آمنا، فكان قوله: (أنْ يُتْرَكُوا) مكتفية بوقوعها على الناس، دون أخبارهم. وإن جعلت " أن " في قوله: (أنْ يَقُولُوا) منصوبة بنية تكرير أحسب، كان جائزا، فيكون معنى الكلام: أحسب الناس أن يتركوا أحسبوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة العنكبوت - الآية 2
ومن كان عند ورود الشبهات تؤثر في قلبه شكا وريبا، وعند اعتراض الشهوات تصرفه إلى المعاصي أو تصدفه عن الواجبات، دلَّ ذلك على عدم صحة إيمانه وصدقه. محتوي مدفوع
إعلان
فأما انتصار الإيمان والحق في النهاية فأمر تكفل به وعد الله، وما يشك مؤمن في وعد الله، فإن أبطأ فلحكمة مقدرة، فيها الخير للإيمان وأهله، وليس أحد بأغير على الحق وأهله من الله، وحسب المؤمنين الذين تصيبهم الفتنة، ويقع عليهم البلاء، أن يكونوا هم المختارين من الله، ليكونوا أمناء على حق الله، وأن يشهد الله لهم بأن في دينهم صلابة فهو يختارهم للابتلاء:
جاء في الصحيح: "أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء"..
والحنابلة مع إبطالهم صلاة المنفرد خلف الصف، يجيزون الفرجة والتباعد –في نفس الصف- ولو بأكثر من مقام ثلاثة رجال، سواء كان الصف خلف الإمام، أو كان شخصا واحدا عن يمين الإمام كما هو صورة المسألة هنا ، ولا يبطلون إلا صلاة من كان عن يسار الإمام وانقطع بمقدار مقام ثلاثة رجال. قال في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 283): " (ولا) بأس (بقطع الصف) خلف الإمام ، وعن يمينه ، (إلا) أن يكون قطعه (عن يساره) أي: الإمام (إذا بعد) المنقطع (بقدر مقام ثلاثة) رجال، فتبطل صلاته. قال ابن حامد: وجزم به في الرعاية الكبرى" انتهى. وقال العلامة عثمان النجدي في "حاشيته على شرح المنتهى" (1/ 318):
" فانقطاع الصف بوقوع فرجة فيه: تارة يكون بقدر مقام ثلاثة رجال فأكثر، وتارة يكون أقل. والمنقطع: تارة يكون واحداً، وتارة يكون متعدداً. فهذه اثنتا عشرة صورة، عشر منها صحيحة، واثنتان تبطل فيهما صلاة المنقطع، وهما: ما إذا كان القطع في صف وقف بجنب الإمام عن يساره، وكانت الفرجة بقدر مقام ثلاثة فأكثر، فإنها تبطل صلاة المنقطع ، واحداً أو أكثر. وقد أشار المصنف إلى الصور كلها منطوقاً ومفهوماً" انتهى. وينظر: "كشاف القناع"(1/ 488). فالصورتان اللتان تبطل معهما الصلاة عند الحنابلة:
1 - أن يكون المأمومون عن يسار الإمام، وصفهم به فرجة قدر ثلاثة رجال فأكثر، والمنقطع عن الصف مأموم واحد.
إذا كان المأموم واحداً فإن موقفه مع إمامه يكون كبير جداً اوصغير
وقوف المأموم يسار الإمام
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، نبينا محمد وعلى آله
وأصحابه والتابعين، أما بعد:
ففي هذا الدرس المبارك -والذي هدفه إلقاء الأضواء على المسائل المتعلقة بالإمام
والمأموم- نتناول موضوع "وقوف المأموم يسار الإمام في الصلاة". فنقول:
شرع الله صلاة الجماعة وشرع لأجل ذلك أحكاماً، ومن تلك الأحكام أن المأموم يقف عن
يمين الإمام في الصلاة في حالات منها:
أن
يكون المأموم واحداً. تزدحم الصفوف ويوجد مجال بجوار الإمام. لكن ما الحكم فيما لو صلى الشخص عن يسار الإمام، هل تبطل صلاته أم لا؟
اختلف أهل الفقه في هذه المسألة على قولين:
القول الأول:
أن المأموم إذا كان وحده فصلى عن يسار الإمام لا تصح صلاته، وهو قول الإمام أحمد
وعليه جماهير أصحابه، واستدلوا على قولهم هذا بحديثي ابن عباس وجابر بأن النبي -صلى
الله عليه وسلم- أدارهما إلى يمينه، فدل على أن اليسار غير موقف للمأموم الواحد،
فإذا وقف فيه بطلت صلاته. قال ابن قدامة في المغني: "ومن صلى خلف الصف وحده، أو قام بجنب الإمام عن يساره،
أعاد الصلاة". قال: "وهذا قول النخعي، والحكم، والحسن بن صالح، وإسحاق، وابن المنذر".
إذا كان المأموم واحداً فإن موقفه مع إمامه يكون وعدد الحركات والسكنات
إذا كان المأموم واحداً فإن موقفه مع إمامه يكون
نتشرف بكم زوارنا الكرام عبر منصة موقع المراد الشهير والذي يوفر لزواره الكرام حلول نماذج وأسألة المناهج التعليمية في كافة الوطن العربي والذي يكون حل السؤال هو
يقف مساويًا له ولا يتأخر.
، والشافعيَّة [4530] ((المجموع)) للنووي (4/299)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/245). ، والحَنابِلَة [4531] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/197)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/485). الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة 1- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((بتُّ عند خالتي ميمونةَ، فقام رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من اللَّيلِ فتوضَّأَ من شَنٍّ معلَّقٍ وضوءًا خفيفًا- فجعل يَصفُه وجعَل يُقلِّله- قال ابنُ عبَّاس: فقمتُ فصنعتُ مِثلَ ما صنَع النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثم جئتُ فقمتُ عن يَسارِه، فأَخْلَفني فجَعَلني عن يمينِه فصلَّى... )) أخرجه البخاري (138)، (859)، ومسلم (763) باختلافٍ يسير. وَجْهُ الدَّلالَةِ: لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أدارَه مِن وراءِ ظَهرِه، وكانت إدارتُه من بين يَديه أيسرَ؛ فدلَّ على عدمِ جوازِ تقدُّمِ المأمومِ على الإمامِ [4533] ((حاشية الطحطاوي)) (ص:206). 2- عن عائشةَ أمِّ المؤمنينَ رَضِيَ اللهُ عنها، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به.. )) [4534] رواه البخاري (688)، ومسلم (412) وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ الائتمامَ: الاتباعُ، والمتقدِّم غيرُ تابعٍ [4535] ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/245).