فالواجب على الولد أن يشكر لوالديه، وأن يحسن إليهما، وأن يبرهما، وأن يطيعهما في المعروف، ويحرم عليه عقوقهما لا بالكلام، ولا بالفعل، فليس له أن يرفع صوته عليهما، وليس له ضربهما، وليس له عدم النفقة عليهما مع الحاجة إلى ذلك، وليس له عصيانهما في المعروف، بل يجب عليه طاعتهما في المعروف، وبرهما، وخفض الصوت إذا خاطبهما، والتأدب معهما في كل شيء. لكن لا يطيعهما في المعصية، يقول النبي ﷺ: إنما الطاعة في المعروف لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فلو أمراه أن يزني، أو يشرب الخمر، أو لا يصلي في الجماعة؛ لا يطيعهما، لكن يطيعهما في المعروف، يبرهما في المعروف، يحسن إليهما، يخاطبهما بالتي هي أحسن، ينفق عليهما إذا احتاجا إلى ذلك، هكذا المؤمن مع والديه، فحقهما عظيم، وبرهما من أهم الواجبات،. هل يجوز أن ينادى الولد أباه باسمه ، وهل يعدّ هذا من العقوق ؟ - الإسلام سؤال وجواب. لكن ليس عقوقهما مبطلًا للصلاة، ولا للصوم، ولا للأعمال الصالحات، ولكن صاحبه على خطر من هذه الكبيرة العظيمة. وإنما تبطل الأعمال بالشرك، قال تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88] أما بالعقوق، أو قطيعة الرحم، أو المعاصي الأخرى فإنها لا تبطل الأعمال، وإنما يبطلها الشرك الأكبر. وكذلك رفع الصوت على رسول الله ﷺ يخشى منه بطلان العمل في حياته ﷺ كما قال الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2] يعني: لئلا تحبط أعمالكم، فهذا يفيد أنه يخشى على من رفع صوته على النبي ﷺ وجهر له بالقول أن يحبط عمله، وهذا وعيد عظيم، ولهذا كان الصحابة يتأدبون مع الرسول ﷺ ويتكلمون معه كلامًا خفيفًا لينًا مخفوضًا تأدبًا معه، عليه الصلاة والسلام.
حكم عقوق الوالدين - المفيد
اعتبار بِرّ الوالدَين من أفضل الأعمال إلى الله -تعالى- بعد الصلاة التي تُعَدّ أهمّ دعامةٍ من دعائم الإسلام وثوابته، وبِرّ الوالدَين عَمَلٌ جليلٌ يقودك إلى جِنان الرحمن؛ ولهذا ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ قالَ: الصَّلاةُ لِوَقْتِها قالَ: قُلتُ ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: برُّ الوالِدَيْنِ قالَ: قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ). [٢٧]
وتجدر الإشارة إلى أنّ مِن أوجب الواجبات على المسلم بِرّ والدَيه والإحسان إليهما، كما تجب طاعتهما في غير معصية الله -عزّ وجلّ-، أمّا إن كانا غير مسلمين، فإنّ عليه أن يُحسنَ صُحبتَهما بالمعروف في الدُّنيا، ولا يُطيعهما في معصيةٍ؛ فقد جاءت آياتٌ كثيرةٌ تدلّ على ذلك، ومنها قوله -تعالى-: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا). [٢٨] [٢٩]
المراجع
↑ عبدالرحمن الجزيري (1424هـ)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 397، جزء 5. حكم عقوق الوالدين. بتصرّف. ↑ سورة لقمان، آية: 14.
هل يجوز أن ينادى الولد أباه باسمه ، وهل يعدّ هذا من العقوق ؟ - الإسلام سؤال وجواب
وإذا كان الأب لا يكره من
ابنه أن يناديه بكنيته مثلا: فليس من العقوق ، لا سيما إن جرى عرف الناس في بلدهم
عليه ؛ وإن كان الأكمل في الأدب والبر: أن يناديه بما يدل على التعظيم كـ "أبي "
ونحو ذلك.
وَأَخرَجَ الإِمَامُ أَحمَدُ وَالطَّبَرَانِيٌّ بِإِسنَادَينِ أَحَدُهُمَا صَحِيحٌ عَن عَمرِو بنِ مُرَّةَ الجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ {جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَهِدت أَن لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَصَلَّيت الخَمسَ، وَأَدَّيت زَكَاةَ مَالِي، وَصُمت رَمَضَانَ. فَقَالَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم -: مَن مَاتَ عَلَى هَذَا كَانَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشٌّهَدَاءِ يَومَ القِيَامَةِ هَكَذَا، وَنَصَبَ أُصبُعَيهِ مَا لَم يَعُقَّ وَالِدَيهِ}. وَرَوَاهُ ابنُ خُزَيمَةَ وَابنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيهِمَا بِاختِصَارٍ,. حكم عقوق الوالدين - المفيد. وَأَخرَجَ الإِمَامُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ عَن مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ, - رضي الله عنه - قَالَ {أَوصَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَشرِ كَلِمَاتٍ, قَالَ لَا تُشرِك بِاَللَّهِ شَيئًا وَإِن قُتِلت وَحُرِّقت، وَلَا تَعُقَّنَّ وَالِدَيك وَإِن أَمَرَاكَ أَن تَخرُجَ مِن أَهلِكَ وَمَالِكَ} الحَدِيثَ. وَرُوِيَ عَن جَابِرٍ, - رضي الله عنه - قَالَ {خَرَجَ عَلَينَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحنُ مُجتَمِعُونَ فَقَالَ يَا مَعشَرَ المُسلِمِينَ اتَّقُوا اللَّهَ وَصِلُوا أَرحَامَكُم فَإِنَّهُ لَيسَ مِن ثَوَابٍ, أَسرَعَ مِن صِلَةِ الرَّحِمِ، إيَّاكُم وَالبَغيَ فَإِنَّهُ لَيسَ مِن عُقُوبَةٍ, أَسرَعُ مِن عُقُوبَةِ بَغيٍ, ، إيَّاكُم وَعُقُوبَةَ الوَالِدَينِ فَإِنَّ رِيحَ الجَنَّةِ يُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ أَلفِ عَامٍ, وَاَللَّهِ لَا يَجِدُهَا عَاقُّ وَلَا قَاطِعُ رَحِمٍ, وَلَا شَيخٌ زَانٍ, وَلَا جَارٍّ, إزَارَهُ خُيَلَاءَ.