فتولى رعايته عمه أبو طالب، فنشأ النبي صلى الله عليه وآله في كنف عمه، الذي كان له كالأب الحقيقي يقدمه على أبنائه ويخاف عليه أشد الخوف وكان لا يفارقه، حتى كبر وترعرع صلى الله عليه وآله في كنف عمه رضوان الله عليه. ــــــــــــــــــــ
(1)عام الفيل: هو العام الذي هلك فيه أصحاب الفيل (جيش أبرهة الحبشي المتترس بالفيلة) بعد أن أرسلهم أبرهة إلى مكة لهدم الكعبة المكرمة، ولأجل ذلك فسمو بأصحاب الفيل، فأبادهم الله بحجارة صغير تلقى عليهم من فوق بواسطة طيور الأبابيل، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل/1-5]
(2)اعلام الورى بإعلام الهدى - للطبرسي. (3)المستدرك على الصحيحين - للحاكم (ج 2 / ص 453/ ح 3566)، وعلق عليه الحاكم بقوله "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في التلخيص
(4)روى عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن رجاله قال: كان بمكّة يهوديّ يقال له يوسف، فلمّا رأى النجوم تقذف وتتحرّك ليلة ولد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: هذا نبيّ قد ولد في هذه الليلة، لاَنّا نجد في كتبنا أنه إذا ولد آخر الأنبياء رجمت الشياطين وحجبوا عن السماء.
كتب عن مولد الرسول وحياته قبل البعثه - مكتبة نور
وكان أبو طالب عم الرسول يحميه و يمنعه فهددته قريش بمنازلته و ابن أخيه، ثم أعلنوا المقاطعة العامة لبني هاشم و بني المطلب كافرهم ومسلمهم ، و حاصروهم في شعب أبي طالب ثلاثة أعوام حتى نقضت صحيفة المقاطعة و انفك الحصار، و يموت أبو طالب و يتوفى الله خديجة زوج النبي فتتراكم الأحزان عليه ، و يجابه النبي و المسلمون الأحداث بالصبر و الثبات. * أحداث الدعوة قبل الهجرة*:
تفاقمت اضطهادات قريش للنبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه، فأمر بعضهم بالهجرة الحبشة و عرض نفسه على أهل الطائف فآذوه ، و استجاب له نفر من أهل يثرب ، و أكرمه الله تعالى برحلة الإسراء و المعراج حيث فرضت الصلوات الخمس على المسلمين. و بدأ الإسلام ينتشر في يثرب ، و يهاجر مسلمو مكة إليها ، فتقرر قريش قتل النبي بضربة واحدة من سيةف فتيانها. فيأذن الله تعالى له بالهجرة إلى المدينة المنورة، فيقيم علي بن أبي طالب مكانه في سريره ليؤدي الودائع إلى أصحابها المكيين ،و ينطلق و صاحبه أبو بكر الصديق سرا إلى المدينة. و يكمن الرسول و صاحبه في غار ثور و يتعقبهما القرشيون فيعمي الله أبصارهم عنهما ، و يدركهما سراقة بن مالك فيعجز عن إيذائهما و يطلب الأمان. ولادته ونشأته (صلى الله عليه وآله). و تقع في طريق الهجرة أحداث عجيبة ومنها خيمة أم معبد ، إذ تأذن للرسول في حَلْب شاة هزيلة فيدر لبنها و يشرب و من معه، ثم يحلبها ثانية و يترك الإناء مليئا من تلك الشاة العجفاء ، و يزل بقباء فيقيم فيه مسجدا يصلي فيه ،و يلحقه إليها علي بن أبي طالب و تزحف المدينة لتحيته و استقباله أروع استقبال بالتحميد و التكبير و الغناء و السرور ، و ينزل في بيت أبي أيوب الأنصاري حيث توافيه زوجته سودة و بنتاه فاطمة و أم كلثوم و أسامة بن زيد و أم أيمن، و عيال أبي بكر و منهم عائشة ، و بقيت ابنته زينب فلم يمكنها زوجها أبو العاص من الهجرة إلى ما بعد بدر.
ولادته ونشأته (صلى الله عليه وآله)
حياة النبي قبل البعثة
نعرض بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف حياة النبي قبل البعثة ،
عمل رسول الله في طفولته برعي الأغنام كعادة الأنبياء السابقين عليهم السلام،
ثم عمل بالتجارة مع عمه أبو طالب وسافر إلى الشام وعرف بصدقه وأمانته،
مما دفع السيدة خديجة بنت خويلد إلى تسليمه كل تجارتها و تاجر معها وهو ابن خمساً وعشرين عاماً،
ورأت السيدة خديجة بركة في مالها لم ترها من قبل،
ولما رأت الأخلاق والشمائل الكريمة عند النبي صلى الله عليه وسلم عرضت عليه الزواج فرضي ورزق بابن منها وسمي القاسم،
ولم يتزوج عليها غيرها حتى توفت السيدة خديجة. وعندما بلغ النبي الخامسة والثلاثين من عمره، كانت قريش تبني الكعبة ولما وصلوا إلى الحجر الأسود اختلفوا على من ينال شرف وضعه في مكانه،
واشتد النزاع بينهم وكاد أن يتحول إلى حرب،
إلى أن عرض عليهم أبو أمية أن يحكَّمَوا بينهم أول من يدخل من باب المسجد، فارتضوا
فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحوا وهتفوا: هذا الأمين، رضيناه. فحكم النبي وطلب منهم رداء أو جلباب ووضع الحجر وسط الرداء وجعل كل قبيلة تحمل من طرف الرداء،
وأمرهم أن يرفعوه فلما وصلوا إلى مكانه أخذه النبي بيده ووضعه في مكانه.
[٨] [٩]
ولشدّة إعجاب عمّه به كان يصحبه معه لرحلاته، وكان أبو طالب لا ينام إلا ومحمّدٍ بجانبه، وكان يُدافع عنه ويقف معه حتى بعد نبوّته، وكان -عليه الصلاة والسلام- يرعى الغنم في شبابه ليُحصّل قوته ويعتمد على نفسه، فقد صحّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلَّا رَعَى الغَنَمَ، فقالَ أصْحابُهُ: وأَنْتَ؟ فقالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أرْعاها علَى قَرارِيطَ لأهْلِ مَكَّةَ). [١٠] [١١] يتلخّص مما سبق أن النبيّ الكريم اشتغل في شبابه في الرعي، فكان يعول نفسه، ولا يرضى أن يكون عبئاً على أحد، وكان عمّه يأخذه معه في رحلاته للتجارة. أماكن رحل إليها الرسول خارج مكة
خرج الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو بعمر الثّانية عشر مع عمّه أبي طالب في رحلةٍ تجاريةٍ إلى الشام، والتقوا عند بصرى الشام براهبٍ نصرانيٍّ يُقال له بَحيرا، وكان هذا الرّاهب لا يُكلّم أحداً، لكنّه رأى على أحدِ ركْب القافلة علاماتٍ مميّزةًً ليست موجودةً عند الآخرين، فكان هناك غمامةٌ تُظلّ رسول الله دون غيره من باقي القافلة، فقام بحيرا بدعوتهم على الطعام، وطلب حضور رسول الله -عليه الصلاة والسّلام-.