ولذلك علماؤنا المالكية يعرفون المسكر بأنه: كل ما أذهب العقل دون الحواس، مع نشوة وفرح. هذا هو المسكر، يذهب العقل، لكن تبقى الحواس صاحية، كل ما أذهب العقل دون الحواس مع نشوة وفرح، فهو الخمر، سواء كان من عنب، أو من شعير، أو من حنطة، أو من تمر، أو من عسل، أو من غير ذلك، وسواء سماه الناس خمراً، أو سموه غير ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر: ( أنه يأتي على الناس زمان يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها). المقصود بالميسر
إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ [المائدة:90]، والميسر هو القمار، وهو جميع المغالبات التي فيها عوض من الجانبين، ويدخل في ذلك المراهنات ونحوها، ويدخل في ذلك الآن ما ابتدعته بعض الشركات التي تروج لبعض السلع حين تقول: بأن الذي يشتري ربما يجد في العلبة التي يشتريها، أو الكرتون التي يشتريها رقماً أو علامة، ولربما فاز بسيارة، ولربما فاز بكذا وكذا، فيشتري الناس السلعة لا لغرض السلعة، وإنما لغرض الجائزة. 31 من قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ..). حتى أنه في بعض البلاد ربما يكون هناك إعلان عن لبن، وأن من يشتري علبة لبن قد يفوز بسيارة، فتجد بعض ضعاف العقول يشتري اللبن ويفتح العلبة، فإذا ما وجد يكبها في المزبلة، ثم يشتري أخرى وهكذا حتى يعثر، والغالب أنه لا يعثر على شيء ويكون ماله قد ذهب هباءً، نسأل الله السلامة، وهذا هو الميسر.
- مع آية: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان)
- 31 من قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ..)
مع آية: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان)
ومن فوائد الآية: قال القرطبي رحمه الله: هذه الآية تدل على تحريم اللعب بالنرد والشطرنج، قماراً أو غير قمار، واستدل بالعلة: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ [المائدة:91]، قال: وهذه العلة موجودة في النرد والشطرنج. قال الألوسي رحمه الله: وقد شاهدنا كثيراً ممن يلعب بالشطرنج يجري بينهم من اللجاج، والحلف الكاذب، والغفلة عن الله تعالى ما ينفر منه الفيل وتكبو له الفرس. وهذا أيضاً مبحث فيه تحقيق لبعض أهل العلم. ومن فوائد هذه الآية: أن الله بين أن الخمر محرمة؛ لأن فيها مفاسد دينية ومفاسد دنيوية. أما المفاسد الدينية فهي في قوله تعالى: وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ [المائدة:91]. وأما المفاسد الدنيوية فهي في قوله: يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ [المائدة:91]، فدل ذلك على أن الأحكام الشرعية معللة، لكن العلة قد نعرفها وقد نجهلها. ومن فوائد الآية: أن اجتناب هذه المحرمات الأربعة سبب للفلاح. مع آية: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان). أسأل الله أن يجعلنا من المفلحين. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
31 من قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ..)
الخمر والميسر التحريم / سورة البقرة الماءدة/ القران الكريم / الرسول - YouTube
سورة المائدة الآية رقم 90: إعراب الدعاس
إعراب الآية 90 من سورة المائدة - إعراب القرآن الكريم - سورة المائدة: عدد الآيات 120 - - الصفحة 122 - الجزء 7. ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [ المائدة: 90]
﴿ إعراب: ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان ﴾
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) سبق إعرابها (إِنَّمَا) كافة ومكفوفة. (الْخَمْرُ) مبتدأ. (وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ) معطوفة. (رِجْسٌ) خبر المبتدأ. (مِنْ عَمَلِ) متعلقان بمحذوف صفة الرجس. (الشَّيْطانِ) مضاف إليه. (فَاجْتَنِبُوهُ): الفاء رابطة لجواب الشرط المقدر: إذا كان الخمر من عمل الشيطان فاجتنبوه والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم. (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ): كقوله تعالى في الآية السابقة (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). الصور البلاغية و المعاني الإعرابية للآية 90 - سورة المائدة
﴿ تفسير التحرير و التنوير - الطاهر ابن عاشور ﴾
استئناف خطاب للمؤمنين تقفية على الخطاب الذي قبله ليُنْظَم مضمونه في السلك الذي انتظم فيه مضمون الخطاب السابق ، وهو قوله: { ولا تعتدوا} [ المائدة: 87] المشير إلى أنّ الله ، كما نَهى عن تَحريم المباح ، نهَى عن استحلال الحرام وأنّ الله لمّا أحلّ الطيّبات حرّم الخبائث المفضية إلى مفاسد ، فإنّ الخمر كان طيّباً عند الناس ، وقد قال الله تعالى: { ومن ثمرات النخيل والأعناب تتّخذون منه سكراً ورزقاً حسناً} [ النحل: 67].