أن يحصلوا على حرية العبادة وارتياد معابدهم من كنائس وصوامع ودور عبادة، وهنا أيضًا نؤكد أنه يمنع التعرض لما يقوموا به مع تعارضه لعقيدة المسلمين ما دام غير معلن، ومثالًا على ذلك خمورهم وتربية الخنازير وما شابه ذلك. احترامهم وعدم إهانتهم أو الإساءة لهم ولا مانع من عيادتهم ، وتعزيتهم من باب التعامل بالمعروف فهذا حق من حقوق أهل الذمة. ومن حقوق أهل الذمة أن لهم الحرية في العمل والتجارة وكسب الرزق ولكن بالقيود الشرعية، ولكن الفقهاء اتفقوا على عدم جواز استيطانهم في مكة المكرمة والمدينة لوجود خبر عن ابن عمر، قال: أجلى عمر المشركين من الجزيرة العربية، وقال لا يجتمع في جزيرة العرب دينان، وعلى خلاف وتفصيل فيما سواهما. كيف تعامل الإسلام مع أهل الذمة؟ - اليوم السابع. ويجب التنويه الى أن الله عظم قتل ذمي تعظيمًا شديدًا ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً" ، [١٠] ولقد ضرب لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضل تصوير للرحمة والرأفة بمن هم على غير دين الإسلام ففي الخبر: "أن سهل بن حنيف وقيسّ ابن سعد كانا قاعدين بالقادسيّة ، فمروا عليهما بجنازة فقاما، فقيل لهما: أنها من أهل الأرض، أي من أهل الذمة فقالا: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرت به جنازة فقام فقيل له: أنها جنازة يهودي، فقال أليست نفساً ؟".
كيف تعامل الإسلام مع أهل الذمة؟ - اليوم السابع
أول عهد ذمة
أول عهد استعملت فيه كلمة (الذمة) هو عهد رسول الله إلى أهل نجران، فقد كتب لهم:
"ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله، على أموالهم وأنفسهم وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم... وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، لا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا كاهن من كهانته... ولا يطأ أرضهم جيش، ومن سأل منهم حقا فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين... ". ونجد مثل ذلك النص في كتاب خالد بن الوليد إلى أهل الحيرة وقد أقره الخليفة عمر بن الخطاب ، واعتبره الفقهاء - بتعبير الإمام القاضي أبي يوسف صاحب أبي حنيفة - نافذا على ما أنفذه عمر إلى يوم القيامة (النصوص، وتعليق عليها في: الخراج لأبي يوسف، ص 78و155و159). فالذمة هي ذمة الله ورسوله، وليست ذمة أحد من الناس. بقاؤها لضمان الحقوق لا إهدارها، ولاحترام الدين المخالف للإسلام لا لإهانته، ولإقرار أهل الأديان على أديانهم ونظمها لا لحملهم على الزهد فيها أو الرجوع عنها. ومع ذلك فهي عقد لا وضع.
وانظر من قِبلكَ من أهل الذّمة، مَن قد كَبُرَتْ سنُّه وضعفت قوتُه، وولَّت عنه المكاسب، فأجرِ عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه. فلو أن رجلاً من المسلمين كان له مملوك كبُرت سنُّه، وضعفت قوته، وولَّت عنه المكاسب، كان من الحق عليه أن يَقُوته حتى يفرق بينهما موت أو عِتق، وذلك أنه بلغني أن أمير المؤمنين عمر - يقصد عمر بن الخطاب ـ مرَّ بشيخ من أهل الذِّمّة، يسأل على أبواب الناس، فقال: "ما أنصفناك، إن كنا أخذنا منك الجزية في شَبابك، ثم ضيَّعْناك في كِبَرِك". ثم أجرى عليه من بيت المال ما يُصلحه". الذمي لو أسلم سقطت عنه الجزية وفرضت عليه الزكاة
رد الجزية لأهل الذمة عند عدم تحقيق الأمن: ويمكن الحكم على مدى اعتراف المسلمين الصريح بهذا الشرط من تلك الحادثة التي وقعت في حكم الخليفة عمر. لما حشد الإمبراطور هرقل جيشًا ضخمًا لصد قوات المسلمين المحتلة، كان لزامًا على المسلمين نتيجة لما حدث، أن يركِّزوا كل نشاطَهم في المعركة التي أحدقت بهم. فلمّا علم بذلك أبو عبيدة قائد العرب، كتب إلى عمّال المدن المفتوحة في الشام يأمرهم بأن يردُّوا عليهم ما جُبِيَ من الجزية من هذه المدن، وكتب إلى الناس يقول: "إِنَّما رددنا عليكم أموالَكم؛ لأنه بلغَنا ما جُمع لنا من الجموع وإنكم قد اشترطتم علينا أن نمنعكم وإنا لا نقدر على ذلك، وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم ونحن لكم على الشرط، وما كتبنا بيننا وبينكم إن نصرنا الله عليكم".