إعادة الاعتبار للكتابة حول السلاطين وهذا يدخل في نمط الكتابة التاريخية التقليدية، والذي أصبح متجاوزا الآن لدى المؤرخين، حيث أصبح الاهتمام منصبا على دراسة المجتمع والتاريخ من أسفل أو تاريخ الهامش والمهمشين. ولكن ذلك لايمنع من الكتابة فيه لكون العديد من الحقائق التاريخية مازالت غائبة أو مغيبة، بفعل صعوبة الحصول على الأرشيف الخاص بهاته الحقب لكونه يفوق قدرة أي باحث مهما كان إرتباطه بموضوع بحثه، ولإعتبارات أخرى لا يمكن الوقوف عليها في هذا المقام. إختراق الكاتب لمجال التاريخ رغم كونه ليس مؤرخا، وقد عبر في مقدمة كتابه على أن ".. هذا الكتاب ليس كتاب تاريخ.. فقد تكفلت بذلك مصنفات وبحوث المؤرخين.. إن الغرض هو التعريف بجهود اصلاحية رائدة للسلطان.. لم يكشف عنها بالعمق والاحاطة المطلوبين". [4] فالكتابة في الماضي ليست من صميم التاريخ فقط، بل هي التاريخ نفسه، الذي قال عنه ابن خلدون: ".. هو في ظـاهره لا يزيد عن أخبار عن الأيام و الدول، و السوابق من القرون.. عرض كتاب : " سيدي محمد بن عبد الله السلطان العالم المصلح" للزبير مهداد - أحمد سوالم - أنفاس نت. ، وفي باطنه نظـر و تحقيق و تعليل للكائنات ومبادئها دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها [5]. " وبالتالي ينضاف جهد الزبير مهداد التاريخي، إلى جهوده في مجالات بحثية أخرى.
- كتاب علوم اول متوسط الفصل الثاني pdf format
صدر مؤخرا (2018) ضمن منشورات مكتبة سلمى الثقافية بتطوان، كتاب " سيدي محمد بن عبد الله السلطان العالم المصلح " [1] للزبير مهداد، يقع في 210 صفحة من الحجم المتوسط، موزعة على ثمانية فصول ومقدمة وخلاصات إضافة إلى الفهرس وقائمة المراجع. توقف الفصل الأول للكتاب، عند السياق التاريخي لمرحلة حكم السلطان محمد بن عبد الله أي فترة القرن الثامن عشر الذي اتسم بكونه قرن المتناقضات: بين عالم أوربي، سمته التقدم والازدهار وثورات سياسية ( مناهضة كل أشكال الاستبداد والحكم المطلق) واقتصادية (الثورة الصناعية التي إنطلقت من بريطانيا)، واجتماعية (الثورة الفرنسية سنة 1789م)، في مقابل ذلك كانت السلطنة العثمانية تعيش مرحلة التدهور والتفكك، حيث توالت هزائمها العسكرية ودب الفساد السياسي في صفوف الحكام والجيش الإنكشاري، ما نثج عنه ظهور حركات تحررية في الإيالات العثمانية كاليونان وصربيا ومصر.
وخصص الفصل الثاني من الكتاب، للحديث عن نشأة السلطان محمد بن عبد الله الذي ولد سنة 1134 ه/ 1721 م، واثرت مجموعة من العوامل في تكوين شخصيته، كتربيته على يد خناتة بنت بكار زوجة المولى إسماعيل والتي عرفت بعلمها وتدينها، فقد رافقها وهو إبن العشر سنوات في رحلتها الحجية، وتوليه المسؤولية في سن مبكر حيث ولاه أبوه السلطان المولى عبد الله واليا على مراكش، ما جعله يحتك بأمور السياسة وبأحوال الناس، فأصبح قادرا على خلافة والده بعد وفاته سنة 2757 م، حيث تمت مبايعته سلطانا على المغرب. أما الفصل الثالث، فقد ركز فيه الزبير مهداد، على تنظيم السلطان محمد بن عبد الله لمرافق الدولة وإصلاحه لمؤسساتها، معتمدا إستراتيجية قائمة على بسط نفوذ الدولة وتحقيق الاستقرار الإجتماعي، وإعادة الثقة في السلطة الشرعية وعلى تقوية اقتصاد البلاد ومحاربة الفقر والمجاعة، وتحقيق نهضة علمية وثقافية، وكذلك صد الأطماع الأجنية. في حين ركز الفصلين الرابع والخامس، على أهم ملامح الحياة العلمية في عهد السلطان محمد بن عبد الله، الذي عمل على تقعيد المجالس العلمية مضمونا وشكلا، وأعتنى بالعلم والعلماء فعين لهم أجورا من ريع الأوقاف، كما أهتم ببناء المساجد والمدارس والمكتبات العامة، ما جعل عهده فترة إنتعاش وإزدهار فكري وأدبي وإصلاح تعليمي.