وكان مبعوثو الدولة العثمانية يقرعون أبواب الناس ليلاً لإيقاظهم، واقتيادهم إلى موقع العمل كرهًا بلا شفقة ولا رحمة. وتحكي القصة أن أحد مواطني البلدة غلبه النوم من شدة التعب؛ فأمر مبعوثو السلطان العثماني بقلته جزاء له على نومه أثناء البناء، وأمروا رجال البلدة باستكمال العمل، وبناء السور فوق جثته! وهو ما حرك الدماء الحارة في عروق أحد الحجازيين الأحرار، ويسمى عبد الرحمن البرزنجي، وفي روايات أخرى عبد الكريم، الذي رفض تلك الطريقة الوحشية الظالمة في التعامل مع رجال جدة، فما كان منه إلا أن أعلن العصيان على الدولة العثمانية ومبعوثيها، وقام بمخاطبة أهالي البلدة وتجييش مشاعرهم ضد ما يواجهونه من ظلم وطغيان؛ وهو ما جعله المطلوب الأول في البلدة؛ لاعتراضه على السياسات العثمانية، وتقليبه الأهالي ضدها. قصة حارة المظلوم مستجابه. وبعد بضعة أيام تمكن مبعوثو الدولة من القبض على الثائر الحجازي، الذي كانت تؤويه عائلة باناجة سرًّا، وتم سحله بعربة تجرها الجياد على طول الشارع الذي يقع عليه مسجد الشافعي، وصلبه بالقرب من باب المسجد، وتركه معلقًا مصلوبًا أيامًا عدة، حتى بدأ الدود يقتات على جسده، ومن هنا سُميت الحارة بهذا الاسم تخليدًا لذكرى هذا الثائر، وشاهدًا على طغيان الدولة العثمانية في الجزيرة العربية.
قصة حارة المظلوم في
ويضيف د. العرابي أن هذا التضارب في الروايات حول أسباب تسمية حارة المظلوم بهذا الاسم يدفعنا إلى القول أن الرواية التاريخية الصحيحة اختلطت بالنزعات والمشاعر الإنسانية فشكلت ما يمكن تسميته بالأسطورة وجعلت من البرزنجي «شهيداً» خط دمه كلمة «مظلوم» وهو مايتنافى مع التحليل التاريخي المنهجي.
قصة حارة المظلوم على الظالم
وقد قتل (قصاصا) بدون أي إجراء للتحقيق في نفس الحارة التي سميت بعد ذلك بحارة المظلوم وبعد قتله وجدوا دمه قد شكل كلمة (مظلوم) على الأرض وهذا لان قتل ظلما. وكانت هذه كرامة من الله (والله أعلم) وللمعلومية كان القصاص بطريقة الشنق ولم يكن هناك قصاص بالسيف آنذاك وللتوضيح أكثر فقد استدعى الحاكم العثماني كل من كان له يد في قتل السيد عبد الكريم البرزنجي حيث انه ظل معلقا بعد قتله لمدة ثلاثة أيام مما جعل الدم يسقط من فمه وانفه على الأرض بقدرة الله وتشكلت كلمة (مظلوم).
قصة حارة المظلوم مستجابه
وقد روع أهل جدة لهذا العمل القاسي، فذهب بعضهم إلى باكير باشا ورجوه أن يأذن بدفن الجثة وكانت مشاعر أهل جدة متعاطفة معه إلى أبعد حد فسمي الحي الذي شنق فيه، حارة المظلوم). شاهدنا من إيراد كل هذه الروايات وبإسنادها لتأكيد رسوخ الحادثة في أذهان الغالبية العظمى إن لم يكن الكل ممن يؤرخون لمدينة جدة أو ممن هم من أهلها ويأخذونها على أنها حقيقة تاريخية ثابتة.
صحيح أن بناء السور في ظل الإمكانات البسيطة والمساحة الشاسعة لمدينة جدة وقتها تمت في مدة قياسية تقدّر بثمانية عشر شهر
إلا أن تلك الحادثة لم تكن الوحيدة التي يدفع فيها مواطن بسيط حياته ثمناً لعملية البناء فمن لم يقتله المبعوثون قتله الإنهاك في ظل الظروف المناخية الشديدة الحرارة.
5- جاء الشارع بأحكام للصرف، وجاءت هذه الأحكام بالذهب والفضة دون سواهما من الأموال « بيعوا الذهب والفضة كيف شئتم يداً بيد » والحديث المروي عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم رضي الله عنهما يقول: « وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق ديناً »، والصرف هو مبادلة نقد بنقد، أي أنه معاملة نقدية لا غير. الأساس النقدي في الاسلام:
بهذا يكون الاسلام قد عين الأساس النقدي وهو الذهب والفضة وقد أباح التبادل بغيرهما غلا أنه جعلهما وحدهما أساس النقد فكان إقراره إقراراً لهما حسب واقعهما آنذاك ولم يأمر باتخاذ غيرهما نقداً ولم يجعل غيرهما مقياساً نقدياً تقاس به السلع والجهود… ولكنه اعتبر الذهب والفضة هماوحدهما المقياس الأساسي لا غير… ومع أن الشارع قد جعل أحكام الدية والزكاة مثلاً بهما وبغيرهما من الأموال فأجاز دفع الدية بالابل وغيرها من الماشية وأوجب الزكاة في الماشية وفي الزروع والثمار، ولكنه في اعتباره للنقد وأحكام الصف لم يتناول غير الذهب والفضة ولم يعتبر بذلك غيرهما من الأموال نقداً. من كل ذلك يفهم أن الاسلام يُجِيز تبادل الجهود والسلع بما نشاء ويُجيز اتخاذ الذهب والفضة وغيرهما من الأموال العينية والورقية وسيلة للتبادل… ولكنه يشترط في النقد أن يكون الذهب أو الفضة فقط المقياس النقدي أي هما الأساس الذي يرجع إليه في تقييم النقود… وبعبارة أخرى إن النقد في الاسلام إما أن يكون قطعاً معدنية من الذهب أو الفضة، أو أوراقاً نائبة عن مقدار معين من الذهب والفضة.
بماذا يقدر نصاب النقود في الزكاة - فقه
قال الله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [النور: 36]. أخوكم
أ. د. خالد المصلح
28 /2 /1426هـ
المادة السابقة
المادة التالية
الاكثر مشاهدة
مواد تم زيارتها
جريدة الرياض | العقارات التي يجب فيها الزكاة ومقدارها (1 من 2)
فأقبلا إلي يمشيان، حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي، لا أجد لأحدهما مسا، فقال أحدهما لصاحبه: أضجعه. فأضجعاني بلا قصر ولا هصر. فقال أحدهما لصاحبه: افلق صدره. جريدة الرياض | العقارات التي يجب فيها الزكاة ومقدارها (1 من 2). فهوى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما أرى بلا دم ولا وجع، فقال له: أخرج الغل والحسد. فأخرج شيئا كهيئة العلقة ثم نبذها فطرحها، فقال له: أدخل الرأفة والرحمة، فإذا مثل الذي أخرج شبه الفضة، ثم هز إبهام رجلي اليمنى فقال: اغد واسلم. فرجعت بها أغدو، رقة على الصغير، ورحمة للكبير". وقوله: { ووضعنا عنك وزرك} بمعنى: { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} [ الفتح: 2]. { الذي أنقض ظهرك} الإنقاض: الصوت. وقال غير واحد من السلف في قوله: { الذي أنقض ظهرك} أي: أثقلك حمله.
الصلاة في الكنيسة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: نصاب الزكاة ما يعادل ستة وخمسين ريالاً فضياً، وهي مائتا درهم فلا بد من معرفة صرف ريال الفضة وما يساويه بالعملات الورقية المعاصرة فلو فرضنا أنه يساوي عشرة ريالات فيكون النصاب 560 ريالاً ورقياً، ويشترط لوجوب الزكاة في الأموال النقدية مرور الحول عليها والتاريخ يبدأ من حين ملك هذا المال ملكاً مستقراً إذا بلغ النصاب وتوافرت بقية شروط الزكاة، ولا تجب الزكاة في مال حتى يحول عليها لحول، وما يصرف قبل تمام الحول فلا زكاة فيه، إنما الزكاة تجب في المال المحفوظ الذي حال عليه الحول، وبالله التوفيق.
فتحرم الشارع للكنز إنما يفيد النهي عن تجميع النفقد وحبسه لغير حاجة، فيفهم المراد أنه نهي عن كنز النقد، كما أن كنز سبائك الذهب وتبره وكنز سبائك الفضة ونقارها حرام كذلك سبائك الفضة ونقارها حرام كذلك للعموم في الآية، علاوة على أن عين الذهب والفضة وإن لم يكونا مضروبين كانا نقوداً كذلك حين نزل حكم تحريم الكنز. 2- الزكاة، أوجب الشارع الزكاة وقدرها في الأموال النقدية بالذهب والفضة، كما أوجبها في غيرهما من الأموال، وبين نصاب الزكاة في الذهب والفضة وفي غيرهما من الأموال كذلك، فجعل مقدار الزكاة في الذهب والفضة وعروض التجارة ربع العشر، وجعل النصاب في الذهب عشرين ديناراً وفي الفضة مائتي درهم. 3- الدِيَة، عين الشارع مقدار الدية بالذهب والفضة وأموال أخرى « … وفي النفس المؤمنة مائة من الإبل وعلى أهل الذهب ألف دينار » وجعلها في الفضة اثني عشر الف درهم. 4- أوجب الشارع القطع في السرقة، وعين المقدار الذي يقع به حكم القطع، فجعله من الذهب ربع دينار وفي الفضة ثلاث دراهم، روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها « لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا » وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قطع سارقاً في مِجَن ثمنه ثلاثة دراهم.