سورة المجادلة مدنيَّة، وآياتها ثنتان وعشرون، عن عائشة رضي الله عنها قالت: الحمد لله الذي وَسِع سمعُه الأصوات؛ لقد جاءت المجادِلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلِّمُه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول، فأنزَل الله: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [المجادلة: 1] [1]. تفسير: (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم). والمجادلة هي: خولة بنت ثعلبة ، وزوجها: أوس بن الصامت [2]. ﴿ َنَاجَيْتُمْ ﴾: ناجيتُه؛ أي: ساررته، وأصله: أن تخلو به في نجوة من الأرض، والنجوى: أصله المصدر، قال: ﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ، ﴾ وقال: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ﴾ [المجادلة: 8]، وقوله: ﴿ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ [الأنبياء: 3]؛ تنبيهًا أنهم لم يظهروا بوجه؛ لأن النجوى ربما تظهر بعد، والنَّجِيُّ: المناجي، ويقال للواحد والجمع، قال: ﴿ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ﴾ [مريم: 52]، وانتجيت فلانًا؛ استخلصته لسرِّي، والاستنجاء: تحرِّي إزالة النجو، أو طلب نجوة لإلقاء الأذى، والنجأة بالهمز: الإصابة بالعين [3]. قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [المجادلة: 8].
يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله
﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا ﴾؛ أي: يذهب شيئًا فشيئًا حتى لا يبقى منه شيء. ﴿ وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾: يبارك في المال الذي أخرجت منه، ويزيد فيه، ويضاعف أجرها أضعافًا كثيرة. ﴿ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾: الكَفَّار: شديد الكفر، يكفر بكل حق وعدل وخير.
يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم
﴿ لِيَسْتَأْذِنْكُمُ ﴾ اللام لام الأمر، واستأذن: طلب الإذن؛ لأن السين والتاء للطلب، مثل استنصر: طلب النُّصرة، واستغفر: طلب المغفرة، والاستئذان المذكور في الآية يراد منه الإعلامُ بالحضور، والسماح للمستأذن بالدخول. والمعنى: ليستأذنكم في الدخول عليكم عبيدُكم وإماؤكم، والصغار من الأطفال. ﴿ الْحُلُمَ ﴾: بضم الحاء واللام الاحتلام؛ ومعناه: الرؤيا في النوم، والحِلم: بكسر الحاء وسكون اللام الأناةُ والعقل، تقول حَلُم الرجل بالضم: إذا صار حليمًا، وفي القاموس [7]: الحُلم بالضم وبضمتين: الرؤيا، جمعُه: أحلام. وحَلم به: رأى له رؤيا، أو رآه في النوم، والحُلم والاحتلام: الجِماعُ في النوم، والاسم منه الحُلُم كعنُق، ويقال: بلغ الصبيُّ الحُلُمَ؛ أي: أصبح في سنِّ البلوغ والتكليف. يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم. ﴿ عَوْرَاتٍ ﴾: جمع عورة: ومعناه الخلَل، وسمى اللهُ تعالى كلَّ واحدة من تلك الأحوال في هذه الآية عَورة؛ لأن الناس يختلُّ حفظهم وتستُّرهم فيها. وعورةُ الإنسان: سَوءتُه، سمِّيت عورة؛ لأنها مِن العار؛ وذلك لما يَلحق في ظهورها من المذمَّة والعار [8]. ﴿ الْعِشَاء ﴾ المراد بها العِشاء الآخِرة، والعرب تسمِّيها: العَتمة، وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تغلبنَّكم الأعرابُ على اسم صلاتكم العشاء؛ فإنها في كتاب الله العشاء، وإنها تُعتِم بِحِلاب الإبل)) [9] ، والمغرب تسمى العشاء الأولى، وفي الحديث: "فصلاَّها - يعني: العصر - بين العِشاءين"؛ أي: المغرب والعشاء.
يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام
ونهى في آية أخرى سبحانه قائلاً: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً ﴾ [آل عمران: 130]، وسيأتي شرحها بالتفصيل في موضعها إن شاء الله تعالى عند تفسير النداء الخامس عشر، ففي آية البقرة نادى الله - عز وجل - المؤمنين ونهاهم أن يتعاملوا بالربا؛ لِمَا له من عاقبة وخيمة في الدنيا والآخرة، فقال: ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا ﴾. سبب نزول الآية الكريمة:
أنه كان لبني عمرو من ثقيف ديون ربا على بني المغيرة، فلما حلَّ الأجل أرادوا أن يتقاضوا الربا منهم، فنزلت الآية، فقالت ثقيف: لا يد لنا - أي: لا طاقة لنا - بحرب الله ورسوله، وتابوا وأخذوا رؤوس أموالهم فقط [3]. الربا لغةً: الزيادة، قال تعالى: ﴿ فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ﴾ [الحج: 5]؛ أي: زادت. تفسير: (يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول). والربا: الزيادة على رأس المال، لكن خصَّ في الشرع على وجه دون وجه، وباعتبار الزيادة، قال تعالى: ﴿ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [الروم: 39]. ونبه بقوله: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾ [البقرة: 276] أن الزيادة المعقولة المعبَّر عنها بالبركة مرتفعة عن الربا؛ ولذلك قال في مقابلته: ﴿ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ﴾ [الروم: 39] [4].
يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق
قال القرطبي: فالله سمَّاها صلاة العشاء، فأحب النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن تسمى بما سمَّاها الله تعالى به، فكأنه نهيُ إرشادٍ إلى ما هو الأولى، وليس على جهة التحريم، والعَرب كانوا يسمونها العَتَمة؛ وهي الحلبة التي كانوا يحلُبونها في ذلك الوقت، ويشهد لذلك قولُه صلى الله عليه وسلم: ((فإنها تعتم بحِلاب الإبل)). ﴿ طَوَّافُونَ ﴾: جمع طوَّاف بالتشديد؛ وهو الذي يدور على أهل البيت للخدمة، والطَّوَافُ في الأصل: الدَّوران، ومنه الطواف حول الكعبة، ووصف هؤلاء الخدم بالطواف؛ لأنهم يذهبون في خدمة السادة ويرجعون. والمراد في الآية أنهم خدَمُكم، يَدخلون ويَخرجون عليكم للخدمة، فلا حرجَ عليكم ولا عليهم في الدخول بغير استئذان في غير هذه الأوقات.
وشيء آخر وهو خير لكم أن تتصدَّقوا بالتنازل عن ديونكم كلها؛ تطهيرًا لأموالكم التي لامسها الربا، وتزكية لأنفسكم من آثاره السيئة. ثم ذكَّر الله تعالى سائر عباده بيوم القيامة، وما فيه من أهوال ومواقف صعبة؛ حيث يتم الحساب الدقيق، وتُجزَى كل نفس، مؤمنة أو كافرة، بارة أو فاجرة - ما كسبته من خير وشر، وهم لا يظلمون بنقص حسناتهم أو زيادة سيئاتهم، فقال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281]، وهذا التوجيه الذي حملته الآية آخر توجيه تلقته البشرية من ربها تعالى؛ إذ هي آخر ما نزل من السماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم [8]. هداية الآيتين الكريمتين:
1- وجوب التوبة من الربا ومن كل المعاصي. {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا}. 2- المصرُّ على المعاملات الربوية يجب على الحاكم أن يحاربه بالضرب على يده حتى يترك الربا. 3- مَن تاب من الربا لا يُظلم بالأخذ من رأس ماله، بل يعطاه وافيًا كاملاً، إلا أن يتصدق بالتنازل عن ديونه الربوية، فذلك خير له حالاً ومآلاً. 4- وجوب ذكر الآخرة والاستعداد لها بالإيمان والعمل الصالح، وترك الربا والمعاصي [9]. فوائد فقهية من كتاب "تيسير العلام، شرح عمدة الأحكام":
1- يحرم بيع الذهب بالفضة والعكس، وفساده إذا لم يتقابض المتبايعان قبل التفرق من مجلس العقد، وهذه هي المصارفة، ويراد بمجلس العقد مكان التبايع، سواء كانا جالسين، أو ماشيين، أو راكبين، ويراد بالتفرق ما يُعَد تفرقًا عُرفيًّا بين الناس.
ويجدر أن نبدأ في معنى الآية بَدْءًا من قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾ [البقرة: 275]؛ لأنها وما تلاها من الآيات ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمعنى قوله تعالى: ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 278]. فقوله تعالى: ﴿ يَأْكُلُونَ الرِّبَا ﴾؛ يأخذونه ويتصرَّفون فيه بالأكل في بطونهم وبغير الأكل، والربا هنا ربا النسيئة، وحقيقته أن يكون لك على المرء دَين، فإذا حل أجلُه ولم يقدر على تسديده، تقول له: أخِّر وزد، فتؤخره أجلاً وتزيد في رأس المال قدرًا معينًا، هذا هو ربا الجاهلية، والعمل به اليوم في البنوك الربوية، فيُسلِفون المرء مبلغًا إلى أجل، ويزيدون قدرًا آخر نحو العُشْر أو أكثر أو أقل. والربا حرام بالكتاب والسنة والإجماع، وسواء كان ربا فضل [5] أو ربا نسيئة. ﴿ لَا يَقُومُونَ ﴾؛ أي: من قبورهم يوم القيامة. يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام. ﴿ يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ ﴾: يضربه الشيطان ضربًا غير منتظم. ﴿ مِنَ الْمَسِّ ﴾: الجنون. ﴿ مَوْعِظَةٌ ﴾: أمر ونهي بترك الربا. ﴿ فَلَهُ مَا سَلَفَ ﴾: ليس عليه أن يرد الأموال التي سبقت توبته.
جميع الحقوق محفوظة شاهد فور يو - تحميل ومشاهدة اون لاين © 2022
تصميم وبرمجة:
فيلم ذا بوي نكست دور
الجديد!! : ذا بوي ان بلو (فيلم 1986) ودراما · شاهد المزيد »
المراجع
[1] ا_بوي_ان_بلو_(فيلم_1986)
مشاهدة فيلم الرعب ذا بوي 2 Brahms: The Boy II 2020 الصبي 2 الجزء الثاني مترجم اون لاين 1080p BluRay وتحميل مباشر فيلم The Boy 2 2020 مترجم اونلاين: بعد أن تنتقل العائلة إلى قصر هيلشاير دون معرفة بتاريخه المظلم، يقوم ابنهما الصغير بعقد صداقة مع دمية نابضة بالحياة تدعى (برامز)، وعليهم أن يواجهوا الكثير من اﻷهوال. الاسم الانجليزي: Brahms: The Boy II
الاسم العربي: ذا بوي 2
سنة الانتاج: 2020
النوع: اجنبي - للكبار
التقييم 4. 4 من 10 حسب تقييم IMDb
البلد المنتج: امريكا
المدة: 86 دقيقة
جودة العرض: 1080P Bluray
الترجمة: متاحة للعربية
بعد أن تنتقل العائلة إلى قصر هيلشاير دون معرفة بتاريخه المظلم، يقوم ابنهما الصغير بعقد صداقة مع دمية نابضة بالحياة تدعى (برامز)، وعليهم أن يواجهوا الكثير من اﻷهوال.