هذا مع أن فضله -صلى الله عليه وسلم- ثابت على جميع الأنبياء السابقين بلا ريب، وهذا الحديث إنما قاله من تواضعه عليه أفضل الصلاة والسلام.
تواضع النبي صلي الله عليه وسلم في الجنه
ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم: أنه لم يكن له بوَّابٌ يحجبه عن الناس[13]، وكان يرقي المرضى ويدعو لهم، ويمسح رأس الصبي ويدعو له[14]، وكان يشفع لأصحابه، ويقول: « اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء »[15]، وقال لأنس رضي الله عنه: « يا بُنَيَّ » على سبيل الملاطفة والتواضع[16]. ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم: أن رجلًا كان يَقمُّ المسجد أو امرأة سوداء، فماتت أو مات ليلًا، فدفنه الصحابة ، ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم أو فقده، فسأل عنها أو عنه، فقالوا: مات، قال: « أفلا كنتم آذنتموني » فكأنهم صغَّروا أمرها أو أمره، فقال: « دلُّوني على قبرها » فدلوه فصلى عليها ثم قال: « إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله عز وجل ينوِّرها لهم بصلاتي عليهم »[17]. تواضع النبي صلي الله عليه وسلم رمز. وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أفٍّ قط، وما قال لشيء صنعته لم صنعته؟ ولا لشيء تركته لم تركته؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خُلُقًا[18]. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيْمٍ} بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
تواضع النبي صلي الله عليه وسلم رمز
منقول
انظر أيضا:
نماذج مِن تواضع الصَّحابة رضوان الله عليهم. نماذج مِن تواضع السَّلف. نماذج مِن تواضع العلماء المتقدِّمين. نماذج مِن تواضع العلماء المعاصرين.
من هدي حديث نبوي كريم.. من يرد الله به خيرًا يصب منه
عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من يرد الله به خيرًا يصب منه" أخرجه البخاري. نضيق بمصائبنا، وحق لنا أن نضيق بها، فهي الآلام المؤلمات، والضغوط المكبلات، والأحزان والهموم، بل إن الدنيا كلها تكاد أن تكون أحزان متتابعات، لا يصفو منها متاع عن كدر، حتى إذا من الله على عبادة المؤمنين بلجنة والنعيم المقيم كان أول دعائهم: "الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور لذي أحلنا در المقامة من ضه لايمسنا فيها نصب ولايمسنا فيها لغوب". من يرد الله به خيرا يصب من أجل. لكن هذا الضيق وهذا الهم يهون كثيرا على أهل الإيمان، لما يعلمون أن المصائب ابتلاءات واختبارات، وان المؤمن أمره كله خير في السراء الضراء، فإن صبر خير له، وإن شكر خير له. بل إن نظرة عقائدية عميقة لتعلمنا أن المصائب التي نصاب بها في دنيانا خير لنا في العاقبة من المسرات، ولا عجب، أنها تكفر الخطايا وتذيب الآثام، وترفع الدرجات..
فعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة" أخرجه الترمذي
إن جانبا آخر أيضا يمس هذا المعنى أردت التذكير به، وهو ذلك الحال الذي يستشعر به المؤمن من غلبة الشر وانتصار أهل الشرور، مع مصاب أهل الخير وضعفهم وتراجعهم.
من يرد الله به خيرا يصب من أجل
فَقَرَنَ الْإِنْذَارَ بِالْفِقْهِ ؛
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْفِقْهَ مَا وَزَعَ عَنْ مُحَرَّمٍ ، أَوْ دَعَا إلَى
وَاجِبٍ ، وَخَوَّفَ النُّفُوسَ مَوَاقِعَهُ ، الْمَحْظُورَةَ ". شرح حديث: من يرد الله به خيرا يصب منه. انتهى من"الفتاوى الكبرى" (6/ 171) ، وينظر: "مجموع الفتاوى" (20/ 212). وقال النووي رحمه الله:
" فِيهِ فَضِيلَةُ الْعِلْمِ ، وَالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ ، وَالْحَثِّ عَلَيْهِ
؛ وَسَبَبُهُ: أَنَّهُ قَائِدٌ إِلَى تَقْوَى اللَّهُ تَعَالَى ". انتهى من " شرح
النووي على مسلم " (7/ 128). فتحصل من ذلك: أن الفقه في الدين هو: فهم مراد الله
من عباده ، سواء كان مراده تصديقا لخبر ، أو عملا بأمر ، أو انتهاء عن نهي ، وليس
فهم العلم فحسب ؛ بل الفهم الحامل لصاحبه على الامتثال ، ثم الناس يتفاوتون في ذلك
، علما وعملا وحالا ؛ فمن مقل ومستكثر ، وقد جعل الله لكل شيء قدرا.
" كُلُّ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا لَا بُدَّ أَنْ يُفَقِّهَهُ فِي
الدِّينِ ، فَمَنْ لَمْ يُفَقِّهْهُ فِي الدِّين ِ، لَمْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ
خَيْرًا ، وَالدِّينُ: مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ ؛ وَهُوَ مَا يَجِبُ
عَلَى الْمَرْءِ التَّصْدِيقُ بِهِ وَالْعَمَلُ بِهِ ، وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ
يُصَدِّقَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ ،
وَيُطِيعَهُ فِيمَا أَمَرَ ، تَصْدِيقًا عَامًّا ، وَطَاعَةً عَامَّةً ".
لأنها تدخل في كل عضو مني ، وإن الله يعطي كل عضو قسطه من الأجر " ومثل هذا لا يقوله أبو هريرة برأيه. وأخرج الطبراني من طريق محمد بن معاذ عن أبيه عن جده أبي بن كعب أنه قال: يا رسول الله ما جزاء الحمى ؟ قال:: تجري الحسنات على صاحبها ما اختلج عليه قدم أو ضرب عليه عرق الحديث ، والأولى حمل الإثبات والنفي على حالين: فمن كانت له ذنوب مثلا أفاد المرض تمحيصها ، ومن لم تكن له ذنوب كتب له بمقدار ذلك. من يرد الله به خيرا يصب منه. ولما كان الأغلب من بني آدم وجود الخطايا فيهم أطلق من أطلق أن المرض كفارة فقط ، وعلى ذلك تحمل الأحاديث المطلقة ، ومن أثبت الأجر به فهو محمول على تحصيل ثواب يعادل الخطيئة ، فإذا لم تكن خطيئة توفر لصاحب المرض الثواب ، والله أعلم بالصواب. وقد استبعد ابن عبد [ ص: 115] السلام في " القواعد " حصول الأجر على نفس المصيبة ، وحصر حصول الأجر بسببها في الصبر ، وتعقب بما رواه أحمد بسند جيد عن جابر قال: استأذنت الحمى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر بها إلى أهل قباء ، فشكوا إليه ذلك فقال: ما شئتم ، إن شئتم دعوت الله لكم فكشفها عنكم ، وإن شئتم أن تكون لكم طهورا. قالوا: فدعها ووجه الدلالة منه أنه لم يؤاخذهم بشكواهم ، ووعدهم بأنها طهور لهم.