[١١]
حديث عن تقدير عاطفة الأمومة
وردت العديد من الأحاديث عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- التي تُبيّن تقدير عاطفة الأمومة، ومن هذه الأحاديث ما يأتي:
ورد عن عبد الله بن عمرو -رضيَ الله عنه- أنه قال: (أنَّ امرأةً قالَت يا رسولَ اللَّهِ إنَّ ابني هذا كانَ بطني لَه وعاءً وثَديي لَه سِقاءً وحجري لَه حِواءً وإنَّ أباهُ طلَّقني وأرادَ أن ينتزِعَه منِّي فقالَ لَها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أنتِ أحقُّ بِه ما لم تَنكِحي). احاديث عن الازد ومدى صحتها. [١٢] [١٣]
ورد عن أبي أيوب الأنصاري -رضيَ الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (من فرَّق بين والدةٍ و ولدِها فرَّق اللهُ بينه و بين أَحِبَّتِه يومَ القيامةِ). [١٤]
ثبت عن أنس بن مالك -رضيَ الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنِّي لَأَدْخُلُ في الصَّلَاةِ، فَأُرِيدُ إطَالَتَهَا، فأسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فأتَجَوَّزُ ممَّا أَعْلَمُ مِن شِدَّةِ وجْدِ أُمِّهِ مِن بُكَائِهِ). [١٥]
ثبت عن عبد الله بن مسعود -رضيَ الله عنه- أنه قال: (كنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في سفرٍ فانطلق لحاجته فرأينا حمَّرةً معها فرخان فأخذْنا فرخَيها فجاءت الحُمَّرةُ فجعلت تفرشُ فجاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال من فجع هذه بولدِها ؟ رُدُّوا ولدَها إليها).
احاديث عن الازد ومدى صحتها
13- هذا الحديث حُجة على اتفاق العلماء أنَّ العاملين عليها هم السُّعاة المتولون لقبْض الصدقة، وأنهم لا يستحقون على قبْضها جزءًا منها معلومًا سبعًا أو ثمنًا، وإنما للعامل بقدْر عمالته على حسب اجتهاد الإمام [12]. 14- فيه أنَّ ما أُهْدِي إلى العامل وخِدمة السلطان بسبب سلطانهم، أنه لِبَيت مال المسلمين. 16- يُستفاد من الحديث عدمُ جواز اختصاص العامل بشيء مما يُهدى إليه، وأمَّا عدم جواز قبوله للهديَّة، فمأخوذ من أدلة أخرى غير هذا الحديث، وقد قدَّمنا حديث: ((مَنِ استعملناه على عمل، فرَزَقناه رزقًا، فما أخَذ بعد ذلك، فهو غُلول))، ولا سيَّما إذا كان المقصود بها الرِّشوة له والتوصُّل بها إلى مسامحتهم في بعض ما يجب عليهم [13]. 16- دلَّ الحديث على عدم الاعتبار بظاهر تلك الحال، رعيًا لباطن القصْد، وهو العطاء لأجْل الولاية [14]. 17- فيه تحذير أنَّ مُحاباة الولاة في المعاملة من نوع الهدية [15].
ما ورد من تحديث النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض فضائله ومناقبه لا يتعارض مع نهيه صلى الله عليه وسلم عن التفاخر بالأحساب. ذلك أن حديثه عن بعض فضائله جاء أحيانا أثناء الحرب التي تقتضي إظهار العزة والأنفة ، وفي غير الحرب يحمل ذكره صلى الله عليه وسلم لمناقبه على أنها من التحدث بنعمة الله عليه، أي أنه يحمد الله أن فضله وأنعم عليه لا أنه يستطيل بذلك، فضلا عن أنه صلى الله عليه وسلم كان مأمورا ببيان فضله لأمته لأنها جزء من الدين. وقد سئل الدكتور عمر بن عبد الله المقبل:
إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يفتخر بالأنساب، ويستدل على ذلك بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وبقول النبي أيضا في معركة حنين: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب. فأجاب: اعلم – بارك الله فيك – أنه لا يمكن أن يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء ويكون متعارضاً ومتناقضاً، فيبقى دور طالب العلم هو في التوفيق بين ما صح عنه -صلى الله عليه وسلم- بأحد الأوجه المعروفة عند أهل العلم في التوفيق بين النصوص التي ظاهرها التعارض، وحينما أقول: صح، فهذا يعني أننا يجب أن نتأكد من صحة ما يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ ليس كل ما يروى عنه صحيحاً – كما هو معلوم-.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:
فقد روى الترمذي رحمه الله عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كانتِ الآخرةُ هَمَّهُ جعلَ اللَّهُ غناهُ في قلبِهِ وجمعَ لَه شملَهُ وأتتهُ الدُّنيا وَهيَ راغمةٌ ، ومن كانتِ الدُّنيا همَّهُ جعلَ اللَّهُ فقرَهُ بينَ عينيهِ وفرَّقَ عليهِ شملَهُ ، ولم يأتِهِ منَ الدُّنيا إلَّا ما قُدِّرَ لَهُ ". ففي هذا الحديث يرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى جعل الآخرة أكبر الهم بحيث لا يطغى حب الدنيا والانشغال بها على القلوب فتكون الدنيا هي أكبر الهم. فمن كانت الآخرة همه: أي أهم ما يشغله، وكانت هي قصده في عمله وحياته، وليس المقصود أنه يترك أمر الدنيا بالكلية؛ لأنه لابد له من الاشتغال بأمور الدنيا من سعي في طلب الرزق وقيام بأمر نفسه وزوجه وأولاده وغير ذلك من أمور الدنيا.. لكنه في غالب أموره يشتغل بالآخرة، بل في أمور الدنيا يجاهد نفسه على نية ونوايا صالحة يفوز منها بأجور عظيمة فيكون غالب همه الآخرة. وقد كان من دعاء النبي: " ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا ". فمن كانت الآخرة همه ونيته جعل الله غناه في قلبه ، وأعظم ذلك ياعباد الله أن يرزقه القناعة فيكفيه هم الدنيا ولو بالقليل ويجعله قانعا مكتفيا، ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم قنعني بما رزقتني ".
من أصبح وهمه الدنيا سكر
وقد روينا في خبر عن أهل البيت: إذا أحبّ الله تعالى عبدا ابتلاه. فإذا أحبه الحبّ البالغ اقتناه. قيل: وما اقتناؤه ؟ قال لم يترك له أهلا ولا مالا. وفي أخبار أهل الكتب: أوحى الله تعالى إلى بعض أوليائه: احذر إذا مقتك فتسقط من عيني فأصبّ عليك الدنيا صبّا ويقال: ليس عمل من أعمال البر يجمع الطاعات كلها إلا الزهد في الدنيا. وعن بعض الصحابة رضي الله عنهم: تابعنا الأعمال كلَّها فلم نر أبلغ في أمر الآخرة من زهد في الدنيا وقال بعض الصحابة لصدر التابعين: أنتم أكثر أعمالا واجتهادا من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وهم كانوا خيرا منكم. قيل ولم ذلك ؟ قال كانوا أزهد منكم في الدنيا. وفي وصية لقمان لابنه: واعلم أن أعون الأشياء على الدين زهادة في الدنيا. ويقال: من زهد في الدنيا أربعين يوما أجرى الله تعالى ينابيع الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه. وفي خبر آخر: إذا رأيتم العبد قد أعطى صمتا وزهدا في الدنيا فاقتربوا منه فإنه يلقي الحكمة. وقد قال الله تعالى: * ( من يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) * [ البقرة: 269]. وروينا في الآثار جمل هذه الأخبار: من أصبح وهمه الدنيا شتّت الله تعالى عليه أمره وفرق عليه ضيعته وجعل فقره بين عينيه ولم ينل من الدنيا إلا ما كتب له ومن أصبح وهمه الآخرة جمع الله همه وحفظ عليه ضيعته وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة.
من أصبح وهمه الدنيا سكر 1
نجمة برونزية
هل يصبح المؤمن وهمه الدنيا ، أم يصبح وهمه الآخرة فعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال: من أصبح وهمه الدنيا.. شتت اللّه أمره.. وفرق عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته إلا ما كتب له.. ومن أصبح وهمه الآخرة.. جمع اللّه له همه ، وحفظ عليه ضيعته ، وجعل غناه في قلبه.. واتته الدنيا وهي راغمة.. البصائر [ أخرجه ابن ماجه من حديث زيد بن ثابت بسند جيد والترمذي من حديث أنس]
للحصول على تفسير لحلمك.. حمل تطبيقنا لتفسير الاحلام:
اجهزة الاندرويد: تفسير الاحلام من هنا
اجهزة الايفون: تفسير الاحلام من هنا
قال السندي: فَالْحَاصِل أَنَّ مَا كُتِبَ لِلْعَبْدِ مِنْ الرِّزْق يَأْتِيه لَا مَحَالَة إِلَّا أَنَّهُ مَنْ طَلَبَ الْآخِرَة يَأْتِيه بِلَا تَعَب وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا يَأْتِيه بِتَعَبٍ وَشِدَّة فَطَالِب الْآخِرَة قَدْ جَمَعَ بَيْن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَإِنَّ الْمَطْلُوب مَنْ جَمَعَ الْمَال الرَّاحَة فِي الدُّنْيَا وَقَدْ حَصَلَتْ لِطَالِبِ الْآخِرَة وَطَالِب الدُّنْيَا قَدْ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لِأَنَّهُ فِي الدُّنْيَا فِي التَّعَب الشَّدِيد فِي طَلَبهَا فَأَيْ فَائِدَة لَهُ فِي الْمَال إِذَا فَاتَتْ الرَّاحَة اهـ. قال ابن القيم في إغاثة اللهفان:.. تعذيب طلاب الدنيا ومحبيها ومؤثريها على الآخرة: بالحرص على تحصيلها والتعب العظيم في جمعها ومقاساة أنواع المشاق في ذلك فلا تجد أتعب ممن الدنيا أكبر همه وهو حريص بجهده على تحصيلها والعذاب هنا هو الألم والمشقة والنصب اهـ.