تعددت أساليب الوأد واختلفت باختلاف سن الموءودة. قال أبو الرب إذا كانت صغيرة دفنت في التراب حية، وإن كانت كبيرة ألقيت من شاهق، فتمزق جسدها، أو ألقيت في بئر فتموت غرقاً. وفي بعض الأحيان، تترك البنت حتى تبلغ من العمر ست سنوات فيقوم الأب بدفنها. وذكر الباحث أن الأم كانت تحاول دائماً ثني زوجها عن وأد بناتها، وقد تتوصل معه إلى اتفاق يقضي بوأد نصف ما تلد من البنات فقط، وإحياء النصف الآخر. ولم تكن الأم تُسلّم بوأد ابنتها إلا تحت التهديد من زوجها بهجرها أو طلاقها، فكان الرجل يطلب من زوجته وأد البنت التي ولدتها، ويقول لها: "أنتِ علي كظهر أمي إن رجعت إليك ولم تئديها". ترسل إلى نسائها يجتمعن عندها ثم يتداولنها، حتى إذا أبصرته راجعاً دستها في حفرتها ثم سوّت عليها التراب. وأد البنات في العصر الجاهلي. لم يقتصر وأد البنات على العرب الوثنيين فقط، إذ قام بها بعض المتنصرين أحياناً. قال حبيب الزيات في كتابه "المرأة في الجاهلية"، إنه نقل عن عدي بن ربيعة المعروف بالمهلهل زير النساء، أنه لما وُلدت له ابنته ليلى أمر بدفنها، ثم غيّر رأيه فاستحياها (تركها حيّة). وذكر الزيات أنه بسبب تأصّل هذه العادة في نفوس العرب قديماً، كان الوالد إذا أدركته الشفقة على ابنته وأحب استحياءها، يخفيها عن الناس لئلا يفطن إليها أحد.
وأد البنات في العصر الجاهلي
ولم تكن تفعل ذلك خشية الفقر أو العار كما يزعم أصحاب المذهبين السابقين، بل كانت تفعله بدافع ديني بحت. وذلك أنهم كانوا يعتقدون أن البنات رجس من خلق الشيطان أو من خلق إله غير آلهتهم؛ وأن مخلوقا هذا شأنه ينبغي التخلص منه.
المصدر
– سُنن الدارمي، باب فرض الوضوء والصلاة، حديث رقم 2.
جنة وحريرا أي أدخلهم الجنة وألبسهم الحرير. أي يسمى بحرير الدنيا وكذلك الذي في الآخرة [ وفيه] ما شاء الله - عز وجل - من الفضل. وقد تقدم: أن من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ، وإنما ألبسه من ألبسه في الجنة عوضا عن حبسهم أنفسهم في الدنيا عن الملابس التي حرم الله فيها. وقفة مع قوله تعالى: (وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً). ﴿ تفسير الطبري ﴾
يقول تعالى ذكره: وأثابهم الله بما صبروا في الدنيا على طاعته، والعمل بما يرضيه عنهم جنة وحريرا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) يقول: وجزاهم بما صبروا على طاعة الله، وصبروا عن معصيته ومحارمه، جنة وحريرا.
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الإنسان - قوله تعالى وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا - الجزء رقم19
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (١٢) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا (١٣) ﴾. يقول تعالى ذكره: وأثابهم الله بما صبروا في الدنيا على طاعته، والعمل بما يرضيه عنهم جنة وحريرا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ يقول: وجزاهم بما صبروا على طاعة الله، وصبروا عن معصيته ومحارمه، جنة وحريرا. سورة الإنسان - تفسير السعدي - طريق الإسلام. * * *
وقوله: ﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ﴾
يقول: متكئين في الجنة على السُّرر في الحجال، وهي الأرائك واحدتها أريكة. وقد بيَّنا ذلك بشواهده، وما فيه من أقوال أهل التأويل فيما مضى بما أغنى عن إعادته، غير أنا نذكر في هذا الموضع من الرواية بعض ما لم نذكره إن شاء الله تعالى قبل. ⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ﴾ يعني: الحِجال. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ﴾ كنا نُحدَّث أنها الحجال فيها الأسرّة.
وقفة مع قوله تعالى: (وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً)
وهكذا تصبر على مجتمعك، فربما إذا كنت ملتزماً يسخر منك الكثير، ويعرضون بك في الكاريكاتيرات، ويعرضون بك في الأفلام والمسلسلات، ويسخرون من الذين آمنوا، ويقولون: أتعرف صاحب اللحية هذا؟ إنه يأخذ بدلاً مادياً بطول اللحية، ثلاثة آلاف جنيه شهرياً للحية، وخمسة آلاف جنيه لتقصير الثياب، وألف جنيه للسواك. فهؤلاء يا عبد الله لا يتورعون في أن يتمضمضوا بأعراض الموحدين ليل نهار، وكلما نزلت إلى الصلاة سخروا منك، قال عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُوا فَكِهِينَ [المطففين:29-31]. يقول ربنا: وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً [الإنسان:12]. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الإنسان - قوله تعالى وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا - الجزء رقم19. والذي علمنا الصبر في مجال الطاعات والبعد عن المعاصي، والصبر على أقدار الله المؤلمة هو سيد البشر عليه الصلاة والسلام، أرسلت إليه ابنته تقول له: (يا أبت! إن ابني يحتضر الآن، فأريد أن تأتي، فأرسل إليها مع الرسول يقول لها: مرها أن تصبر وأن تحتسب، فحلفت أن يأتي، فجاءها وأخذ الولد على صدره وروحه تقعقع، فسكب الدموع حزناً عليه، فقال له أحد الصحابة: ما هذا يا رسول الله؟!
سورة الإنسان - تفسير السعدي - طريق الإسلام
صحيفة تواصل الالكترونية
وجزاهم جنة والجنة للأكل وجزاهم الحرير وهو للبس وهم أطعموا الطعام فقط لوجه الله فجزاهم الله تعالى أكثر مما فعلوا مصداقاً لقوله تعالى (من جاء بالحسنة فله خير منها) وفي هذه الآية زاد الحرير على الجنة وهذا يدل على كرم الله تعالى.
﴿وَجَزاهُم بِما صَبَروا جَنَّةً وَحَريرًا﴾، القارئ سالم الرويلي. اللهم أسألك نعيم الجنة. - YouTube