لا أعرف إن كانوا أحياءً أو أمواتًا. أشعر أن حظي سيئء طوال حياتي. سواء في السودان أو هنا. تخيلت أن حياتي ستكون هنا أفضل، ولكن الحياة لا تبتسم لي». إجلال من اليمن
لو تركت منزلك اليوم بلا رجعة… ماذا ستحزم في حقيبتك؟ سؤال لن تتمكن إجلال اليمنية من الرد عليه لأنها عندما تركت منزلها في العام 2014 لم تكن تدري أنها ستكون المرة الأخيرة. «تركت منزلي لاستكمال دراستي في الخارج. كنت أسافر وأرجع كل 3 شهور. ولكن تلك المرة اندلعت الحرب بمجرد أن سافرت». تذكر إجلال حياتها في مدينة إب التي يطلق عليها «اللواء الأخضر» لطبيعتها الخضراء وانتشار الأنهار والشلالات. المرأة هي القدوة الحقيقية في ميدان الحياة – YPJ. قد تكون أثمن ذكرياتها في بيتها هيو ذكرى زفافها وزوجها الذي تعرفت عليه في الطفولة. الآن إجلال أم لطفلتين في السادسة والثالثة، ولكنها تفضل عدم ذكر اليمن لبناتها في هذه السن الصغيرة. تقول إجلال «يطرحون الكثير من الأسئلة التي لن أتمكن من الإجابة عنها، أبسطها: ماذا يوجد في اليمن؟ ولن أستطيع إخبارهما أنه لا يوجد هناك الآن سوى النزاعات»، بعد اليمن، تنقلت إجلال أكثر من مرة من بيت لآخر، ولهذا السبب قررت أن تُعلم بناتها عدم التعلق بمكان، فالبيت بالنسبة إليهن هو وجود الأب والأم حولهما.
جريدة الرياض | المرأة في حياتنا
اشترك لتصلك أهم الأخبار
هذه العبارة التي أرعبت ومازالت تُرعب أعداء الحياة والإنسانية، فأينما وُجدت المرأة الحرة الواعية وُجدت الحياة الحرة الكريمة، وهذا ما لا يروق لأصحاب الفكر الظلامى والاستبدادى والديكتاتورى والتكفيرى. لأنهم يعلمون تمامًا أن وجودهم مرهون بالقضاء على هذا النموذج من النساء. جريدة الرياض | المرأة في حياتنا. لذلك لم يدخروا جهدًا إلا وسخَّروه لإنتاج واستحداث نظريات ورؤى، بدءًا من الميثولوجيا والدين والفلسفة ومرورًا بالعلم، محاولين ترويج وشرعنة أنماط ونماذج للمرأة بما يتوافق وفق معاييرهم ورؤاهم، وبما يضمن بقاءهم واستمراريتهم. وبالتالى فقد ظلت هذه المؤامرات والاستراتيجيات والسياسات تحاك تجاه المرأة لخلق نموذج المرأة المستعبدة التي تعيش غربة عن ذاتها وحقيقتها وجوهرها، في الوقت الذي ظلت فيه فطرتها الإنسانية- ككائن- تجابه وتقاوم، بل ولم تتردد لحظة في مناهضة ذلك الفكر الظلامى للعيش وفق طبيعتها الحرة. لذا، نجد أن أصحاب هذا الفكر، ومنذ فجر التاريخ وإلى يومنا هذا، يستهدفون نموذج المرأة الواعية الحرة بكل ما يملكون من إمكانيات، وأن مسعاهم هذا مازال يسير على قدم وساق، وما نشاهده اليوم من جرائم وانتهاكات متكررة لأردوغان وأزلامه بحق المرأة هو استمرارية لذلك الفكر الظلامى المنتشر في المنطقة بشكل عام.
المرأة هي القدوة الحقيقية في ميدان الحياة – Ypj
من أجل ذلك سارع، وبتوجيه من حكامه، بالعمل محاولًا وأد هذا النموذج، ولكنه هذه المرة ارتكب خطأ كما الذين سبقوه، فبدلًا من وأد هذا النموذج والقضاء عليه، عمل على زيادة رصيدهم الإجرامى بفعلتهم النكرة هذه، مما زاد حالة السخط والاستنكار الشعبى إقليميًا ودوليًا. فعندما أعدموا ليلى واغتالوا هفرين وزهرة وساكينة وهند وسعدة حمل أسماءهن العشرات من الفتيات اللواتى سلكن دربهن. وهذا ما قالته والدة الشهيدة دينيز وهى تواجه آلة قمع حكومة العدالة والتنمية لتسلم جثة ابنتها: «مخطئون بقتلكم دينيز. إذ سيكون من بعدها آلاف ممن سيحملون اسمها، ومسيرتها ستستمر، دينيز لم تكن ابنتى فقط، بل هي ابنة شعبها». هذه المرأة على عكس النساء الثكالى اللواتى يكتفين بالبكاء على فلذات أكبادهن. فهذه المرأة الحديدية وبكل ما تمتلك من إيمان وإرادة وثقة بالقضية التي ناضلت واستشهدت ابنتها من أجلها، واجهت آلة القمع والظلم مرفوعة الرأس مفتخرة باستشهادها ومؤكدة بالاستمرار على نهجها، فدينيز فارقتهم جسدًا لكنها باقية بفكرها، وهذا الفكر سيزدهر وسينتشر وسيتوسع بين مختلف أطياف وشرائح المجتمع، وكلها ثقة برفيقات دينيز بالثأر لها من أعدائها وأعداء الإنسانية، وبناء الحياة الحرة.
وايضا في مجال الثقافة والفن شاركت المرأة في ميدان الثقافة وعبرت عن أحاسيسها الإنسانية وعن عواطفها وانفعالاتها الخاصة بها التي تجعل الطبيعة تشاركها آلامها وافراحها. هكذا نرى بأن صوت المرأة قد برز بعد قمع طويل… حيث شاركت ولعبت المرأة دور الطليعة في جميع المجالات الاجتماعية. فدور المرأة في أي مجتمع دور أساسي في نمو المجتمعات ونهضتها، لكونها الأم التي تمتلك سلاح التأثير في البناء، وهي التي تحمل جميع مسؤوليات الحياة على عاتقها. منذ اندلاع الثورة السورية التي بدأت شرارتها في روجافا، شاركت المرأة في خطو جميع الخطوات التاريخية لهذه الثورة. حيث قاومت بدون أي تردد، تعالت أصواتها التي هزت العالم حين قامت بتلبية واجب الدفاع عن كرامتها وأرضها مهما كلفت المصاعب والمصائب. وها هو يستمر نضال المرأة هذا في عامها التاسع من الثورة. في غضون هذه السنين قدمت المرأة نظاماً بديلاً لجميع الشعوب وأثبتت بأن المرأة بإمكانها أن تحقق النصر بقدر ما تُنَظم نفسها ومن حولها. في عام 2019 أيضاً انضمّتْ المرأة بشكل فعّال إلى كلّ ميادين الحياة والنضال. خاصة في الأشهر الأخيرة من العام تصدت ببسالة كبيرة شتى هجمات الاحتلال التركي الفاشي الذي تخطى كل حدود الاخلاق والوجدان.