وعند هؤلاء ما فعل العفريت فليس من المعجزات ولا من الكرامات ، فإن الجن يقدرون على مثل هذا. ولا يقطع جوهر في حال واحدة مكانين ، بل يتصور ذلك بأن يعدم الله الجوهر في أقصى الشرق ثم يعيده في الحالة الثانية ، وهي الحالة التي بعد العدم في أقصى الغرب. أو يعدم الأماكن المتوسطة ثم يعيدها. قال القشيري: ورواه وهب عن مالك. وقد قيل: بل جيء به في الهواء; قاله مجاهد. وكان بين سليمان والعرش كما بين الكوفة والحيرة. وقال مالك: كانت باليمن وسليمان عليه السلام بالشام. وفي التفاسير انخرق بعرش بلقيس مكانه الذي هو فيه ثم نبع بين يدي سليمان; قال عبد الله بن شداد: وظهر العرش من نفق تحت الأرض; فالله أعلم أي ذلك كان. قوله تعالى: فلما رآه مستقرا عنده أي ثابتا عنده. قال هذا من فضل ربي أي هذا النصر والتمكين من فضل ربي. ليبلوني قال الأخفش: المعنى لينظر أأشكر أم أكفر وقال غيره: معنى ليبلوني ليتعبدني; وهو مجاز. قال الذي عنده علم من الكتاب الشعراوي. والأصل في الابتلاء: الاختبار ، أي ليختبرني أأشكر نعمته أم أكفرها ومن شكر فإنما يشكر لنفسه أي لا يرجع نفع ذلك إلا إلى نفسه ، حيث استوجب بشكره تمام النعمة ودوامها والمزيد منها. والشكر قيد النعمة الموجودة ، وبه تنال النعمة المفقودة.
- قال الذي عنده علم من الكتاب
قال الذي عنده علم من الكتاب
وهذه تكلّمنا عنها في قصة " الإسراء والمعراج " فقد أُسْرِي برسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه السرعة؛ لأن الله تعالى أَسْرى به، ونقله من مكان إلى مكان؛ لذلك جاءت الرحلة في سرعة فوق تصوُّر البشر. قال الذي عنده علم من الكتاب من هو. وما دام الزمن يتناسب مع القوة، فلا تنسب الحدث إلى رسول الله، إنما إلى الله، إلى قوة القوى التي لا تحتاج إلى زمن أصلاً، فإنْ قلتَ: فلماذا استغرقتْ الرحلة ليلةَ وأخذت وقتاً؟ نقول: لأنه صلى الله عليه وسلم مرَّ بأشياء، ورأى أشياء، وقال، وسأل، وسمع، فهو الذي شغل هذا الوقت، أمّا الإسراء نفسه فلا زمنَ له. لذلك قبل أن يخبرنا الحق ـ تبارك وتعالى ـ بهذه الحادثة العجيبة قال:
{ سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ}
[الإسراء: 1] أي: نزِّهه عن مشابهة غيره، كذلك مسألة نَقْل العرش في طرْفة عين لا بُدَّ أن مَنْ فعلها فعلها بعون من الله وبعلم أطلعه الله عليه، فنقله بكُنْ التي لا تحتاج وقتاً ولا قوة، وما دام الأمر بإرادة الله وقوته وإلهامه فلا نقول إلا: آمين. وفي قوله للجن: { أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} [النمل: 40] تحدٍّ لعفريت الجن، حتى لا يظن أنه أقوى من الإنسان، فإنْ أراد الله منحني من القوة ما أتفوّق عليك به، بل وأُسخِّرك بها لخدمتي.
20548-... قال: حدثنا شعبة, عن منصور بن زاذان, عن الحسن, مثله. 20549- قال: حدثنا علي يعني ابن الجعد قال: حدثنا شعبة, عن منصور بن زاذان, عن الحسن: " وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" قال: الله قال شعبة: فذكرت ذلك للحكم, فقال: قال مجاهد, مثله. قال الذي عنده علم من الكتاب. (11) 20550- حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت منصور بن زاذان يحدث عن الحسن, أنه قال في هذه الآية: " وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" ، قال: من عند الله. 20551-... قال: حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا هوذة قال: حدثنا عوف, عن الحسن: " وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" ، قال: مِنْ عند الله عُلِم الكتاب. 20552- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الحسن: " وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" قال: من عند الله عِلْمُ الكِتَابِ (12) هكذا قال ابن عبد الأعلى. 20553- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة قال: كان الحسن يقرؤها: " قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" ، يقول: مِنْ عِنْد الله عُلِمَ الكتابُ وجملته قال أبو جعفر: هكذا حدثنا به بشر: " عُلِمَ الكتابُ" وأنا أحسِبَه وَهِم فيه, وأنه: " وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" ، (13) لأن قوله " وجملته " ، اسم لا يُعْطف باسم على فعل ماضٍ.