الحمد لله. قال الله تعالى في قصة سليمان عليه السلام مع ملكة سبأ: ( قَالَ يَا أَيُّهَا
الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ *
قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ
مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ
مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ
فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي
لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ
لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) النمل/38- 40. وكان "الذي عنده علم من الكتاب ، فيما قيل ، ": رجلا من صالحي الإنس وعلمائهم ،
وليس من الجن ، وكان يعلم اسم الله الأعظم ، والمشهور أن اسمه " آصف بن برخيا ". قال الله تعالى : { قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتَبِ أنَا آتِيكَ بِهِ قبَلَ أن يَرْتَدَّ إليكَ طَرْفُكَ}فمن الذي كان عنده علم الكتاب واحضر العرش؟ | فصل الخطاب في تبيان آيات الكتاب. انظر جواب السؤال رقم: ( 212677). والذي عليه جمهور المفسرين أن هذا الرجل الصالح دعا الله عز وجل باسمه الأعظم
فاستجاب له. قال القرطبي رحمه الله:
" أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ
آصَفُ بْنُ بَرْخِيَا، وَهُوَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَكَانَ صِدِّيقًا
يَحْفَظُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمِ ، الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ، وَإِذَا
دُعِيَ بِهِ أَجَابَ ".
- قال الله تعالى : { قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتَبِ أنَا آتِيكَ بِهِ قبَلَ أن يَرْتَدَّ إليكَ طَرْفُكَ}فمن الذي كان عنده علم الكتاب واحضر العرش؟ | فصل الخطاب في تبيان آيات الكتاب
قال الله تعالى : { قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتَبِ أنَا آتِيكَ بِهِ قبَلَ أن يَرْتَدَّ إليكَ طَرْفُكَ}فمن الذي كان عنده علم الكتاب واحضر العرش؟ | فصل الخطاب في تبيان آيات الكتاب
ومن ذلك قوله سبحانه عن تسخير الجن:
{ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَٱلْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ}
[سبأ: 13]. وليعلموا أنهم جهلاء، ظلُّوا يعملون لسليمان وهو ميت ومُتكىء على عصاه أمامهم، وهم مرعوبون خائفون منه.
وهو أمر يشاهد أحيانا على أيدي بعض المتصلين ، ولم يكشف سره ولا تعليله، لأنه خارج عن مألوف البشر في حياتهم العادية. وهذا أقصى ما يقال في الدائرة المأمونة التي لا تخرج الى عالم الأساطير والخرافات. ولقد جرى بعض المفسرين وراء قوله: ( عنده علم من الكتاب) فقال بعضهم: انه التوراة. وقال بعضهم: انه كان يعرف اسم الله الأعظم. وقال بعضهم غير هذا وذاك. وليس فيما قيل تفسير و لا تعليل مستيقن. والأمر أيسر من هذا كله حين ننظر إليه بمنظار الواقع ، فكم في هذا الكون من أسرار لا نعلمها ، وكم فيه من قوى لا نستخدمها. وكم في النفس البشرية من أسرار كذلك وقوى لا نهتدي إليها. فحيثما أراد الله هدى من يريد الى أحد هذه الأسرارو الى واحده من هذه القوى فجاءت الخارقة التي لا تقع في مألوف الحياة ، وجرت بأذن الله وتدبيره وتسخيره ، حيث لا يملك من لم يرد الله أن يجريها على يديه أن يجريها. و هذا الذي عنده علم من الكتاب ، كانت نفسه مهيأة بسبب ما عنده من العلم ، أن تتصل ببعض الأسرار و القوى الكونية التي تتم بها تلك الخارقة التي تمت على يده ، لان ما عنده من علم الكتاب وصل قلبه بربه على نحو يهيئه للتلقي ، ولاستخدام ما وهبه الله من قوى وأسرار.