لقد جاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالنور الذي أضاء العالم، وأعطى للبشرية مثالا راقياً في التربية والقيادة بمنهج الحب، بين المُرَبِي والمُرَبَّى، والقائد والجندي، والصاحب وصاحبه، والمتأمل في سيرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ يرى ذلك واضحا جليا، وقد فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك مع بعض أصحابه ـ ومنهم معاذ ـ رضي الله عنه ـ ليعطينا القدوة في ذلك.
يا معاذ والله إني لأحبك
قلت: وهو كما قال، والصنابحي اسمه عبد الرحمن بن عُسَيْلَة. الثاني: يرويه ضمضم بن زرعة الحمصي عن شريح بن عبيد عن معاذ قال: فذكر نحوه. أخرجه الطبراني في (( الكبير)) (20/ 812)، وفي (( الشاميين)) (1650) عن عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الحمصي ثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ثنا أبي عن ضمضم به. وأخرجه في (( الكبير)) أيضا عن إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي ثنا عبد الوهاب بن الضحاك ثنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم به. يا معاذ والله إني لأحبك. وكلا الإسنادين ضعيف، محمد بن إسماعيل بن عياش: قال أبو حاتم: لم يسمع من أبيه شيئا حملوه على أن يحدث فحدث، وقال أبو داود: لم يكن بذاك، وسألت عمرو بن عثمان عنه فذمه. وإبراهيم بن محمد الحمصي: قال الذهبي في (( الميزان)): شيخ للطبراني غير معتمد. وعبد الوهاب بن الضحاك متهم بوضع الحديث. قلت: وفي الباب عن ابن مسعود وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم وابن المنكدر مرسلا غير مقيد بدبر الصلاة. ومشكوراً انظر: (( مجموع الفتاوى)) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (22/ 500، 501)، و(( زاد المعاد)) لابن القيم (1/ 305)، والله أعلم.
أبو بكر، وعمر، وأم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنهم ـ: سأل عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (أي الناس أحب إليك؟، قال: عائشة، قلتُ: فمِنَ الرجال؟، قال: أبوها، قلت: ثم مَنْ؟، قال: ثم عمر بن الخطاب، فعدَّ رجالا) رواه البخاري. الحسن والحسين ـ رضي الله عنهما ـ: عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال في الحسن: (اللهم! إني أحبُّه، فأحبَّه وأحبِبْ من يُحبُّه) رواه البخاري، وقال في الحسن والحسين: (اللهم إني أُحبهما، فَأَحِبَّهُمَا، وأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُمَا) رواه الترمذي. زيد بن حارثة ، وابنه أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ: عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَال عن زيد بن حارثة وابنه أسامة: (إِنْ كانَ مِنْ أَحَبِّ الناسِ إلَيَّ (يعني: زيداً)، وإِن هذا (يعني: أسامة) لمِنْ أَحَبِّ النَّاس إِلَيَّ بعده) رواه البخاري. ليست هذه جميع الأمثلة الواردة في هذا الباب، بل هناك الكثير من الأحاديث التي تتضمن معاني المودة والمحبة من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمعاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ أو لغيره من صحابته الكرام ـ رضوان الله عليهم ـ، فقد كان ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ يحبهم جميعا، وإنما خص بعضهم بألفاظ المحبة، أو أخبرهم بها لمزيد عناية بهم، ولِما لهم من المكانة الخاصة.