اهـ. ومما يحسن ذكره هنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: الفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل, والفدادين أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم. وفي رواية: والسكينة والوقار في أهل الغنم. متفق عليه. قال القاري في مرقاة المفاتيح: قال القاضي: تخصيص الخيلاء بأصحاب الإبل، والوقار بأهل الغنم يدل على أن مخالطة الحيوان تؤثر في النفس, وتعدي إليها هيئات وأخلاقًا تناسب طباعها وتلائم أحوالها، قلت: ولهذا قيل الصحبة تؤثر في النفس، ولعل هذا أيضًا وجه الحكمة في أن كل نبي رعى الغنم. حديث الرسول عن الغنم عبء على الانسان. اهـ. والله أعلم.
- حديث الرسول عن الغنم تاكل صوف بعض
- قصة داود عليه السلام
- داود عليه السلام اردو
حديث الرسول عن الغنم تاكل صوف بعض
وقد أشار غير واحد من أهل العلم إلى حكمة ذلك: قال ابن بطال في شرح البخاري: معنى قوله عليه السلام: "ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم" - والله أعلم - أن ذلك توطئة وتقدمةً في تعريفه سياسة العباد، واعتبارًا بأحوال رعاة الغنم، وما يجب على راعيها من اختيار الكلأ لها، وإيرادها أفضل مواردها، واختيار المسرح والمراح لها، وجبر كسيرها، والرفق بضعيفها، ومعرفة أعيانها وحسن تعهدها، فإذا وقف على هذه الأمور كانت مثالاً لرعاية العباد، وهذه حكمة بالغة. اهـ. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على الإخنائي: في ذلك للأنبياء حكمة بالغة, وتدريج من الله تعالى لهم إلى كرامته، وتدريب برعايتها لسياسة أممهم من خلقه بما سبق لهم من الكرامة في الأزل ومتقدم العلم بذلك. اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في موضع آخر: والذي قاله الأئمة: إن الحكمة في رعاية الأنبياء للغنم؛ ليأخذوا أنفسهم بالتواضع، وتعتاد قلوبهم بالخلوة، ويترقوا من سياستها إلى سياسة الأمم. حديث الرسول عن الغنم النتف الملح مانفع. اهـ. وقال نور الدين الحلبي في إنسان العيون, وتبعه إسماعيل حقي في روح البيان: من حكمة الله عز وجل في ذلك أن الرجل إذا استرعى الغنم التي هي أضعف البهائم سكن قلبه الرأفة واللطف تعطفًا، فإذا انتقل من ذلك إلى رعاية الخلق كان قد هذب أولًا من الحدة الطبيعية والظلم الغريزي، فيكون في أعدل الأحوال.
قال النووي ـ رحمه الله ـ في "شرح مسلم" (7/43): " قولها: (فأحضر فأحضرت) الإحضار: العَدْو... (حشيا): بفتح الحاء المهملة ، وإسكان الشين المعجمة ، مقصور ؛ معناه: وقد وقع عليك الحَشا، وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه والمحتد في كلامه، من ارتفاع النفَس وتواتره. يقال: امرأة حشياء وحشية، ورجل حشيان وحشٍ. قيل: أصله من أصاب الربو حشاه. وقوله: (رابية) أي مرتفعة البطن...
قولها ( فلهدني) هو بفتح الهاء والدال المهملة ، وروى فلهزني بالزاي ، وهما متقاربان. شرح وترجمة حديث: إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك - موسوعة الأحاديث النبوية. قال أهل اللغة: لهَده ولهّده بتخفيف الهاء وتشديدها ، أي: دفعه. ويقال لهزه ، إذا ضربه بجُمع كفه في صدره ، ويقرب منهما: لكزه ووكزه. قوله ( قالت مهما يكتم الناس يعلمه الله. نعم) هكذا هو في الأصول ، وهو صحيح ، وكأنها لما قالت مهما يكتم الناس يعلمه الله. صدقت نفسها ، فقالت نعم" انتهى. وينظر للفائدة الفتوى رقم: ( 140084). والله أعلم.
فضائل داود عليه السلام
كان عليه السلام كثير العبادة، فيعبده ليلاً ونهاراً؛ حيث يقوم الليل ويصوم النهار ويقضي جزءاً كبيراً من يومه في عبادة الله سبحانه. وقد علّمه الله منطق الطير، وألان له الحديد؛ حيث كان بين يديه كالعجين، ويفتله بيده دون حاجة إلى نار أو مطرقة؛ وكان يصنع منه الدروع التي تحمي جنوده من الأعداء ولدفع خطر الحرب والمعارك.
قصة داود عليه السلام
وهذا ما كان يصنعهُ داود عليه السلام ودروع بحلقات تقي الجسم من الضربات، فاللبوس أبلغ من اللباس؛ لأن مهمتهُ أبلغ من مهة اللباس؛ ولأنه يقي الإنسان البائس والحرب وضربه العدو في مقاتل، ولذلك قال الله تعالى: "ولِتُحصنكم من بأسكم "، ومعنى تحصنكم: أي تمنعكم وتحوطكم وتحفظك، ومعنى من بأسكم أي من الحرب مع عدوكم. أحاديث عن داود عليه السلام: – قال النبي صلي الله عليه وسلم: "كان داوود أعبد البشر" رواه مسلم. وقال النبي عليه الصلاة والسلام أيضًا: "أحب الصلاة إلي الله صلاة داوود، وأحب الصيام إلي الله صيام داوود، كان ينامُ نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يومًا ويفطر يومًا" متفق عليه عن ابن عباس. – روي أنَّ امرأة دخلت على داود عليه السلام فقالت: يا نبيَّ الله، ربك ظالم أم عادل؟! فقال داود: ويحك يا امرأة!
داود عليه السلام اردو
دعوته
بلَغ داود عليه الصلاة والسلام من العمر أربعين سنة فآتاه الله تعالى النبوة مع الملك وجعله رسولًا إلى بني إسرائيل، فدعا داود عليه الصلاة والسلام قومه بني إسرائيل إلى تطبيق الشريعة التي أنزلت عليه وهي شريعة التوراة وتوحيد الله، وأنزل الله على نبيه داود عليه الصلاة والسلام الزبور { ولقد فضَّلنا بعضَ النَّبيِّنَ على بعضٍ وءاتينا داودَ زبورًا} سورة الإسراء. صفات داود عليه السلام
عاش داود عليه السلام عفيفًا حريصًا على العزة في طعامه وصلاح أمر عيشه، فما كان يأكل إلا من عمل يده، وقد كانت مهنته التي علّمها الله تعالى إياها مهنةً عسكرية تنفع الناس وهي: نسجُ الدروع وبيعها، وحكمَ داود عليه السلام في بني إسرائيل وقضى بينهم في الخصومات، فكان الحاكم العادل والقاضي الفاصل. شجاعة وقوة بأس: قال تعالى (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ) البقرة: 251. الحكمة: قال تعالى ( وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة والفصل الخطاب) ص: 20
العلم: قال تعالى ( وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ ۖ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ) الأنبياء: 80.
وحين انطلق صوت داود
عليه السَّلام يرتِّل مزاميره
ويمجِّد خالقه، تجاوب
الكون بتلك الترانيم السارية في
كيانه الواحد، المتجه إلى بارئه
الواحد... وإنها للحظات
عجيبة لا يعرف قدرها إلا من عايشها،
وذاق حلاوتها ولو لحظة في حياته. وممَّا
أفاض الله تعالى على نبيِّه داود من
النعم؛ أَنْ أَلانَ له الحديد
وعرَّفه كيفيَّة استعماله. وقد جاءت
هذه الآيات الكريمة لتشير إلى مادة
الصناعة الأوليَّة وهي الحديد لدراستها
والاستفادة من تطبيقاتها في الحياة
العملية، وليس كما فعل كثير من
المسلمين حيث اكتفَوْا بالتبرُّك
بهذه الآيات وحُسْنِ تجويدها والطرب
لقارئها. إنها تعطينا
درساً في حسن استخدام ما أودعه الله
لنا في الطبيعة من الطاقات والقوى
والمعادن لنكون في مقدِّمة الأمم
حضارةً ومدنيَّة، لأن
الدِّين لا ينافي علوم الحياة بل
يأمر بها ويسيران معاً
خطوة بخطوة ويداً بيد ليحقِّقا سعادة
البشرية جمعاء. وهذا ما فعله سلفنا
الصالح حيث أخذوا ما عند
الأمم المتحضِّرة من مدنية وعلوم
وزادوا عليها، انطلاقاً من الفهم
السديد لآيات القرآن الكريم الكثيرة ،
الَّتي تلفت الأنظار للسير في هذا
المضمار، ومنها ما نحن بصدد بيانه من
آيات بيِّنات.