وفيها: أنّ من انضم إلى مجالس العلم؛ فإنما دخل مجلس ذكر الله تعالى أو دخل مجلسَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومجمعَ أوليائه وانضم إليه، ومعنى: آواه الله في قوله صلى الله عليه وسلم: " أما أحدهم فأوى إلى الله، فآواه الله"، أي: قَبِله وقرّبه، وقيل: معناه رحمه أو آواه إلى جنته، أي: كتبها له. وفيها من ثمرات وفضائل هذه المجالس: أنّ الملائكة تحفّ أهلها، وتنزل عليهم السكينة، وتغشاهم الرحمة، ويباهي الله تعالى بهم أهل السماء. بل إنّ فضل مجالس الذكر لا يقتصر على الذاكرين فحسب، بل يشمل جليسَهم؛ فإنه يندرج معهم في جميع ما يتفضل الله تعالى به عليهم؛ إكرامًا لهم ولو لم يشاركهم في أصل الذكر. واليوم ومع تجدد وسائل العصر، وسهولة الاستماع والانضمام إلى مجالس الذكر عبر برامج التقنية الحديثة؛ فإنّه يرجى لمن فعل ذلك مع عدم تيسّر حضور تلك المجالس: الثواب والأجر من الله تعالى. بارك الله لي ولكم. الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واشتغلوا بما خلقتم له من معرفة الله وعبادته، وسلوا ربكم أن يمدكم بتوفيقه ولطفه وإعانته. قال تعالى: {أمن هو قانت آناء الليل ساجدًا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب}.
فضل مجالس الذكر والثواب عليها , أرجو القراءاه
حديث فضل الذكر من صحيح مسلم هو أحد الأحاديث القدسية عن رب العزة من صحيح مسلم التي تتحدث عن فضل مجالس الذكر والتي أخبرنا بها النبي صل الله عليه وسلم ليبين لنا فضل هذه المجالس حتى وإن كنت عبدًا خطاء فلا تفوت مجالسة الصالحين من أهل الذكر الذين تحفهم الملائكة وتنقل خبرهم إلى السماء. مع بيان فضل الذكر والفرق بين الدعاء والذكر وأيهما أفضل.
455 من: (باب فضل حلق الذكر والندب إلى ملازمتها والنهي عن مفارقتها لغير عذر)
"فضل مجالس الذكر"
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي رفع من أراد به خيرًا بالعلم والإيمان، وخذل المعرضين عن الهدى وعرّضهم لكل هلاك وهوان. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الكريمُ المنان، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله الذي كمّل الله له الفضائل والحسن والإحسان، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم على مرّ العصور والزمان. أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أنّ التقوى لا تتم لكم إلا بمعرفة ما يُتقى من الكفر والفسوق والعصيان، ولا تستقيم لكم إلا بقيامكم بأصول الإيمان وشرائع الإسلام وحقائق الإحسان. فطلب العلم إذًا من أفرض الفرائض وأوجب الواجبات، فإنّ عليه المدار في قيام الطاعات وترك المخالفات. فمن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، ومن لم يرد به خيرًا أعرض عن طلب العلم وسماعه، فكان من الهالكين الجاهلين. أما إن طلب العلم قربة وثواب عند رب العالمين، والإعراض عنه شرٌ وخسرانٌ مبين. معاشر المؤمنين:
لقد تكاثرت النصوص في كتاب الله وصحيح سنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – التي تحض وتحث على طلب العلم، وترغّب في حضور مجالس الذكر. فعن الأغرّ أبي مسلم أنه قال: أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أنهما شهدا على النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده" رواه مسلم.
ماهي فضل مجالس الذكر وآدابها | حديث مجالس الذكر - Dal4You
وقال عطاء الخرساني: " مجالس الذكر مجالس الحلال والحرام ،كيف تشتري وتبيع وتصلي وتصوم وتنكح وتطلق وأشباه هذا " ، وقال يحيى بن أبي كثير: "درس الفقه صلاة " ، وكان أبو السَّوَّار العدوي في حلقة يتذاكرون العلم ومعهم فتى شاب فقال لهم: قولوا سبحان الله والحمد لله ، فغضب أبو السوار ، وقال: ويحك في أي شيء كنا إذاً ؟! والآثار في هذا المعنى كثيرة. ولهذا فإنَّ المعاقل العلمية والمؤسسات الشرعية كالجامعات الإسلامية والمعاهد الدينية ونحوها مما يعتنى فيها بتعليم الناس الشريعة وتفقيههم في دينهم وتبصيرهم بالحلال والحرام والحق والباطل والهدى والضلال وتتلى فيها آيات الله ويدرس فيها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وينشر فيها العلم ، هي بلا شك ولا ريب من مجالس الذكر التي يندب في الشريعة إلى الجلوس إليها والإفادة منها. ********* _____________ [1] رواه أحمد (3/150) ، والترمذي (3510) ، وحسنه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن الترمذي) (2787). [2] (المستدرك) (1/494) [3] انظر ( سلسلة الأحاديث الصحيحة) رقم (2562). [4] رواه البخاري (6408) ، ومسلم (2689). [5] رواه أبو داود (4856) ، وحسنه العلامة الألباني رحمه الله في (السلسلة الصحيحة) (87).
وفي الختام
أسأل الله جل وعلا أن ينفعني وجميع المسلمين والمسلمات بهذه الصفحات الضئيلة العدد والكلمات اليسيرة، وأن تكون خالصة لوجهه الكريم وحجة لنا لا علينا. كما أسأله سبحانه وتعالى أن يكتب الأجر ويجزل المثوبة لمن كتبها وقرأها وسمعها، ومن ساهم في إخراجها، ومن أشار وأعان على طباعتها ومن قام بنشرها وتوزيعها اللهم آمين، وصلى الله وسلم وبارك على رسولنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين لهم بإحسان الى يوم الدين والحمد لله رب العالمين.
قال: فيقول: فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، قال: يقول ملَك مِن الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة، قال: هُمُ الجُلَسَاء لا يَشْقَى بهم جَلِيسُهُم». وفي رواية: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن لله ملائكة سَيَّارة فُضُلاً يَتَتَبَّعُون مجالِسَ الذكر، فإذا وجدوا مَجْلِساً فيه ذِكْرٌ، قَعَدُوا معهم، وحَفَّ بعضُهم بعضاً بأجنحتهم حتى يمْلَؤُوا ما بينهم وبين السماء الدنيا، فإذا تَفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، فيسألهم الله -عز وجل- وهو أعلم -: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك في الأرض: يسبحونك، ويكبرونك، ويهللونك، ويحمدونك، ويسألونك. قال: وماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك. قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا، أي رب. قال: فكيف لو رأوا جنتي؟! قالوا: ويستجِيرُونَك. قال: ومم يَسْتجيروني؟ قالوا: من نارك يا ربّ. قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوا ناري؟! قالوا: ويستغفرونك؟ فيقول: قد غفرت لهم، وأعطيتهم ما سألوا، وأجرتهم مما استجاروا. قال: فيقولون: رب فيهم فلان عبد خَطَّاء إنما مرَّ، فجلس معهم. فيقول: وله غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسُهُم».