وما كان ربك نسيا معناها
قال تعالى: (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ۖ لَهُۥ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) (مريم - 64)
التفسير الميسر: وقل - يا جبريل - لمحمد: وما نتنزل - نحن الملائكة - من السماء إلى الأرض إلا بأمر ربك لنا، له ما بين أيدينا مما يستقبل من أمر الآخرة، وما خلفنا مما مضى من الدنيا، وما بين الدنيا والآخرة، فله الأمر كله في الزمان والمكان، وما كان ربك ناسيًا لشيء من الأشياء. ابن كثير: وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ۖ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا
قال الإمام أحمد: حدثنا يعلى ووكيع قالا: حدثنا عمر بن ذر ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: " ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا ؟ " قال: فنزلت ( وما نتنزل إلا بأمر ربك) إلى آخر الآية. انفرد بإخراجه البخاري ، فرواه عند تفسير هذه الآية عن أبي نعيم ، عن عمر بن ذر به. إعراب قوله تعالى: وما نتنـزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما الآية 64 سورة مريم. ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير ، من حديث عمر بن ذر به وعندهما زيادة في آخر الحديث ، فكان ذلك الجواب لمحمد صلى الله عليه وسلم.
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة مريم - الآية 64
- إعراب قوله تعالى: وما نتنـزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما الآية 64 سورة مريم
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة مريم - الآية 64
هذا الحادث العابر على صغره، يمثل رسالة ربانية لكل المجرمين والمعتدين مهما تغيرت الأوضاع والأماكن والأزمنة واختلفت، تبين بجلاء أن سننه سبحانه في أخذ الظالم بظلمه والطاغي بطغيانه لا تتبدل ولا تتخلف قصر الزمان أو بعد، قال عز وجل: "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" وقال أيضا: "لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد". وأخيرا أقول لكل مظلوم إذا ما تعرضت لظلم أو خِفت من عدو أو فزعت من خبر فليكن شعارَك: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، وفوض أمرك إلى الله وحسن الظن به، ثم انتظر الفرج منه وحده وتذكر أن الله معك. وأقول لكل ظالم معتد إن الله يمهل ولا يهمل، فلا يغرنك به الغَرور، و تب إليه قبل فوات الأوان حيث لا ينفع الندم، قال تعالى: "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون".
إعراب قوله تعالى: وما نتنـزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما الآية 64 سورة مريم
وقال عكرمة، عن ابن عباس: ليس أحد يسمى الرحمن غيره تبارك وتعالى وتقدس اسمه، وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: هل تعلم له ولدًا أي نظيرا أو مثلا أو شبيها يستحق مثل اسمه الذي هو الرحمن، {وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ}: أي لطاعته ولا تحزن لتأخير الوحي عنك بل اشتغل بما أمرت به وأصل اصطبر اصتبر فثقل الجمع بين التاء والصاد لاختلافهما فأبدل من التاء طاء كما تقول من الصوم صطام.
{لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا}: قيل: المراد ما بين أيدينا أمر الدنيا، وما خلفنا أمر الآخرة {وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ}: ما بين النفختين، وهذا قول عكرمة ومجاهد والسدي، وقيل {مَا بَيْنَ أَيْدِينَا}: ما يستقبل من أمر الآخرة، {وَمَا خَلْفَنَا}: أي ما مضى من الدنيا، {وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ}: أي ما بين الدنيا والآخرة، واختاره ابن جرير، والله أعلم.