وعن ثابت قال: (بلغنا أن الرجل ليتكيء في الجنة سبعين سنة عنده من أزواجه وخدمه، وما أعطاه اللّه من الكرامة والنعيم، فإذا حانت منه نظرة، فإذا أزواج له لم يكن رآهن قبل ذلك فيقلن: قد آن لك أن تجعل لنا منك نصيباً) ""أخرجه ابن أبي حاتم أيضاً عن ثابت البناني موقوفاً""ومعنى { مصفوفة} أي وجوه بعضهم إلى بعض كقوله: { على سرر متقابلين} ، { وزوجناهم بحور عين} أي وجعلنا لهم قرينات صالحات، وزوجات حساناً من الحور العين، وقال مجاهد { وزوجناهم} أنكحناهم بحور عين، وقد تقدم وصفهن في غير وضع بما أغنى عن إعادته ههنا. تفسير الجلالين { كلوا واشربوا هنيئا} حال أي: مهنئين { بما} الباء سببية { كنتم تعملون}. تفسير الطبري الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ: كُلُوا وَاشْرَبُوا, يُقَال لِهَؤُلَاءِ الْمُتَّقِينَ فِي الْجَنَّات: كُلُوا أَيّهَا الْقَوْم مِمَّا آتَاكُمْ رَبّكُمْ, وَاشْرَبُوا مِنْ شَرَابهَا هَنِيئًا, لَا تَخَافُونَ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ فِيهَا أَذًى وَلَا غَائِلَة بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فِي الدُّنْيَا لِلَّهِ مِنَ الْأَعْمَال.
Hass — { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ...
القرطبى: كلوا واشربوا أي يقال لهم ذلك. هنيئا الهنيء ما لا تنغيص فيه ولا نكد ولا كدر. قال الزجاج: أي ليهنئكم ما صرتم إليه هنيئا. وقيل: أي متعتم بنعيم الجنة إمتاعا هنيئا ، وقيل: أي كلوا واشربوا هنئتم هنيئا فهو صفة في موضع المصدر. وقيل هنيئا: أي حلالا. وقيل: لا أذى فيه ولا غائلة. وقيل: هنيئا أي لا تموتون; فإن ما لا يبقى أو لا يبقى الإنسان معه منغص غير هنيء. الطبرى: القول في تأويل قوله تعالى: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) يقول تعالى ذكره: كلوا واشربوا, يقال لهؤلاء المتقين في الجنات: كلوا أيها القوم مما آتاكم ربكم, واشربوا من شرابها هنيئا, لا تخافون مما تأكلون وتشربون فيها أذى ولا غائلة بما كنتم تعملون في الدنيا لله من الأعمال. ابن عاشور: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19( وحذف مفعول { كلوا واشربوا} لإِفادة النعيم ، أي كلوا كل ما يؤكل واشربوا كلّ ما يشرب ، وهو عموم عرفي ، أي مما تشتهون. و { هنيئاً} اسم على وزن فعيل بمعنى مفعول وقع وصفاً لمصدرين لفعلي { كلوا واشربوا} ، أكلاً وشرباً ، فلذلك لم يؤنث الوصف لأن فعيلاً إذا كان بمعنى مفعول يلزم الإِفراد والتذكير.
الباحث القرآني
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال الله: " كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية " إن أيامكم هذه أيام خالية ، هي أيام فانية ، تؤدي إلى أيام باقية ، فاعملوا في هذه الأيام ، وقدموا فيها خيراً إن استطعتم ، ولا قوة إلا بالله. حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله " بما أسلفتم في الأيام الخالية " قال: أيام الدنيا بما عملوا فيها. "كلوا واشربوا" أي يقال لهم ذلك. "هنيئا" لا تكدير فيه ولا تنغيص. "بما أسلفتم" قدمتم من الأعمال الصالحة. "في الأيام الخالية" أي في الدنيا. وقال: كلوا بعد قوله "فهو في عيشة راضية"
يخبر تعالى عن سعادة من يؤتى كتابه يوم القيامة بيمينه وفرحه بذلك, وأنه من شدة فرحه يقول لكل من لقيه " هاؤم اقرؤوا كتابيه " أي خذوا اقرءا كتابيه لأنه يعلم أن الذي فيه خير وحسنات محضة, لأنه ممن بدل الله سيئاته حسنات. قال عبد الرحمن بن زيد: معنى " هاؤم اقرؤوا كتابيه " أي هااقرءوا كتابيه وؤم زائدة كذا قال, والظاهر أنها بمعنى هاكم. وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا بشر بن مطر الواسطي, حدثنا يزيد بن هارون, أخبرنا عاصم الأحول عن أبي عثمان قال: المؤمن يعطى كتابه بيمينه في ستر من الله فيقرأ سيئاته, فكلما قرأ سيئة تغير لونه حتى يمر بحسناته فيقرؤها فيرجع إليه لونه, ثم ينظر فإذا سيئاته قد بدلت حسنات, قال: فعند ذلك يقول: هاؤم اقرءوا كتابيه.
وحدثنا أبي, حدثنا إبراهيم بن الوليد بن سلمة, حدثنا روح بن عبادة, حدثنا موسى بن عبيدة, أخبرني عبد الله بن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال: إن الله يوقف عبده يوم القيامة فيبدي أي يظهر سيئاته في ظهر صحيفته فيقول له أنت عملت هذا, فيقول نعم أي رب, فيقول له إني لم أفضحك به وإني قد غفرت لك فيقول عند ذلك هاؤم اقرءوا كتابيه "إني ظننت أني ملاق حسابيه" حين نجا من فضيحته يوم القيامة.