ما معنى قوله تعالى: { بل يداه مبسوطتان} وأمثال هذه الآيات ؟ وهل في معناها خلاف؟ وما هو المعتمد في ذلك ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد..
فآيات الصفات سلك فيها العلماء مسلكان:
الأول: مذهب السلف، وهو الإقرار والإمرار، وعدم التعرض لتفسيرها أو تأويلها وهو المذهب الذي يعبر عنه بـ (التفويض). والمقصود بالتفويض هو تفويض الكيف والمعنى، ورد العلم بذلك إلى العليم الخبير سبحانه. الثاني: مذهب الخلف، وهو تأويل النصوص الموهمة للحدوث أو التركيب بما يليق بها لغة بحسب السياق الذي وردت فيه. تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٤٠. وإليك أخي السائل بعض أقوال أهل العلم في تقرير المذهبين، وذكر المسلكين:
ورد في تفسير القرطبي المالكي - (ج 1 / ص 89) عن الإمام مالك رحمه الله أن رجلاً سأله عن قوله تعالى: { الرحمن عَلَى العرش استوى} [ طه: 5] قال مالك: الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة، وأراك رجل سَوْء! أخرجوه"
وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: ( نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى، ولا نرد منها شيئاً، ونعلم أن ما جاء به الرسول حق إذا كانت بأسانيد صحاح، ولا نرد على رسول الله قوله، ولا يوصف الله تعالى بأكثر مما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله، بلا حد ولا غاية، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٤٠
قوله { وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ} معطوف على ما قبله والباء سببية أي أبعدوا من رحمة الله بسبب قولهم { يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ} ، ثم رد سبحانه بقوله { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} أي بل هو في غاية ما يكون من الجود، وذكر اليدين مع كونهم لم يذكروا إلا اليد الواحدة مبالغة في الردّ عليهم بإثبات ما يدل على غاية السخاء، فإن نسبة الجود إلى اليدين أبلغ من نسبته إلى اليد الواحدة، وهذه الجملة الإضرابية معطوفة على جملة مقدّرة يقتضيها المقام أي كلا ليس الأمر كذلك { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} وقيل المراد بقوله { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} نعمة الدنيا الظاهرة ونعمتها الباطنة. وقيل نعمة المطر والنبات. وقيل الثواب والعقاب. وحكى الأخفش عن ابن مسعود أنه قرأ «بل يداه بسيطتان» أي منطلقتان كيف يشاء. إسلام ويب - تفسير الماوردي - تفسير سورة المائدة - تفسير قوله تعالى وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان- الجزء رقم2. قوله { يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء} جملة مستأنفة مؤكدة لكمال جوده سبحانه أي إنفاقه على ما تقتضيه مشيئته، فإن شاء وسع، وإن شاء قتر، فهو الباسط القابض فإن قبض كان ذلك لما تقتضيه حكمته الباهرة، لا لشيء آخر، فإن خزائن ملكه لا تفنى وموادّ جوده لا تتناهى. قوله { وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مّنْهُم} إلخ، اللام هي لام القسم أي ليزيدن كثيراً من اليهود والنصارى ما أنزل إليك من القرآن المشتمل على هذه الأحكام الحسنة { طُغْيَـٰناً وَكُفْراً} أي طغياناً إلى طغيانهم، وكفراً إلى كفرهم.
هـ
الوقفة الثانية
وقول الهيتوي: »هذا هو التأويل وطبعا حسب قواعد اللغة الصحيحة«، فأقول: »ما سماه تأويلاً هو في الحقيقة تحريف، كما قال الله تعالى { يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: 13]، وإنما أطلقوا عليه تأويلا تلطيفا له، وحتى يروجوه ويخدعوا به الناس، فلو سألناه سؤالا صريحا: »هل تؤمن بأن لله يداً حقيقية، تليق به يطوي بها السماء، ويبسطها بالليل والنهار للتائبين، وأن الله خلق بيديه آدم عليه السلام، وأن كلتا يدي الله يمين، وأن من أنكر ذلك فهو ضال مبتدع؟«، أقول: أحسب أن هذا الأشعري لن يقول ذلك إلا إذا تاب إلى الله عز وجل ورجع إلى رشده، وفطرته، عما لقنه به "هيتو" وأمثاله.
ما هو تفسير آية يداه مبسوطتان
وقيل المعنى لوسعنا عليهم في أرزاقهم، { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإنجِيلَ} أي أقاموا ما فيهما من الأحكام التي من جملتها الإيمان بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. قوله { وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِمْ مّن رَّبّهِمْ} من سائر كتب الله التي من جملتها القرآن، فإنها كلها وإن نزلت على غيرهم، فهي في حكم المنزلة عليهم لكونهم متعبدين بما فيها { لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم} ذكر فوق وتحت للمبالغة في تيسر أسباب الرزق لهم وكثرتها، وتعدد أنواعها. قوله { مّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ} جواب سؤال مقدّر، كأنه قيل هل جميعهم متصفون بالأوصاف السابقة، أو البعض منهم دون البعض، والمقتصدون منهم هم المؤمنون كعبد الله بن سلام، ومن تبعه، وطائفة من النصارى { وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ} وهم المصرّون على الكفر المتمرّدون عن إجابة محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان بما جاء به. وقد أخرج ابن إسحاق، والطبراني في الكبير، وابن مردويه، عن ابن عباس قال قال رجل من اليهود يقال له النباش بن قيس إن ربك بخيل لا ينفق، فأنزل الله { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ} الآية. وأخرج أبو الشيخ عنه أنها نزلت في فنحاص اليهودي.
فعلى المذهب الأول، يقال بتفويض العلم بمراد الله إلى الله. وعلى الثاني: يفسر بما قاله جماعات من الأئمة، ومن ذلك ما قاله الإمام المفسر القرطبي المالكي في جامع أحكام القرآن: (بل نعمته مبسوطة؛ فاليد بمعنى النعمة. قال بعضهم: هذا غلط ، لقوله: «بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ» فنِعَم الله تعالى أكثر من أن تحصى فكيف تكون بل نعمتاه مبسوطتان؟
وأُجيب بأنه يجوز أن يكون هذا تثنية جنس لا تثنية واحد مفرد؛ فيكون مثل قوله عليه السلام: "مَثَلُ المنافِق كالشاة العائرة بين الغنمين" فأحد الجنسين نعمة الدنيا، والثاني نعمة الآخرة. وقيل نعمتا الدنيا النعمة الظاهرة والنعمة الباطنة). وما أجاب به الإمام القرطبي صحيح من حيث اللغة ففي صحيح مسلم حين ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الدجال وفي الحديث: ( إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ). قال الإمام النووي رحمه الله في شرح الحديث: (( لَا يَدَانِ) بِكَسْرِ النُّون تَثْنِيَة ( يَد). قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ لَا قُدْرَة وَلَا طَاقَة، يُقَال: مَا لِي بِهَذَا الْأَمْر يَدٌ، وَمَا لِي بِهِ يَدَانِ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَة وَالدَّفْع إِنَّمَا يَكُون بِالْيَدِ، وَكَأَنَّ يَدَيْهِ مَعْدُومَتَانِ لِعَجْزِهِ عَنْ دَفْعه).
إسلام ويب - تفسير الماوردي - تفسير سورة المائدة - تفسير قوله تعالى وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان- الجزء رقم2
بل اسوأ من ذلك من يقول الأشاعرة هم أهل السنة والجماعة، فهؤلاء أشبه ما يكونون- بزعمهم هذا- كاليهود والنصارى الذين قالوا إبراهيم عليه السلام كان يهودياً أو نصرانياً مع أن اليهودية والنصرانية ما وجدت إلا بعد إبراهيم عليه السلام، كما قال تعالى: { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [آل عمران: 65]، فكيف يكون السابق تابعا للاحق؟! وأقول أيضا: ومَنْ قال إن الأشاعرة لا يختلفون مع أهل السنة إلا في ((تحريف الصفات))؟! بل هم يختلفون كثيراً في سائر مسائل الاعتقاد إلا عدالة الصحابة فإن الأشاعرة لا يكفرون الصحابة. نعم: قد يقال الأشاعرة سنة أي ليسوا شيعة أما أنهم على عقيدة أهل السنة والجماعة فهذا بعيد جدا لا يقوله إلا ظالم جاهل. الوقفة السادسة
وأما قوله الأمة ليست بحاجة إلى مثل هذه الأمور نحن في بلد إسلام ونحن يكفينا الإجمالي هذه فترة كانت في السابق ثم انتهينا منها... إلخ«، فأقول: سبحان الله إذا كنا لسنا بحاجة إلى هذه العقائد الكلامية المعتزلية الأشعرية فلماذا تثيرها بين الحين والآخر؟! لماذا تقررها وتبثها ثم تقول انتهت؟!
* * *
وقد يُقال: إنّ هذا المعنى لا
ينسجم مع ذيل الآية ( يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ) ؛ حيث يستدعي هذا
التعبير أن يكون النظر في صدر الآية إلى أمر البُخل والتقتير في
الرزق (16). غير أنّ ذِكر الإنفاق كيف يشاء ـ
في ذيل الآية ـ: جاء بياناً لأَحدِ مصاديقِ بسط يده تعالى وشمول
قُدرته ، وليس ناظراً إلى الانحصار فيه ؛ ولعلّ ذكر ذلك كان بسبب ما
واجَه المسلمين في إبّان أمرهم مِن الضيق وعدم التوفّر في تهيئة
التجهيز الكافي والحصول على الإمكانات اللازمة ، فأخذتْ اليهود في
الطعن عليهم بأنّ ذلك هو المُقدّر لهم ، وليس بوِسعِه تعالى أنْ
يفسح لهم المَجال أو يُوسِع عليهم في المعاش. وإلاّ فوِجهة الآية عامّة
كنظيراتها ، والعِبرة بعموم اللفظ دون خصوص المُورد. _____________________________________
(1) تفسير المنار ، ج6 ، ص453. (2) راجع: ج12 ، ص40. (3) مجمع البيان ، ج2 ، ص547. (4) تفسير الميزان ، ج6 ، ص32. (5) راجع: صحيح البخاري ، باب
القدر ، ج8 ، ص152. (6) بحار الأنوار ، ج4 ، ص113 ،
رقم 35. (7) المصدر: ص96 ، رقم 2 ، وراجع: عيون أخبار الرضا ، ج1 ، ص145 ، باب 13 ، رقم 1. (8) الرعد 13: 39 ، راجع: كتاب
التوحيد للصدوق ، ص167 ، باب 25 ، رقم 1.
(قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
❨١١٤❩) التدبر
﴿ وارزقنا وأنت خير الرازقين ﴾ سُئل أحد العُبَّاد: لِمَ وُصِف الله بخير الرازقين ؟ قال: لأنه إذا كفر أحد لا يقطع رزقه. ــــ ˮروائع القرآن" ☍...
///: ظييظ ــــ ˮ#شاركني الأجر" ☍...
❨١١٤❩) تذكر واعتبار
-برنامج يالله - ــــ ˮنبيل العوضي" ☍...
بـرنـامـج: يـا الله. إســم الله ( الرزاق).
ربنا أنزل علينا مائدة من السماء
وقال آخرون: إن القوم لما قيل لهم: " فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين " استعفوا منها فلم تنزل. 13020 - حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة قال: كان الحسن يقول: لما قيل لهم: " فمن يكفر بعد منكم " إلى آخر الآية ، قالوا: لا حاجة لنا فيها فلم تنزل. 13021 - حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة ، عن منصور بن زاذان ، عن الحسن: أنه قال في المائدة: لم تنزل. هل أنزل الله تعالى المائدة على الحواريين ؟ - الإسلام سؤال وجواب. 13022 - حدثني الحارث قال: حدثنا القاسم بن سلام قال: حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قال: مائدة عليها طعام ، أبوها حين عرض عليهم العذاب إن كفروا ، فأبوا أن تنزل عليهم. قال أبو جعفر: والصواب من القول عندنا في ذلك أن يقال: إن الله - تعالى ذكره - أنزل المائدة على الذين سألوا عيسى مسألته ذلك ربه. وإنما قلنا ذلك ، للخبر الذي روينا بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وأهل التأويل من بعدهم ، غير من انفرد بما ذكرنا عنه. وبعد ، فإن الله - تعالى ذكره - لا يخلف وعده ، ولا يقع في خبره الخلف ، وقد قال - تعالى ذكره - مخبرا في كتابه عن إجابة نبيه عيسى - صلى الله عليه وسلم - حين سأله ما سأله من ذلك: " إني منزلها عليكم " وغير جائز أن يقول - تعالى ذكره -: [ ص: 232] " إني منزلها عليكم " ثم لا ينزلها ، لأن ذلك منه - تعالى ذكره - خبر ، ولا يكون منه خلاف ما يخبر.
من النبي الذي طلب منه قومه أن ينزل لهم مائدة من السماء ؟ - موقع المرجع
[ ص: 110] وقد استقريت ما بلغت إليه من موارد استعماله فتحصل عندي أن العامل الأصيل من فعل وشبهه لا يتكرر مع البدل ، وأما العامل التكميلي لعامل غيره وذلك حرف الجر خاصة فهو الذي ورد تكريره في آيات من القرآن من قوله تعالى قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم في سورة الأعراف ، وآية سورة الزخرف ، وقوله ومن النخل من طلعها قنوان دانية. ذلك لأن حرف الجر مكمل لعمل الفعل الذي يتعلق هو به لأنه يعدي الفعل القاصر إلى مفعوله في المعنى الذي لا يتعدى إليه بمعنى مصدره ، فحرف الجر ليس بعامل قوي ولكنه مكمل للعامل المتعلق هو به. ربنا أنزل علينا مائدة من السماء. ثم إن علينا أن نتطلب الداعي إلى إظهار حرف الجر في البدل في مواقع ظهوره. وقد جعل ابن يعيش في شرح المفصل ذلك للتأكيد قال: لأن الحرف قد يتكرر لقصد التأكيد. وهذا غير مقنع لنا لأن التأكيد أيضا لا بد من داع يدعو إليه. فما أظهر فيه حرف الجر من هذه الآيات كان مقتضى إظهاره إما قصد تصوير الحالة كما في أكثر الآيات ، وإما دفع اللبس ، وذلك في خصوص آية الأعراف لئلا يتوهم السامع أن من يتوهم أن ( من آمن) من المقول وأن " من " استفهام فيظن أنهم يسألون عن تعيين من آمن من القوم ، ومعنى التأكيد حاصل على كل حال لأنه ملازم لإعادة الكلمة.
هل أنزل الله تعالى المائدة على الحواريين ؟ - الإسلام سؤال وجواب
وقال: { إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ} [ المائدة: 112] وقال: { قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ} [ المائدة: 114]. وهي في سياق الثناء عليه والنداء.
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة المائدة - القول في تأويل قوله تعالى " قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا "- الجزء رقم11
قال ابن عباس: يأكل منها آخر الناس كما يأكل منها أولهم. وآية منك يعني دلالة وحجة وارزقنا أي: أعطنا. وأنت خير الرازقين أي: خير من أعطى ورزق; لأنك الغني الحميد.
وقال سلمان الفارسي: يعنى يوما نصلى فيه. وقال سلمان الفارسي: تكون عظة لنا ولمن بعدنا. وقوله: وَآيَةً مِنْكَ معطوف على قوله عِيداً. أى: تكون هذه المائدة النازلة من السماء عيدا لأولنا وآخرنا، وتكون أيضا- دليلا- وعلامة منك- سبحانك- على صحة نبوتي ورسالتي، فيصدقونى فيما أبلغه عنك، ويزداد يقينهم بكمال قدرتك. وقوله: وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ تذييل بمثابة التعليل لما قبله. أى: أنزلها علينا يا ربنا وأرزقنا من عندك رزقا هنيئا رغدا، فإنك أنت خير الرازقين، وخير المعطين، وكل عطاء من سواك لا يغنى ولا يشبع. وقد جمع عيسى في دعائه بين لفظي «اللهم وربنا» إظهارا لنهاية التضرع وشدة الخضوع، حتى يكون تضرعه أهلا للقبول والإجابة. وعبر عن مجيء المائدة بالإنزال من السماء للإشارة إلى أنها هبة رفيعة، ونعمة شريفة، آتية من مكان عال مرتفع في الحس والمعنى، فيجب أن تقابل بالشكر لواهبها- عز وجل- وبتمام الخضوع والإخلاص له. وقوله تَكُونُ لَنا عِيداً صفة ثانية لمائدة، وقوله لَنا خبر كان وقوله عِيداً حال من الضمير في الظرف. قال الفخر الرازي: تأمل في هذا الترتيب، فإن الحواريين لما سألوا المائدة ذكروا في طلبها أغراضا، فقدموا ذكر الأكل فقالوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وأخروا الأغراض الدينية الروحانية.