ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا الله، ومن يكره أن يعود في الكفر -بعد إذ أنقذه الله منه- كما يكره أن يُلقى في النار».. وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- يقول: "إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحًا، فاتهمه، فإن الرب تعالى شكور". يعني أنه لا بد أن يثيب العامل على عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه، وقوة انشراح وقرة عين، فحيث لم يجد ذلك فعمله مدخول" ا. ه. نفحات رمضانية في رحاب الشعر الملحون -الحلقة 14- bayanealyaoume. ولذلك خص الصائم بالفرح في رمضان عند فطره وعند لقاء ربه، كما في الصحيحين يقول صلى الله عليه وسلم: "وللصائم فرحتان يفرحهما؛ إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه". وجاء النص بفرح الصائم في رمضان عند فطره وعند لقاء ربه كما سيأتي، وهناك أسباب أخرى للفرح في رمضان وفي غيره، ولكنها تزيد في رمضان، ومنها:
1- التلذذ بعبادة الصلاة الخاشعة وفرح النفس بذلك، كما صح في المسند والنسائي قال صلى الله عليه وسلم: "وجعلت قرة عيني في الصلاة"، وصح في سنن أبي داود يقول صلى الله عليه وسلم: "يا بلال، أقم الصلاة أرحنا بها". 2- الشعور بقرب الله من عبده، ولذلك عدة أسباب، وهي وإن كانت ليست مرتبطة بالصيام، لكن أثرها -حين يقبل عليها الصائم صادقة مخلصة لله تعالى- على فرحة الصائم أكبر، ومن ذلك:
أ- كثرة ذكره لله تعالى، قال تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) البقرة:157.
نفحات رمضانية في رحاب الشعر الملحون -الحلقة 14- Bayanealyaoume
فوضع رأسه على ساعده ليموت، فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه، فالله أشد فرحًا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده"، فإذا فرح الله بتوبة العبد أفرحه بذلك في نفسه، ووجد أثر فرحة الله بزيادة فرحه وسروره وشعوره بقربه من ربه. 5- الفرح العظيم عند لقاء الله وهذا يكون بأمور منها:
أ- لاجتهاده في قيام الليل ودعائه ونفقته في رمضان وفي غيره لكنها في رمضان أكثر، وهذه العبادات تثمر له يوم القيامة الفرح العظيم، كما قال تعالى: (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ – فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) السجدة:16-۱۷، فلا تسل عن فرحتهم بما أخفي لهم من النعيم العظيم. ب- فرحهم بالاصطفاء من قبل الله من بين الخلائق، ليدخلوا من باب الريان إلى الجنة حيث ينادي بهم في ذلك اليوم العظيم أين الصائمون؟ فقل لي بربك ما مشاعر الفرح العظيم التي تعتلج في صدورهم في هذا الموقف العظيم؟ وجاء في الصحيحين من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة بابًا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل معهم أحد غيرهم، يقال أين الصائمون؟ فيدخلون منه، فإذا دخل آخرهم أغلق، فلم يدخل منه أحد".
من القربات في رمضان: ذكر الله
3- فرح الصائم عند الإفطار، كما في الصحيحين يقول صلى الله عليه وسلم: "وللصائم فرحتان يفرحهما؛ إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه"، ولهذا الفرح أسباب يقوى بها منها:
أ- الدعاء قبل لحظات الإفطار، وللدعاء في هذه اللحظات أثره الكبير على زيادة فرح المؤمن عند فطره، لأن له أثر على قرب العبد من الله. ب- تذكر نعمة الله عليك حيث أباح لك ما حرم عليك، فامتثلت أمره باجتنام ما حرم عليك في نهار الصوم وامتثلت أمره بالفطر الذي أحله لك بعد غروب الشمس، وهذه من أجمل مظاهر العبودية التي تجلب فرح النفس. العنود.. سيدة بذل وعطاء - الصفحة 3 - هوامير البورصة السعودية. ويدخل في هذا الفرح فرحه يوم العيد بإكمال صيام شهر رمضان، ولهذا يجد المؤمن الذي أجتهد في صومه في يوم العيد فرحة عظيمة، ربما لا تسعف العبارات بوصفها، من ذاقها عرفها وهي فرحة خاصة لا يعرفها إلا من ذاقها، ليست كفرحة الأطفال بالعيد، التي هي فرحة جسدية فقط، وتلك فرحة الروح مع الجسد. 4- كثرة التوبة والاستغفار طوال نهار الصوم وليله، لأن الله تعالى من رحمته بعبده يفرح بتوبته فرحًا عظيمًا ضرب له النبي صلى الله عليه وسلم مثالًا ليقربه، كما في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: "لله أشد فرحًا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة، معه راحلته عليها طعامه وشرابه، فنام، فاستيقظ وقد ذهبت، فطلبها حتى أدركه العطش، ثم قال: أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه، فأنام حتى أموت.
العنود.. سيدة بذل وعطاء - الصفحة 3 - هوامير البورصة السعودية
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
شرح حديث ..وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم.. - إسلام ويب - مركز الفتوى
وقال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) الرعد:۲۸، وفي صحيح البخاري قال النبي صلی الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأٍ خيرٍ منهم.. ". ولما كان الذكر بهذه المكانة العظيمة اشتغل به عباد الله الصالحون على كل أحوالهم، فمن شدة حبهم لله وتلذذهم بذكره يذكرونه قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم، فقال تعالى في وصفهم: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ) آل عمران:۱۹۱. وبين الله في كتابه بم يكون الفرح؟ فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ – قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) ، يونس:۵۷ – ۵۸. قال السعدي في تفسيره (۳۹۷): "وإذا حصل الهدى، وحلت الرحمة الناشئة عنه، حصلت السعادة والفلاح، والربح والنجاح، والفرح والسرور، ولذلك أمر تعالى بالفرح بذلك فقال: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ) الذي هو القرآن، الذي هو أعظم نعمة ومنة، وفضل تفضل الله به على عباده، (وَبِرَحْمَتِهِ) الدين والإيمان، وعبادة الله ومحبته ومعرفته.
الجمعة, 22 أبريل 2022
أما أهل السنة والجماعة فلهم إذن عال بالذكر، وسندنا فيه متواتر ومتصل بسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم. – في الأسماء الحسنى، قال ربنا: " وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا". – وفي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، قال ربنا: " إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا". – وفي عموم الذكر، قال ربنا: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ". – وقال في الحديث الصحيح الإلهي: " وَأَنَا مَعهُ إِذَا ذَكَرَني، فَإن ذَكرَني في نَفْسهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفسي، وإنْ ذَكَرَني في ملإٍ، ذكَرتُهُ في ملإٍ خَيْرٍ منْهُمْ ". متَّفقٌ عليهِ. – وقال نبينا صلى الله عليه وسلم: " ما تستقِلُّ الشمسُ فيبْقَى شيءٌ مِنَ خلْقِ اللهِ إلَّا سبَّحَ اللهَ بحمدِهِ إلَّا ما كانَ مِنَ الشياطينِ ، وأغبياءِ بني آدَمَ". فلله الحمد والمنة ومنه الفضل والسعة، لم يحوجنا إلى أحد من خلقه حتى نستأذنه في ذكره أو يحجبنا عن بابه، وله الحمد لم يجعلنا من أغبياء بني ءادم الذين يصبحون ويمسون دون ذكره.
الفائدة الثانية:
الحديث فيه عِظَم فضل هذه الثلاث الخصال، وأن من جمعها نال حلاوة الإيمان وكماله؛ لأن العبد إذا تأمل أن المنعم هو الله جل وعلا، فكل خير من عنده، ومنه يطلب، وهو دافع كل شر، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يبين مراد ربه جل وعلا، اقتضى ذلك أن يتوجه بكل أمره له، فلا يحب إلا ما يحب، ولا يحب أحدًا إلا من أجله، وإذا تيقن أن كل ما وعده الله جل وعلا سبيله هو التمسك بهذا الدين، وأن العَود في الكفر كالإلقاء في النار، فكراهته لهذا ككراهته لذلك، فاستكمل بذلك العُرَى التي ينال بها حلاوة الإيمان. مدونة الرقائق الإسلامية: ثلاث من كن ّ فيه وجد حلاوة الإيمان. الفائدة الثالثة:
الحديث دليل على فضل التحابِّ في الله جل وعلا، فإن قيل: ما هو حد أو ضابط الحب في الله ؟
فالجواب: هو كل حب لولا الإيمان بالله واليوم الآخر لم يتصور وجوده، فهو حب في الله، وكذلك كل زيادة في الحب لولا الإيمان بالله لم تكُ تلك الزيادة؛ [ انظر: ترطيب الأفواه للدكتور العفاني (1 /353)]. وما أجملَ ما قاله يحيى بن معاذ - رحمه الله - حيث قال: "حقيقة الحب في الله ألا يزيدَ بالبِرِّ، ولا ينقص بالجفاء". باب: (باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرَ من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين، وإطلاق عدم الإيمان على من لم يحبه هذه المحبة).
مدونة الرقائق الإسلامية: ثلاث من كن ّ فيه وجد حلاوة الإيمان
حديث
((ثلاثٌ من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان.... ))
عن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثٌ من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، من كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار)). أولًا: ترجمة راوي الحديث:
أنس بن مالك رضي الله عنه تقدمت ترجمته في الحديث الثالث من كتاب الإيمان. ثانيًا: تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مسلم، حديث (43)، وأخرجه البخاري في " كتاب الإيمان " " باب حلاوة الإيمان " حديث (16)، وأخرجه الترمذي في " كتاب الإيمان " "باب 10" حديث (2624)، وأخرجه النسائي في " كتاب الإيمان " " باب حلاوة الإيمان " حديث (5003)، وأخرجه ابن ماجه في " كتاب الفتن " " باب الصبر على البلاء " حديث (4033). ثالثًا: شرح ألفاظ الحديث:
(ثلاثٌ من كن فيه)؛ أي: ثلاث خصال من الخصال التي يجد فيها المؤمن حلاوة الإيمان؛ فالعدد هنا غير مطلوب، والله أعلم. (وجد بهن حلاوة الإيمان)؛ أي: لذته وثمرته، وسيأتي مزيد بيان لمعنى الحلاوة في الفوائد. حديث ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان. (أن يقذف في النار)؛ أي: يرمى، فالقذف هو الرمي. رابعًا: من فوائد الحديث:
الفائدة الأولى:
الحديث دليل على أن من جاء بهذه الخصال الثلاث في حديث الباب، فقد نال حلاوة الإيمان ، فإن قيل: ما معنى حلاوة الإيمان؟
فالجواب: هي الحلاوة التي تتمثل في انشراح الصدر، وقوة التحمل، والأنس بالله تعالى، والثقة بموعوده، والرضا بقدره، وعظمة اللجوء إليه، والتضرع بين يديه، ومعرفته بأسمائه وصفاته، فيكون العبد بذلك معظمًا لشعائر الله تعالى، فيُحل ما أحل، ويحرم ما حرم، وإن خالف هواه ورغباته.
قال ابن حجر: قال البيضاوي:
وَإِنَّمَا جعل هَذِهِ الْأُمُور الثَّلَاثَة عُنْوَانًا لِكَمَالِ
الْإِيمَان لِأَنَّ المَرْء إِذَا تَأَمَّلَ أَنَّ المُنْعِم بِالذَّاتِ
هُوَ الله تَعَالَى, وَأَنْ لَا مَانِح وَلَا مَانِع فِي الْحَقِيقَة
سِوَاهُ, وَأَنَّ مَا عَدَاهُ وَسَائِط, وَأَنَّ الرَّسُول هُوَ الَّذِي
يُبَيِّن لَهُ مُرَاد رَبّه, اِقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَتَوَجَّه
بِكُلِّيَّتِهِ نَحْوه: فَلَا يُحِبّ إِلَّا مَا يُحِبّ, وَلَا يُحِبّ مَنْ
يُحِبّ إِلَّا مِنْ أَجْله، وَأَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّ جُمْلَة مَا وَعَدَ
وَأَوْعَدَ حَقّ يَقِينًا. وَيُخَيَّل إِلَيْهِ المَوْعُود كَالْوَاقِعِ,
فَيَحْسَب أَنَّ مَجَالِس الذِّكْر رِيَاض الْجَنَّة, وَأَنَّ الْعَوْد
إِلَى الْكُفْر إِلْقَاء فِي النَّار. ما يستنتج من الحديث:
أن للإيمان حقيقة وأسس كما أن له طعما حلوا من لم يتذوقه حرم الخير كله وليعلم أن في طاعاته خلل. وقال السندي في شرح سنن النسائي:
«حَلَاوَة الْإِيمَان» أَيْ اِنْشِرَاح الصَّدْر بِهِ وَلَذَّة الْقَلْب
لَهُ تُشْبِه لَذَّة الشَّيْء إِلَى حُصُول فِي الْفَم، وَقِيلَ
الْحَلَاوَة الْحُسْن، وَبِالْجُمْلَةِ فَلِلْإِيمَانِ لَذَّة فِي الْقَلْب
تُشْبِه الْحَلَاوَة الْحِسِّيَّة بَلْ رُبَّمَا يَغْلِب عَلَيْهَا حَتَّى
يَدْفَع بِهَا أَشَدّ المَرَارَات، وَهَذَا مِمَّا يَعْلَم بِهِ مَنْ
شَرَحَ الله صَدْره لِلْإِسْلَامِ، اللهُمَّ اُرْزُقْنَاهَا مَعَ الدَّوَام
عَلَيْهَا ( [1]).