وأخلف الله له أهله، كما قال سبحانه: ﴿ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 84]. قيل: أحياهم الله بأعيانهم، وقيل: عوضه الله عنهم في الدنيا بدلهم، وقيل غير ذلك، رحمة منا ورأفة وإحسانًا وذكر للعابدين [2]. ومن الدروس والعبر المستفادة من قصة نبي الله أيوب - عليه السلام -:
أولًا: ابتلاء الله تعالى لنبيه أيوب - عليه السلام -، وأن هذا البلاء لم يزده إلا صبرًا، واحتسابًا، وحمدًا، وشكرًا، حتى إن المثل ليضرب بصبره - عليه السلام -، ويضرب المثل بما حصل له من أنواع البلاء.
- قصه نبي الله ايوب عليه السلام
- دليل علي وجوب الحجاب - رقيم
- الحجاب (أدلة وجوب تغطية الوجه) - ملتقى الخطباء
قصه نبي الله ايوب عليه السلام
أنه عليه السلام، خُيِّر ما بين إحضار أولاده بذواتهم، أو تركهم في الجنة، على أن يؤتى له بأمثالهم، فاختار أن يبقوا في الجنة، وان يؤتى بمثلهم في الحياة الدنيا. أنَّ الله أعطاه أجر فقد أولاده في الحياة الآخرة، ورزقه الله تعالى بأمثالهم في الحياة الدنيا. ومع اختلاف الآراء، كان الاتفاق على أنه كوفئ بالمضاعفة من نعم الله تعالى المادية والمعنوية، على ما قدَّمه من صبر واحتساب في المدة التي ابتلاه الله بها، وأمَّا زوجته فقد أعيدت إلى مرحلة الشباب. نبي الله ايوب عليه السلام. [١٥]
العبر المستفادة من قصة أيوب عليه السلام
البلاء والامتحان يكونان في جانب العطاء والمنع، ليبتلى المسلم أيشكر في ما أنعم الله تعالى عليه أم يكفر، ويصبر في المحن أم يجزع، فيحرص على أن يؤدي ما عليه في الدنيا كما يرضي الله تعالى بالشكر أو بالصبر. [١٦]
ابتلاء الأنبياء أشد من ابتلاء غيرهم من البشر، فمنهم من ابتلي بزوجات غير صالحات، ومنهم من رزقه الله زوجة صالحة، فلا يجزع المسلم إذا امتحنه الله تعالى بزوجة غير صالحة. [١٦]
الإدراك بأنه مهما عظمت المحنة والبلاء فلا بدَّ في النهاية أن يأتي فرج من الله تعالى، فيحسن المسلم الصبر والاحتساب، ليلاقي الأجر في الحياة الدنيا والآخرة على الصبر والاحتساب.
أمّا بعد: كلّ من أصيبَ بمصيبةٍ وصبرَ عليها واحتسبَ واسترجعَ عوّضهُ الله خيرًا، جاءَ في الصحيحِ من حديثِ أُمّ سلمةَ -رضي الله عنها-: "مَا مِنْ مسلمٍ تُصِيبهُ مصِيبةٌ فيقولُ مَا أمَرهُ اللهُ إنّا لِلّهِ وإِنّا إليْهِ راجِعُونَ اللهُمّ أجرني في مُصيبَتي واخْلُف عليّ خيْرًا مِنْها، إلّا أخلَفَ اللهُ لهُ خَيْرًا مِنْها" قالتْ أمُّ سَلَمَةَ: فلمّا توفي أبو سلمةَ قلتُ: مَنْ خير من أبي سلمةَ صاحبُ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ ثم عَزَمَ الله علي فقلتُها، قالتْ: فتزوجتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- خيرًا من أبي سلمة. ينبغي للزوجاتِ أنْ يصبرنَ على مرضِ أزواجهنّ وعلى فقرهم، وأي شيء يعترض لهمْ في هذهِ الحياة؛ فالزوجة الصالحة الصادقة الصابرة الوفية لها في زوجة أيوب أسوة وقدوة؛ حيثُ صبرتْ واحتسبتْ، فكشفَ اللهُ الغُمّةَ وأزالَ الكُرْبَةَ. اللهُ -جلّ وعلا- يجعلُ لِأوليائِهِ من كلّ ضيقٍ مخرجًا، ومنْ كلّ همٍ فرجاً؛ فأيوبُ لما حلف أنْ يضربَ امرأتَهُ مائة سوطٍ جاءهُ الفرجُ من اللهِ أن يأخذَ ضِغثًا -وهو شِمراخُ النّخل-،ِ ويضربُها به ضربةً واحدةً ويكونُ هذا بمثابة الضرب مائة سوط، وهُنا بَرّ يمينه وهذا فضلٌ من اللهِ لهذهِ المرأة الصابرة البارّةُ الوفيةُ، قال تعالى: ( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)[ص:44]
الثناءُ على الأشخاصِ فيهِ قدوة لمنْ جاءَ بعدهم ليقتدوا بهم.
وأيضا الزينة في لغة العرب ما تتزين به المرأة، مما هو خارج عن أصل
خلقتها، كالحلي والثياب، فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة كالوجه
والكفين؛ خلاف الظاهر. ومنها: قوله تعالى: { وَإِذَا
سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ
ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}
[الأحزاب:53]، فهذه الطهارة ليست خاصة بأمهات المؤمنين، بل يحتاج
إليها عامة نساء المؤمنين، بل سائر النساء أولى بالحكم من أمهات
المؤمنين الطاهرات المبرءات. ومنها: قوله تعالى: { وَلْيَضْرِبْنَ
بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور:31]. وقد (روى
البخاري) عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لما أنزلت هذه الآية أخذن
أزرهن فشققنها من قبل الحواشى فاختمرن بها" قال الحافظ ابن حجر
(فاختمرن): أي غطين وجوههن. الحجاب (أدلة وجوب تغطية الوجه) - ملتقى الخطباء. ومنها: ما (روى الترمذي وغيره) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: " المرأة عورة فإذا خرجت
استشرفها الشيطان "، وهذا دليل على أن جميع بدن المرأة عورة
بالنسبة للنظر. ومنها: ما (رواه البخاري وغيره) عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: " لا تنتقب المرأة المحرمة ولا
تلبس القفازين "؛ قال الإمام أبوبكر بن العربي: "وذلك لأن سترها
وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج، فإنها ترخي شيئاً من خمارها على
وجهها، غير لاصق به، وتعرض عن الرجال ويعرضون عنها".
دليل علي وجوب الحجاب - رقيم
ثم ذكر حكمة ذلك فقال: " ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ " دل على وجود أذية ،إن لم يحتجبن ، وذلك لأنهن إذا لم يحتجبن ، ربما ظُن أنهن غير عفيفات ، فيتعرض لهن من في قلبه مرض فيؤذيهن. وربما استُهين بهن ، وظُن أنهن إماء ، فتهاون بهن من يريد الشر. فالاحتجاب حاسم لمطامع الطامعين فيهن. " وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً " حيث غفر لكم ما سلف ، ورحمكم ، بأن بيَّن لكم الأحكام ، وأوضح الحلال والحرام ، فهذا سد للباب من جهتين. وأما من جهة أهل الشر فقد توعدهم بقوله:
" لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ " أي: مرض شك أو شهوة.. دليل علي وجوب الحجاب - رقيم. " وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ " أي: المخوفون المرهبون الأعداء ، المتحدثون بكثرتهم وقوتهم ، وضعف المسلمين. لم يذكر المعمول الذي ينتهون عنه ، ليعم ذلك ،كل ما توحي به أنفسهم إليهم ، وتوسوس به ، وتدعو إليه من الشر ، من التعريض بسب الإسلام وأهله ، والإرجاف بالمسلمين ، وتوهين قواهم ، والتعرض للمؤمنات بالسوء والفاحشة ، وغير ذلك من المعاصي الصادرة ، من أمثال هؤلاء. " لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ " أي: نأمرك بعقوبتهم وقتالهم ، ونسلطك عليهم.
الحجاب (أدلة وجوب تغطية الوجه) - ملتقى الخطباء
فالمُفتَى به الآن على المعتَبَر من المذاهب الأربعة، هو وجوب تغطية
الوجه.
فإذا تقرر هذا؛ فالذي نراه لك هو وجوب تغطية الوجه، على المعتبر من
المذاهب الأربعة؛ لكثرة الفساد وانتشار الفساق، وتلصصهم على النساء
وما شابه. ولتعلمي أن النساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كن منتقبات؛ ومن
أجله نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن لبس النقاب عند الإحرام، إذا
لو لم يكن معروفاً لما نهاهم عنه؛ ومن ثَمَّ كان النساء يسدلن أثوابهن
على وجوههن بدلاً عن النقاب، قالت عائشة رضي الله عنها: " كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم محرمات؛ فإذا حاذونا، سدلت إحدانا جلبابها من رأسها
إلى وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه ". و(روى مالك) عن فاطمة بنت المنذر، أنها قالت: " كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت
أبي بكر الصديق، رضي الله عنهما ". وأما حديث حجة الوداع المشار إليه؛ فهو في (الصحيحين) عن عبد الله بن
عباس قال: " قال كان الفضل رديف رسول الله
صلى الله عليه وسلم فجاءت امرأة من خثعم وضيئة، فجعل الفضل ينظر إليها
وتنظر إليه، وجعل النبى صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق
الآخر "؛ ففيه: أن النبي أنكر على الفضل باليد فلوى عنقه ولم
يتركه كما ذكر في السؤال. وهذا الحديث قضية عين ولا يعم جميع الحالات، فهو يتعلق بمسألة جواز
كشف المرأة لوجهها في الحج من عدمه، ولا يعم غير الحج، كطواف النساء
مع الرجال لايجوز الاستدلال به على جواز اختلاط الرجال بالنساء فيما
سوى ذلك.