فإذا كان عِليةُ البشَر وخاصَّة الملائكة وعامَّة الجن لا يَعلمون الغيب، أفبَعد هذا يدَّعي دعيٌّ أنَّ فلانًا أو فلانة مهما كانت نوعيَّاتهم يعلمون غيبًا أيًّا كان شأنه؟! وإلَّا فإنْ أبَوا إلَّا زعمًا كهذا، فأرجو قبولَ اقتراحٍ أعرضه عليهم، والأمَل معقود على تنفيذه: ليخبرنا أهلُ الكشف والعرَّافون ومن على شاكلتهم عن أماكن البترول والخام من المعادِن في بلادنا، وعن منابع المياه في صحارينا لتكون الثروة الخضراء، ولا داعي لبيوت الخِبرة من الهيئات العالميَّة لتكون ثَرواتنا ملكًا خالصًا لنا، أو حتى يخبرنا أرباب المندَل عن مخازن الدَّمار التي أعدَّها العدوُّ للإجهاز على الآمنين الوادعين، أو عن نتائج المعارك الضارية بين إخوة الدم والدين، أو عن أسئلة الامتحانات ليطمئنَّ أُولو الأمر على فلذات أكبادهم.
حكم ادعاء علم الغيب
أما بعد: فإنَّ خيرَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالة في النار. حكم ادعاء علم الغيب. أيها المسلمون: إنَّ من المسائل العقدية التي بيَّنها الله -سبحانه وتعالى- في كتابه أتمَّ بيان، وأوضحها أتمَّ إيضاح، مسألة تفرده -سبحانه- بعلم الغيب وحده، قال تعالى: ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ)[النمل:65]، وقال تعالى: ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ)[الأنعام:59]. أيها المؤمنون: لقد نفى الله -عز وجلَّ- عن كلِّ أحدٍ -مهما علا قدرُه- معرفته بالغيب إلا بما أطلعه الله عليه، فهؤلاء الملائكة الذين لا يعصون الله شيئاً، ويفعلون ما يؤمرون، نفى الله عنهم علم الغيب، قال تعالى: ( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)[البقرة:31-32]. وبين الله -سبحانه وتعالى- أن الجنَّ لا يعلمون الغيب، فقال تعالى في قصّة موت سليمان -عليه الصلاة والسلام-: ( فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ)[سبأ:14].
فهو عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب، وإنما هو نذير وبشير لعباد الله. فالذي يدعي أنه يستخير للمريض، أو يستفتح للمريض أو يفكر للمريض حتى يعلم ما وراء
علم الأسباب، بل علم آخر وهو علم الغيب هذا لا يجوز، وهذا باطل، ومن يدعي علم الغيب
فهو كافر والعياذ بالله. أما إذا أراد أن يفكر وينظر في الدواء المناسب، وفي العلاج المناسب فهذا لا بأس به. فالطبيب قد يخفى عليه المرض فيفكر، وكذلك إذا استخار الطبيب ربه بصلاة ركعتين،
يستخير الله في كيفية علاجه فلا بأس، أما أن يستخير بمعنى ينظر في علم الغيب فهذا
باطل. حكم ادعاء علم الغيب. [1] سورة النمل الآية 65. [2] رواه أحمد برقم (5112). [3] سورة لقمان الآية 34. [4] سورة الأعراف الآية 188.
نصوص مصدرية من ويكي مصدر. في ظلال القرآن - سيد قطب. أضواء قرآنية في سماء الوجدان، محمد فتح الله كولن، دار النيل للطباعة والنشر، الطبعة الثانية، 1426 هـ - 2006 م، ص 348 – 349. بتصرف.
اقسم الله تعالى في قوله والضحى والليل اذا سجى - إسألنا
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى. [4]
فإن (ولسوف) عبارة تحتمل أن تكون للوعد أو للإخبار. فهنا يخبر الله رسوله، أو يعده، بأنه سيعطيه، وأن نتيجة ذلك العطاء ستكون هي الرضا المحقق. ويقدم له بعد ذلك علامات من التحسن التدريجي الذي حصل في حاله، لتكون دليلا على أن التحسن سيستمر إلى أن يبلغ الرسول مقام الرضا. وهذه العلامات هي أن الله وجده يتيما فآواه ووجده ضالا فهداه ووجده عائلا فقيرا فأغناه. وكل ذلك تطور ملموس في حاله يكفي للاطمئنان إلى حصول التطور نحو الأفضل فيما سيستقبل من حياته. وضحى والليل اذا سجل الزوار. ولم تحدد الآية هذا الرضا بسقف زمني، وإنما تتركه مفتوحا يمتد من لحظة الإخبار، أو الوعد، إلى ما بعدها، تماما كما جاء في انفتاح لفظ (الآخرة) في الآية التي قبلها. فالعطاء والرضا يحصل له ابتداء من الغد ويمتد إلى الأبد. إنه رضا متزايد باستمرار يرافقه في دنياه ويبلغ منتهاه في آخرته. وسواء كانت الآية إخبارا أو وعدا فالنتيجة واحدة؛ وهي أن العطاء والرضا سيحصلان حتما. والنتيجة واحدة لأن الذي صدر عنه الخبر أو الوعد هو الله، فخبره صادق، ووعده صادق وواقع لا محالة. بخلاف وعد البشر الذي قد يحتمل الوقوع وعدمه لأنه يحتمل الصدق والكذب.
الضُّحَى
الترتيب في القرآن
93
إحصائيات السورة
عدد الآيات
11
عدد الكلمات
40
عدد الحروف
164
السجدات
لا يوجد
عدد الآيات عن المواضيع الخاصة
تثبيت فؤاد الرسول وبعض التوجيهات. ترتيب السورة في المصحف
سورة الليل
سورة الشرح
نزول السورة
النزول
مكية
ترتيب نزولها
سورة الفجر
نص سورة الضحى في ويكي مصدر
السورة بالرسم العثماني
بوابة القرآن
تعديل مصدري - تعديل
سورة الضحى هي سورة مكية ، من المفصل ، آياتها 11، وترتيبها في المصحف 93، في الجزء الثلاثين ، بدأت بأسلوب قسم وَالضُّحَى ، نزلت بعد سورة الفجر. اقسم الله تعالى في قوله والضحى والليل اذا سجى - إسألنا. [1]
محتويات
1 سبب نزول السورة
2 محور مواضيع السورة
3 التفسير
4 وصلات خارجية
5 مصادر
6 المراجع
سبب نزول السورة [ عدل]
«اشتكى النبي فلم يقم ليلة أو ليلتين، فأتت امرأة فقالت، يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك، فأنزل الله عز وجل ( والضحى)» [2] قيل: أن المرأة هي العوراء بنت حرب زوج أبي لهب ، وهي حمالة الحطب. محور مواضيع السورة [ عدل]
يَدُورُ مِحْوَرُ السُّورَةِ حَوْلَ شَخْصِيـَّةِ النَّبِيِّ ﷺ ، وَمَا حَبَاهُ الَّلهُ بـِهِ مِنَ الفَضْلِ وَالإِنْعَامِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ؛ لِيَشْكُرَ الَّلهَ عَلَى تِلْكَ النِّعَمِ الجَلِيلَةِ.