حدَّثنا خلف بن أحمد، قال: حدَّثنا أحمد بن مُطَرِّف، قال: حدَّثنا سعيد بن عثمان، حدَّثنا يونس بن عبدالأعلى، حدَّثنا ابن وهب، قال: أخبَرني محمد بن مسلم عن أيوب السختياني، عن ابن سيرين، عن عائشة قالت: "ما كان شيءٌ أبغضَ إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الكذب، وكان إذا جرَّب من رجلٍ كذبةً، لَم تَخرج له من نفسه؛ حتى يُحدث توبةً". وقد رُوِي أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ردَّ شهادة رجلٍ في كذبة كذَبها، قال شَرِيك: لا أدري أكذبَ على الله أو رسوله، أو في أحاديث الناس؟"؛ انظر التمهيد. "وهكذا يُعلِّمنا هذا الحديث بُغضَ قول الزور، وعِظَمَ تلك الجريمة؛ لأنَّ المفاسد المترتِّبة عليها كثيرة، فقد يترتَّب على قول الزور أكْلُ أموال الناس بالباطل، أو سَفكُ الدماء، أو الخَوْض في الأعراض، ولا شكَّ أنَّ هذه المعاصي من أكبر الكبائر". ألا أنبئكم بأكبر الكبائر - منتديات برق. والحمد لله ربِّ العالمين.
ألا أنبئكم بأكبر الكبائر - منتديات برق
وقال الزجاج: المراد بقول الزور ها هنا: تحليلهم بعضَ الأنعام، وتحريمهم بعضها، وقولهم: هذا حلال، وهذا حرامٌ، وقيل: المراد به شهادة الزور". وقال أيضًا: "وأخرَج أحمد والترمذي، وابن جرير وابن المنذر، وابن مردويه عن أيمن بن خُرَيم قال: قام رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - خطيبًا، فقال: ((يا أيها الناس، عَدَلت شهادة الزور شِركًا بالله)) ثلاثًا، ثم قرأ: ﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾ [الحج: 30]". وعن ابن مسعود أنه قال: "شهادة الزور تَعدِل الشِّرك بالله"، ثم قرَأ الآية السابقة. قال صاحب تُحفة الأحوذي عن تَكرار قول الزور ثلاثًا، وعدم تَكرار الشِّرك والعقوق:
"وسببُ الاهتمام بذلك كونُ قول الزور أو شهادة الزور أسهل وقوعًا على الناس، والتهاون بها أكثر، فإنَّ الإشراك يَنبو عنه قلبُ المسلم، والعقوق يَصْرِف عنه الطَّبعُ، وأمَّا الزور فالحوامل عليه كثيرة؛ كالعداوة والحسد، وغيرهما، فاحْتِيج إلى الاهتمام بتعظيمه، وليس ذلك لعِظَمهما بالنسبة إلى ما ذُكِر معها من الإشراك قَطعًا، بل لكون مَفسدة الزور مُتعدِّيةً إلى غير الشاهد، بخلاف الشِّرك، فإنَّ مَفسدته قاصرة غالبًا".
وفي الحَديثِ: التحذيرُ مِن هذه الكبائِرِ التي تُورِدُ صاحِبَها المهالِكَ.
"أصبح اليوم وليدٌ هائماً بالغانيات... عنده طاسٌ وإبريقٌ وراحَ بالفلاةِ"، بيت الشعر هذا، يُنسب إلى الخليفة الأموي الحادي عشر؛ الوليد بين يزيد بن عبدالملك (706-744م)، أو الوليد الثاني، الذي حكم عاماً واحداً فقط، لُقب فيه بألقابٍ عديدة، كالفاتك، وأبي العباس، لكن أشهر ألقابه على الإطلاق، كان "خليع بني مروان". اقرأ أيضاً: التاريخ الإسلامي: قراءة واعية أم انتقائية منحازة؟
وبصفته واحداً من الخلفاء في عصور الإسلام الأولى، فإنّ سيرته الشخصية وأعماله الخاصة، طغت على سيرته السياسية وأسلوب حكمه لبلاد الإسلام في زمنه، كما إنّه رمي بالمجون والزندقة وغيرها من صفات، ولم يتطرق العديد من مؤرخي الإسلام إلى إنجازاته إن وجدت، وتم نفيه خارج الإطار المقدس لسيرة العديد من الخلفاء، وارتباط حكمهم بالدين ، رغم أنّ الكثير من الوقائع المؤرخة، تشير إلى أن حكم خلفاء الإسلام كان سياسياً بامتياز. بنو أمية المضطربون
إذا كانت سيرة الخليفة الوليد مرتبطة بالنساء والخمر وملذات الحياة ، فإنّ سيرة من سبقوه من خلفاء بني أمية، تتميز بالعديد من التناقضات والغموض، التي غطّتها الفتوحات والحروب سواء انتصر فيها المسلمون أم لم ينتصروا، فها هو الخليفة المؤسس معاوية ابن أبي سفيان، يلقى في كتاب "تاريخ الخلفاء" لمؤلفه جلال الدين السيوطي، العديد من المواقف التي تؤكد عدم الإجماع عليه دينياً بوصفه "خليفة الله" بعد رسوله الكريم، أو بوصفه حاكماً يحوز من النسب والتاريخ ما يؤهله ليحكم المسلمين.
أفعال الوليد بن يزيد
الوليد بن يزيد: الوليد الثاني
التعريف بالوليد الثاني:
هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، أبو العباس الأموي الدمشقي. بويع له بالخلافة وهو بدمشق بعد وفاة عمه هشام بعشرة أيام. نشأ الوليد نشأة عابئة، وتبالغ بعض المصادر في وصف سلوكه في حين تنفي بعض المصادر الأخرى عنه ذلك وتصفه بالخليفة المجمع عليه. ويبدو أن وراء حملة التشهير التي تعرض لها أهدافاً سياسية. فقد استغل عمه هشام ما اشتهر به من العبث، فسهل له سبل اللهو والمجون آملاً:
- أن ينساق في هذا المسلك وينشغل عن المطالبة بالخلافة. - أيغار صدور الناس عليه بتكوين رأي عام معارض. - أن يجره هذا الانسياق في سلوكية مذمومة، تبرر خلعه من ولاية العهد، بفعل أن هشاماً أراد أن يكون الأمر من بعده لابنه مسلمة، وقد صادف هذا الأمر هوى في نفس الوليد الذي كان ممن يحبون اللهو. ويلاحظ أن الحملة التشهيرية ضده بدأت في أثناء خلافة عمه هشام، في الوقت الذي كان هو ولياً للعهد ورفض طلب عمه أن يتنازل عن ولاية العهد لصالح ابنة مسلمة. ونتيجة للضغط الذي تعرض له، خرج الوليد من دمشق، ونزل قصر الأزرق في الصحراء. ولم يزل مقيماً فيه حتى توفي هشام.
الوليد بن يزيد بن عبدالملك
أظهر يزيد الثالث التقوى خلال حكمه، وتشبَّه بعمر بن عبد العزيز؛ وسمي بالناقص لأنه أنقص أعطيات الجند والناس ما زاده الوليد الثاني معتقدًا أنها مرتفعة، وأكثر مما يستطيع بيت المال تحملها، وردها إلى ما كانت عليه في عهد هشام. الأوضاع العامة في عهد يزيد الثالث
تعتبر الأوضاع العامة للخلافة أثناء ولاية يزيد الثالث استمرارًا لفاتحة الاضطرابات، التي ابتدأت على إثر مقتل الوليد الثاني، والتي أدت إلى تصدع بني أمية، ومن ثَمَّ زوال دولتهم. وقد مرت أحداث عهده بمرحلتين متميزتين: تضمنت المرحلة الأولى أحداث ذيول مقتل الوليد الثاني، وما أثارته من ردود داخل البيت الأموي في حين تضمنت المرحلة الثانية صدًى لأحداث التغييرات في المناصب الإدارية وما كان لها من آثار سلبية على مسيرة الحكم من جهة، وانعكاسات سيئة على الأوضاع الداخلية من جهة أخرى. والواقع أن يزيد الثالث لم يكن الشخصية التي يجمتع حولها كافة أفراد البيت الأموي، ويبدو أن عدم وجود مثل هذه الشخصية، إضافةً إلى تفشي روح الفردية كانا من الأسباب البارزة في استمرار الصراع. فما أن اعتلى يزيد الثالث الخلافة حتى قامت المعارضة العنيفة في وجهه، وتزعمها أبناء عمومته، كما ثارت عليه الأقاليم الشامية، وكان أول إقليم هَبَّتْ منه الثورة هو (حمص) فقد أخذ أهله يبكون على مقتل الوليد، ورفضوا البيعة ليزيد، وكاتبوا أهل الأجناد، ودعوهم للطلب بدم الوليد، وانضم إليهم يزيد بن خالد بن يزيد بن معاوية، وقرروا السير إلى دمشق، ولكن يزيد علم بخبرهم، فعاجلهم بجيشين على رأس أحدهما ابن عمه عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك، وعلى الآخر سليمان بن هشام بن عبد الملك، فاستطاعا هزيمة أهل حمص، وأخذا يزيد بن خالد وأبا محمد السفياني أسيرين إلى دمشق، فحبسهما يزيد.
[ ص: 372] قال الضحاك بن عثمان الحزامي: أراد هشام خلع الوليد ، فقال الوليد: كفرت يدا من منعم لو شكرتها جزاك بها الرحمن ذو الفضل والمن رأيتك تبني جاهدا في قطيعتي ولو كنت ذا حزم لهدمت ما تبني أراك على الباقين تجني ضغينة فيا ويحهم إن مت من شر ما تجني كأني بهم يوما وأكثر قيلهم ألا ليت أنا حين يا ليت لا تغني قال حماد الراوية: كنت عند الوليد بن يزيد ، فقال منجمان له: نظرنا فوجدناك تملك سبع سنين ، فقلت: كذبا ، نحن أعلم بالآثار ، بل تملك أربعين سنة ، فأطرق ثم قال: لا ما قالا يكسرني ، ولا ما قلت يغرني ، والله لأجبين المال من حله جباية من يعيش الأبد ، ولأصرفنه في حقه صرف من يموت الغد. وعن العتبي: أن الوليد رأى نصرانية اسمها سفرى ، فجن بها ، وراسلها فأبت. قال المعافى: جمعت من أخبار الوليد وشعره الذي ضمنه ما فجر به من خرقه وسخفه وحمقه ، وما صرح به من الإلحاد في القرآن والكفر بالله. أحمد بن زهير: حدثنا سليمان بن أبي شيخ ، حدثنا صالح بن سليمان ، قال: أراد الوليد بن يزيد الحج ، وقال: أشرب فوق الكعبة ، فهم قوم بقتله ، فحذره خالد القسري ، فقال: ممن ؟ فامتنع أن يعرفه ، قال: لأبعثن بك إلى يوسف بن عمر. قال: وإن ، فبعث به إليه فعذبه ، وأهلكه.