المفردات:
يقضى
عليه: يحاكم ويحاسب. استشهد:
نال الشهادة فيما يبدو للناس أنه قُتل في سبيل الله. جــريء:
شجاع. سحــب:
جر مبطوحًا على بطنه ووجه بعنف وشدة إهانة له. القــي:
قذف ورمي في النار. أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء - معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد. أصناف
المال: أنـواعـه. جـــواد:
سخي كريم. المعنى الإجمالي:
إن
في مصير هؤلاء الثلاثة الأشقياء لعبرة وذكرى لمن كان له قلب أو القى السمع وهو
شهيد. ما بالهم وما الذي دهاهم. اليس الجهاد في سبيل الله أفضل الأعمال؟ اليس هو
ذروة سنام الإسلام؟ اليس للمجاهد في سبيل الله مائة درجة ما بين الدرجتين كما بين
السماء والأرض؟ اليس الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، ويسرحون في الجنة حيث شاءوا؟
أليس
العلماء ورثة الأنبياء؟ ألم يقل الله: { يَرْفَعِ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}
[المجادلة: ١١]. وهذا
المتصدق المحسن الذي لا يترك سبيلًا يحبها الله إلا أنفق فيها أليس الله يثيب على
الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة؟ خصوصًا إذا كان البذل في
سبيل الله، ألم يحث ربنا على البذل والإنفاق في سبيله؟
فما الذي أصابهم وجعلهم أول من يقضى عليه ويقذف به في نار جنهم -أعاذنا الله من
هذا المصير- لقد بين رسول الله سبب مصيرهم هذا وهو أنهم لم يخلصوا لله في هذه
الأعمال التي تبدو للناس أنها عظمية، ولم يريدوا بها وجه الله.
- أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء - معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
- «وأذِّن في الناس بالحج»
- وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق
- إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الحج - قوله تعالى وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا - الجزء رقم9
أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء - معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
تقول التقارير إنّ العلماء يبحثون منذ سنوات في أسلوب علمي لإنقاذ كوكب الأرض من كارثة لا نجاة منها إلا بمعجزة.
يبقى الاحتمال الثالث هو الأكثر ورودا في أجندة العلماء والخبراء في البلدان المتابعة لهذه الظاهرة، وأعني بها أمريكا والصين واليابان وألمانيا.. لأن بقية بلدان آسيا وأوروبا الشرقية مشغولة بأنف الإوزة (الأنفلونزا) ومتحزوّرات كورونا، ولم تنتبه إلى هذا الوافد المحيّر من نهايات الكون. ورغم أنني أدرك جيدا أنني تسللت عن قصد لفضاء الأستاذ أنيس منصور الذي خاض طويلا في هذه الظواهر المحيرة، وإلى عالم الدكتور فاروق الباز الذي يقضي ثلاثة أرباع وقته معلّقًا في الفضاء وظواهره الغامضة.. فأنا أعرف أن من واجب الإنسان أن ينبه إلى خطر داهم ولو على بُعد خمس سنوات.. ولا نملك إلاّ الدعاء للنجاة من نيزكٍ مُنفلتٍ لا يعنيه عُطارد أو الزّهرة أو.. الأرض!
الرابعة: قال بعضهم: إنما قال ( رجالا) لأن الغالب خروج الرجال إلى الحج دون الإناث ؛ فقول ( رجالا) من قولك: هذا رجل ؛ وهذا فيه بعد ؛ لقوله: وعلى كل ضامر يعني الركبان ، فدخل فيه الرجال والنساء. ولما قال تعالى: ( رجالا) وبدأ بهم دل ذلك على أن حج الراجل أفضل من حج الراكب. قال ابن عباس: ما آسى على شيء فاتني إلا أن لا أكون حججت ماشيا ، فإني سمعت الله - عز وجل - يقول: يأتوك رجالا. وقال ابن أبي نجيح: حج إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ماشيين. وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق. وقرأ أصحاب ابن مسعود ( يأتون) وهي قراءة ابن أبي عبلة والضحاك ، والضمير للناس. الخامسة: لا خلاف في جواز الركوب والمشي ، واختلفوا في الأفضل منهما ؛ فذهب مالك ، والشافعي في آخرين إلى أن الركوب أفضل ، اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولكثرة النفقة ولتعظيم شعائر الحج بأهبة الركوب. وذهب غيرهم إلى أن المشي أفضل لما فيه من المشقة على النفس ، ولحديث أبي سعيد قال: حج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مشاة من المدينة إلى مكة ، وقال: اربطوا أوساطكم بأزركم ومشى خلط الهرولة ؛ خرجه ابن ماجه في سننه. ولا خلاف في أن الركوب عند مالك في المناسك كلها أفضل ؛ للاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم.
«وأذِّن في الناس بالحج»
وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: عهدنا إليه أيضا أن أذّن في الناس بالحجّ: يعني بقوله: (وأذّنْ) أعلم وناد في الناس أن حجوا أيها الناس بيت الله الحرام ( يَأْتُوكَ رِجالا) يقول: فإن الناس يأتون البيت الذي تأمرهم بحجه مشاة على أرجلهم ( وَعَلى كُلّ ضَامِر) يقول: وركباناً على كلّ ضامر ، وهي الإبل المهازيل ( يَأْتِينَ مِنْ كُلّ فَجّ عَمِيق) يقول: تأتي هذه الضوامر من كل فجّ عميق: يقول: من كلّ طريق ومكان ومسلك بعيد. وقيل: يأتين. فجمع لأنه أريد بكل ضامر: النوق. ومعنى الكلّ: الجمع، فلذلك قيل: يأتين. وقد زعم الفراء أنه قليل في كلام العرب: مررت على كلّ رجل قائمين. قال: وهو صواب، وقول الله " وَعَلى ضَامِرٍ يَأْتينَ" ينبىء على صحة جوازه. وذُكر أن إبراهيم صلوات الله عليه لما أمره الله بالتأذين بالحجّ, قام على مقامه فنادى: يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا بيته العتيق. «وأذِّن في الناس بالحج». وقد اختُلف في صفة تأذين إبراهيم بذلك. فقال بعضهم: نادى بذلك كما حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن قابوس, عن أبيه, عن ابن عباس, قال: لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قيل له: ( أذّنْ فِي النَّاسِ بالحَجّ) قال: ربّ ومَا يبلغ صوتي؟ قال: أذّن وعليّ البلاغ فنادى إبراهيم: أيها الناس كُتب عليكم الحجّ إلى البيت العتيق فحجوا- قال: فسمعه ما بين السماء والأرض, أفلا ترى الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبون.
وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق
قال: لما أمر إبراهيم - عليه السلام - أن يؤذن في الناس بالحج خفضت الجبال رءوسها ورفعت له القرى ؛ فنادى في الناس بالحج فأجابه كل شيء: لبيك اللهم لبيك. وقيل: إن الخطاب لإبراهيم - عليه السلام - تم عند قوله: ( السجود) ، ثم خاطب الله - عز وجل - محمدا - عليه الصلاة والسلام - فقال وأذن في الناس بالحج أي أعلمهم أن عليهم الحج. وقول ثالث: إن الخطاب من قوله: أن لا تشرك مخاطبة للنبي - صلى الله عليه وسلم -. وهذا قول أهل النظر ؛ لأن القرآن أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فكل ما فيه من المخاطبة فهي له إلا أن يدل دليل قاطع على غير ذلك. وهاهنا دليل آخر يدل على أن المخاطبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو أن لا تشرك بي بالتاء ، وهذا مخاطبة لمشاهد ، وإبراهيم - عليه السلام - غائب ، فالمعنى على هذا: وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت فجعلنا لك الدلائل على توحيد الله تعالى وعلى أن إبراهيم كان يعبد الله وحده. وقرأ جمهور الناس ( بالحج) بفتح الحاء. وقرأ ابن أبي إسحاق في كل القرآن بكسرها. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الحج - قوله تعالى وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا - الجزء رقم9. وقيل: إن نداء إبراهيم من جملة ما أمر به من شرائع الدين. والله أعلم. الثالثة: قوله تعالى: يأتوك رجالا وعلى كل ضامر وعده إجابة الناس إلى حج البيت ما بين راجل وراكب ، وإنما قال ( يأتوك) وإن كانوا يأتون الكعبة لأن المنادي إبراهيم ، فمن أتى الكعبة حاجا فكأنما أتى إبراهيم ؛ لأنه أجاب نداءه ، وفيه تشريف إبراهيم.
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الحج - قوله تعالى وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا - الجزء رقم9
وكذلك ما كان البيتُ مُقدَّساً، ولا كانت عرفات مُقدَّسة لترابها وأحجارها ومَدَرِها، إنَّما كان التقديس لما تحويه من ذكريات، هي آيات الله سبحانه في نبوَّاته، فالذي بناه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، وقد أنزل الله سبحانه و تعالى عليه الحنيفيَّة السمحة وهي الشريعة الخَالدة الجَامعة إلى يوم القيامة؛ ولقد كانت هي الإسلام كما قال سبحانه وتعالى: [مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ] {آل عمران:67}. فإذا كان ذلك البيت مَثَابة للناس وأَمْناً وحَرَماً مُقدَّساً يأتي إليه الناس من كل فجٍّ عميق، فذلك لأنَّه أقدم مَكَان مَعْروف، كان لعبادة الله سبحانه وتعالى الخالصة: [وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ] {البقرة:128} فالحج إليه وقصده هو لرؤية المكان الذي بناه خليل الله، بعناية الله وأمره، ففيه تذكير للمسلم بأن الإسلام هو شريعة الجميع، وهو دعوة النبيين أجمعين، لأنه دعوة أبيهم إبراهيم عليه السلام.
ولذلك الآن بعد أن انفتحت الفضائيات وأصبحت وزارة الشؤون الاسلامية الآن تبثّ هذه الشعائر على القنوات الفضائية أصبح العالم الآن يتجه ويتابع هذه الأحداث وأحداث هؤلاء الملايين الذين يأتون من كل فج عميق كما ذكر الله سبحانه وتعالى (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ). الحج يُطلق في العربية على القصد مطلقاً فيقال حجّ فلان إلى مكة بمعنى أنه قصدها ثم يقولون قبل الإسلام أصبح يطلق الحج على القصد المُعظّم فيقولون حجّ إلى الخليفة بمعنى قصد عظيماً ثم لما جاء الإسلام أصبح الحجّ يُطلق على قصد بيت الله الحرام لأداء هذه الشعيرة في وقت محدد في السنة يسمى حجاً. وفائدة في القرآن الكريم ينبغي أن نركز عليها أن القرآن الكريم جاء بألفاظ شرعية ومعاني إسلامية جديدة، الحج معروف عند العرب أنه القصد إلى معظّم لكن هل العرب يعرفون أن الحج هو القصد إلى مكة لأداء شعيرة؟ كلا، إذن جاء القرآن بهذا المعنى الجديد للحج كما جاء به للصيام كما جاء به للصلاة وهكذا.